الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سوريا بين خيارين فقط (2) ماذا لو كان الحسم للفصائل الإسلاموية؟

علاء الدين الخطيب

2014 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الجزء الاول من المقال موجود على الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=407762

توضيح ضروري:النظام هنا هو قمة السلطة وليس الدولة السورية أو أفراد الجيش السوري النظامي، والفصائل الاسلاموية هي قادات وممولي ومحرضي الجماعات الجهادوية ذات الهدف الطائفي "جهاد ضد الشيعة والعلويين"وليس شباب سورية المخدوع بها.
متابعة لمقالنا السابق حول الفرضية التي تقول بالحسم العسكري في سوريا، والتي أراها مستحيلة لكن نقاشها أضحى ضرورة كبيرة لكونها الأكثر رواجا إعلاميا داخل وخارج سوريا وتحدد مواقف الكثيرين من السوريين. أذكر القاريء الكريم أني هنا لا أطرح حلا بل نقاشا لفكرة تنخر جسد سوريا بسبب انتشارها.
لو حصل المستحيل واختل ميزان الصراع الدولي واستطاعت الفصائل الإسلاموية حسم المعركة عسكريا في سوريا أو ما قد يسميه البعض انتصار المعارضة أو ما قد يُدعى انتصار الثورة، فما الذي سيكون بسوريا بعدها؟ هذا السؤال سنتناوله أيضا من موقف غير عاطفي بل موضوعي وعلمي.
بداية ولمنع سوء الفهم، الفصائل الاسلاموية هنا غير ما عرفه السوريين في 2012 من الجيش الحر. هي باختصار الفصائل التي تحمل شعارا جهادويا يعتمد "جهاد السنة ضد الشيعة والعلويين" والتي تتلقى دعمها وأوامرها من معسكر السعودية وقطر وتركيا ومن خلفهم المعسكر الغربي. والوصول لحسم عسكري يهزم النظام بشكل كامل سيكون حتما بسبب القرار الدولي لمصلحة ومن خلال الفصائل الإسلاموية. ونتكلم هنا عن الجماعات السنية الاسلاموية لأن الجماعات الشيعية الاسلاموية محسوبة على معسكر النظام.
ستعمد هذه الفصائل كعادتها للقبول بواجهة سياسية غير منظمة معها من وجوه المجلس والائتلاف الوطني بشكل اساسي، وهنا قد يغامر الاخوان المسلمون بتصعيد بعض وجوههم للصفوف الأمامية. هذه الحكومة والرئيس الجديدان سيكونان بواقع الحال شكلا إعلاميا للمنتصر عسكريا وهو الفصائل الإسلاموية. ما الذي يمكن أن يحصل تاليا؟
* أولا، بدون الخوض بتفاصيل الفروقات بين جماعات الفكر الاسلاموي السياسي يمكن بتبسيط الصورة في سوريا تبسيطا غير جائر القول، إن هذه الجماعات أساسا منقسمة من حيث التوجه لتيارين أساسيين هما:
-;- التيار الديماغوجي أو المناور تحت غطاء الغاية تبرر الوسيلة، وهو تيار يمثله أساسا الإخوان المسلمون.
-;- التيار الراديكالي أو المتعصب السلفي، ونقصد هنا المتبني لفكر القاعدة الجهادوي ولمنهج التكفير السهل. مثل حزب التحرير الإسلامي وجماعات النصرة وداعش والجيش الإسلامي وغيرهم.
التصنيف الثاني هو وفق الولاء السياسي لهذه المجموعات وهو التصنيف الأهم. هنا تختلط التيارات مع بعضها. في سوريا يوجد تيارين:
-;- تيار موالي ومُموّل ماليا وإعلاميا من قبل النظام القطري ومتحالف معه، ومن أشهرهم جزء كبير من الإخوان المسلمين عبر لواء التوحيد وجبهة النصرة.
-;- تيار موالي ومُموّل ماليا وأعلاميا من قبل النظام السعودي ومتحالف معه، ومن أشهرهم حزب التحرير والجيش الإسلامي أو الجبهة الإسلامية.
هذه التصنيفات بالطبع ليست حادة لكنها تقدم صورة الغالبية. فالمعروف عن داعش مثلا أنها نشأت تحت عيون وبرعاية لواء التوحيد والنصرة، ثم تحاربت معهم، ثم ظهرت تقارير كثيرة تؤكد اختراقها من قبل النظام السوري، ثم نسمع قادات النصرة يغازلونها. في هذه الفوضى من الطبيعي أن تتداخل كل المخابرات الدولية ضمن كل المليشيات المقاتلة بشكل كبير.
إذا فإن بذور الشقاق والخلافات بين هذه الجماعات موجودة أصلا منهجيا وفكريا، والأهم تمويليا.
* ثانيا، دون الغوص عميقا بالتاريخ من يوم معركة صفين. يكفي النظر الآن لحال العديد من البلاد التي يحكمها أو يؤثر بها التيار الإسلاموي السياسي لنرى أن اتفاق هذه الأحزاب مستحيل كاستحالة اتفاق الأحزاب القومية بهذه المنطقة. صحيح أنها كلها نزاعات سلطة ومال لكن غطاءها وحاملها الشعبوي يبقى اسلامويا. فبإحصاء سريع نجد النزاعات والحروب التالية بوقتنا هذا: حرب الصومال الممتدة منذ 20 سنة هي حرب تحت اختلاف النهج الأصلي للصوماليين (الأشعرية) وبين التيار الوهابي السلفي، وحرب الإخوان بمصر مع السلفيين التي كانت أحد أسباب سقوط الإخوان، وحرب طالبان والقاعدة مع باقي الأفغان، وحروب داعش العراق مع بقية القبائل السنية. والأهم ضمن هذه المعارك الحرب الإعلامية بين كل هذه المجموعات، حرب إعلامية شرسة هي أساس التجييش وغسل عقول أفرادها. طبعا هذه الأمثلة لا تشمل حروب الجماعات بسبب الطوائف.
بالنتيجة، إن عوامل تفكك وتقاتل هذه الجماعات قائمة بقوة ولا يظهر أي مؤشر حقيقي على إمكانية توحدها أو التنسيق فيما بينها.
* ثالثا، الجماعات الإسلاموية السياسية كلها لا تمتلك أي نظرية أو منظومة متماسكة لتأسيس دولة بالقرن 21. ودون الخوض بمتاهات هذا النقاش الذي يملء الفضاء الآن، لننظر للواقع من خلال محورين أساسيين:
-;- لا تعترف غالبية الاسلاموية السياسية باي نموذج حالي يمكن القياس عليه، لا بالنظام السعودي أو الإيراني أو الأفغاني ولا بغيرهم. البعض يتمثل النظام التركي الحالي! لكن هذا النظام بالواقع هو نظام رأسمالي نيوليبرالي علماني يعتمد إقتصاد السوق الحرة وكل الاتفاقيات العالمية، ولا يمت للنظرية الإسلاموية السياسية المعروفة سوى بحجاب زوجة رئيس الوزراء أردوغان (ومع ذلك يراه كثيرون ليس حجابا شرعيا).
-;- لننظر لمن توصل منهم للحكم على ظهر الثورات العربية. في مصر، لم يقدم الإخوان المسلمون مع حلفائهم السلفيين خلال سنة أي مؤشر حقيقي على خطة إقتصادية وإجتماعية متمايزة عمن سبقها أو جاورها، بالعكس بل بدؤوا بنقض المعلن من اساسيات منهجهم فكان اهم عملهم الركض خلف قرض كبير من صندوق النقد الدولي رغم تحريمهم له أيام مبارك. أما بليبيا فالحال أكثر مأساوية من إطالة الكلام. في تونس وببساطة تقبل حزب النهضة كل أساسيات الدولة التونسية ذات النظام الرأسمالي النيوليبرالي الديمقراطي وفضل إبقاء الشعار الإسلاموي مجرد واجهة إعلانية.
يدّعي التيار الإخواني أن ما حصل بمصر هو مؤامرة كونية على الإخوان. حسنا لنقبل تبرير المؤامرة الاسطوري هذا، فهل سنقبل بحزب لا يستطيع مواجهة المؤامرة وحياة بلادنا كلها مؤامرات؟ ولنصغ السؤال بطريقة أخرى: هل يقبل الله عز وجل تبرير مؤامرة وكيد الشيطان للعاصي عندما يعصي؟
بالنتيجة، الجماعات الإسلاموية السياسية لا تمتلك أسس ومقومات بناء الدولة في القرن 21 على الأقل بسبب فشلها كلها أمام اختبارات الواقع.
* رابعا، لننظر للدول الداعمة والمموّلة لهذه الجماعات. كما ناقشنا احتمال انتصار النظام. أيضا بالنسبة لدول المعسكر المقابل فأنظمتها في السعودية وقطر والكويت هي أنظمة شمولية وراثية فاسدة غير مؤهلة لتقديم أي خبرة ببناء الدولة الحديثة، وحتى النظام التركي يسارع الخطى نحو الديكتاتورية. أضف لذلك فلا مصلحة لهذه الدول في تاسيس دولة حديثة في سوريا بما قد ينعكس سلبا على هذه النظم بسبب التأثير المعنوي الكبير لسوريا. هذا الكلام بغض النظر عن السياسة الأمريكية والإسرائيلية خلف هذا المعسكر. الأهم في المعسكر أنه أكثر تفككا من المعسكر المقابل فخلافات السعودية ومصر مع قطر وتركيا تتصاعد بسرعة كبيرة تهدد هذا المعسكر بكامله إقليميا. أضف لذلك أن هذا المعسكر الإقليمي وخاصة السعودية وقطر يعاني من مشاكل داخلية خطيرة لم يستطع للآن معالجتها سوى بأسلوب التصدير للخارج.
* خامسا، معسكر الدول المنهزم إيران وروسيا والصين لن تقف مستسلمة أمام خسارة المعركة وستعيد الدخول لضمان عدم حصول الاستقرار في سوريا. خاصة وأن وصول هذه الجماعات الإسلاموية سيقدم محرضا وتبريرا إعلاميا طائفيا بالدرجة الأولى للتدخل. وتجربة تدخل إيران في العراق ما زالت شاهدة على قوة وعنف هذا التدخل.
* سادسا، الواجهة السياسية للحكم الجديد ستتكون غالبا من قيادات المجلس والائتلاف الوطني السوري. هذان الجسدان أثبتا بشكل كامل أنهما يفتقران للحد الأدنى من الخبرة السياسية والإدارية والرؤية المستقبلية بالإضافة لظهور خلافات حادة عميقة بين مكوناتهما، مما يؤدي بالنتيجة لواجهة سياسية منهارة حكما.

بالنتيجة النهائية، بفرض تحقق هذا الاحتمال المستحيل بانتصار الجماعات الإسلاموية الجهادوية عسكريا ومع غطاء سياسي من قبل المجلس والائتلاف الوطني، فإن هذه الجماعات غير مؤهلة بنيويا وتمويليا وفكريا لتجنب الاقتتال الداخلي فيما بينها وبنفس الوقت لا تملك رؤية متماسكة لإنشاء دولة، كما أن الصراع بين الدول الداعمة لها ضد معسكر النظام وحلفائه سيطيح بأي استقرار ممكن. كل ذلك سيقود موضوعيا إلى انهيار هذا الحكم بسرعة قياسية وعودة المأساة للتفجر من جديد.
ختاما، في هذين المقالين (السابق وهذا) لم نناقش العامل الأهم في المعادلة وهو الشعب السوري لأننا نتكلم هنا أساسا عن الصراع الدولي الشرس على سوريا. سنفرد المقال القادم للكلام عن موقف الشعب السوري ودوره في حال تحقق أحد هذين الاحتمالين المرّين.
بقيَ أن نذكِّر القاريء الكريم أن هذين المقالين ليسا "حلولا" ولا "توقعات"، بل مناقشة موضوعية لفكرة هدامة انتشرت بقوة في الشارع السوري والعربي والدولي تختصر المأساة السورية بين النظام الحالي وبين المجموعات الإسلاموية الجهادوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة