الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتحاد الديمقراطيين السوريين / أفكار أولى حول التجربة

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2014 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


هل يتدارك الديمقراطييون السوريون الوقت .. ويعيدون ترتيب دورهم الوطني في إطار المعارضة السورية؟
___________________________________________________________

يعقد اتحاد الديمقراطيين السوريين مجلس أمانته العامة، بعد ستة أشهر على المؤتمر التأسيسي في اكتوبر 2013، وسط استحقاقات تتصل بالإتحاد من حيث وظيفته كتجمع سياسي، ودورة الوطني، في ظل التطورات الهامة على صعيد الأداء السياسي لقوى المعارضة السورية، والاستحقاقات الإقليمية والدولية، بالإضافة لإشكاليات داخلية تتصل بمنهجية الإتحاد وطرائق عمله، وأطره التنظيمية.
أسئلة مبكرة
يبدو السؤال الأكثر أهمية عما إذا كان الإتحاد قد تمكن خلال الفترة الماضية من أن يكون ملتقى جامعاً حقيقياً وفعالاً للقوى الديمقراطية السورية، ومدى اقترابه من الوصول الى تحالف وطني عريض يخدم أهداف السوريين، وفقاً لما نصّ عليه الفصل الثامن من النظام الداخلي للإتحاد.
لاشك في أن طرح مثل هذا السؤال هو اقرب للعبث، من انتظار إجابة عليه في ظل معطيات الحالة السورية الراهنة بصورة عامة ، وواقع الإتحاد بصورة خاصة. والهدف هو التحسيس بمدى جسامة المهام المنوطة بالإتحاد وأهميتها، في وقت يمر فيه بناء البيت الداخلي بظروف قلقة في انعكاس تاثيري متبادل، مع البيئة السياسية والتنظيمية العامة لقوى المعارضة السورية، اليوم.
المشهد السياسي
لقد شهدت الأشهر الستة المنصرمة تطورات سياسية وميدانية هامة، بل ومفصلية في حياة السوريين، أهمها انحسار تيار العمل المدني وتحجيم دوره في المناطق " المحررة " بصورة كاملة، وهو في الواقع لم يلق من الدعم والمساندة الملائمة والموضوعية "سياسياً ومادياً " بشكل مؤسساتي، سواء أكان من قوى المعارضة، أم من المؤسسات الإقليمية والدولية، المتوجهة بأنشطتها لدعم الثورة السورية، كما يفترض، وذلك بما يمّكن هيئات ومؤسسات المجتمع المدني، من القيام بدور طبيعي في الإطار الوطني، ومن ضمنها فشل تجارب الإدارة الإنتقالية.
الأمر الثاني هو نمو الجماعات الإسلامية المتشددة، واتساع أنشطتها ورقعة انتشارها، وسيطرتها الإستبدادية على المناطق التي تضع يدها عليها وتديرها.
ثالثاً - تزايد الجرائم التي يرتكبها النظام السوري، عبر تصعيد عمليات القتل والتدمير، واستخدام كافة صنوف الأسلحة بما فيها المحرّمة دولياً.
رابعاً - انطلاق مفاوضات جنيف 2 في إطار التوجه نحو تسوية سياسية للأزمة السورية.
خامساً – استحقاقات بناء وتطوير مؤسسات المعارضة السورية.
فكيف كان حضور اتحاد الديمقراطيين وأداؤه، في الساحة السياسية والاجتماعية، في ظل المشهد السوري العام.
أداء الإتحاد
إن أي متابع للشان السوري، بما في ذلك النشطاء، والمنخرطون في اتحاد الديمقراطيين، لايدركون فحسب، بل ويتلمسون أن غياباً واضحاً لايمكن القفز عليه، يشوب عمل الإتحاد. ففي الوقت الذي كانت تتوسع فيه القوى الإسلامية، فإنه لم يستطع دعم قواه في الداخل بما يؤمن حمايتهم وضمان استمرارية مشاريعهم السياسية/المدنية والتنموية. وخسر تواجده خاصة في المناطق الغير خاضعة لسيطرة النظام، فيما ترك النشطاء مدنهم وقراهم بسبب الملاحقات التي طالتهم، والبطش الذي مورس بحقهم.
لكن ثمة مسألتين أساسيتين، وهما دورالاتحاد في الإئتلاف الوطني، ومفاوضات جنيف2. فقد اضطلع التيار الديمقراطي بمهمة إعادة بناء المؤسسة السياسية الأهم للمعارضة المتمثلة بالإئتلاف الوطني الذي كانت تسيطر على مقدراته وصناعة القرار وتوجيه سياساته حركة الإخوان المسلمين، كما كان سائداً – ولايزال – في المجلس الوطني، الأمر الذي استدعى تدخلاً اقليميا ودوليا، نتج عنه توسعة الإئتلاف لينال الديمقراطيون ثقلا مؤثراً فيه، على خلفية إدخال إصلاحات جذرية تطلق الإئتلاف نحو فاعلية أكبر بمشاركة أوسع لقوى الحراك الوطني.
ولكن ذلك لم يتحقق، فماتزال القوى الأخرى في الإئتلاف الوطني، مؤثرة في إعاقة برنامج الديمقراطيين، ويلعب الماال السياسي الدور الأكبر في جميع القضايا، بشكل لم يعد خافياً على أحد . فيما بدا تعدد الولاءات لبرامج واجندات اقليمية، تركت انعكاسها على أداء اعضاء الإئتلاف، بما فيهم المنتمون الى التيار الديمقراطي، فلم يشكلوا كتلة موحدة متجانسة، ولم يظهر التزامهم برؤية الإتحاد وسياسته ومصالحه، من خلال الأداء.
ولعل الفوضى والإنقسام وعدم الفاعلية داخل الإئتلاف يتحمل الاتحاد جزءا من المسؤولية التاريخية فيها، بالنظر الى هشاشة فعل ودور الأعضاء الذين ينتمون إليه، أو ضعف قدرات البعض منهم، وانفصال عدد منهم عن واقع الثورة، او انخراط البعض في أجندات تتقاطع مع الفكر الديمقراطي أساساً.
يفترض أن يكون دور الإتحاد ريادياً في قوى ومؤسسات المعارضة السورية، خاصة وأنه تتوفر لديه عوامل ثلاث هي التنوير والإعتدال في العمل الوطني من جهة، والدعم الإقليمي والدولي من جهة ثانية، إضافة الى الكوادر المثقفة التي تمتلك تجارب ومهارات متراكمة معرفياً ومهنياً. وفي الواقع إن السوريين استند دعم شرائح كبيرة منهم الى هذه المسألة، دون النظر الى أن تأسيس التيار، يعتبر لدى قطاعات واسعة، كبيدق في رقعة شطرنج لتمرير تسوية توافقية داخل الإئتلاف.
من هنا يمكننا النظر أيضاً الى طبيعة الدور الذي لعبه الإتحاد، في إطار مفاوضات جنيف 2، والذي يبقى غير واضح للكثيرين، بما فيهم أعضاء مجلس الأمانة العامة فيه.
إشكاليات تنظيمية
من جانب آخر، ثمة إشكاليات وتقاطعات يعاني من الإتحاد، وفي معظمها يشكل تحديات حقيقية امام تعزيز دوره ومكانته، في مقدمتها عدم توفر الإمكانيات المادية، بالحدود التي تؤسس لإنطلاقة فعّالة، تمنحه دوراً إيجابياً ومؤثرا في الحياة السياسية السورية، إن لم نقل قائداً وموجهاً لها باتجاه تحقيق أهداف الثورة، وبناء سورية الجديدة.
المسألة الثانية تتصل بالإنقسامات داخل قيادات الإتحاد، على مستويات المكتب التنفيذي، والأمانة العامة، إذ ان عامل الإنسجام، والعمل الجماعي، يبدوان محدودان إلى درجة التغييب إلى حدّ ما. وهذه الحال التي يعاني منها المكتب التنفيذي تنعكس على الأداء العام لتنفيذ سياسات الإتحاد، يضاف إلى ذلك الخلل المتصل بدور ومكانة الأمانة العامة، التي ترى أنها مغيبة من قبل قيادة الإتحاد، في الوقت الذي تُطالب فيه بالمبادرة بالعمل. وفي الواقع فإن اجتماعات مجلس الأمانة العامة تأخرت ثلاثة أشهر دون أسباب واضحة، وترى الأمانة العامة أنه يتوجب أن تكون المرجعية السياسية والقانونية، لأنشطة الإتحاد وبرامجه ومكاتبه المركزية، لكنها مهمّشة.
يضاف إلى ذلك ان خللاً يتصل بإقرار وثائق التأسيسن وملاحظات على عملية انتخابات هيئات الإتحاد، تستوجب التصويب والتدارك.
تصورات ورؤى
حتى الأن لم تتضح بعد بنود جدول الأعمال، التي يفترض أن يناقشها اجتماع مجلس الأمانة العامة، المقرر في وقت لاحق من الشهر المقبل في اسطنبول، ولكن من المفيد اليوم أن نشير الى بعض المسائل الأساسية التي يجب أن ينظر المجلس في امكانية تعديلها في النظام الداخلي، ومن أهمها دور ومهام مجلس الأمانة العامة، حيث تبدو صلاحياته غير معرّفة بشكل دقيق وواضح " مادة 19/5 ". يجب التعديل بحيث يتولى المجلس صلاحيات المؤتمر العام كاملة وبوضوح.
كما يجب أن يشمل التعديل الفقرة الخامسة من المادة 19، والمتصلة بدعوة المؤتمر العام الذي يحق لرئيس الإتحاد فقط دعوته للإنعقاد، بحيث يمكن دعوة المؤتمر العام ومجلس الأمانة العامة للإنعقاد بناء على دعوة من:
أ‌- رئيس الإتحاد / أو
ب‌- ثلثي أعضاء الأمانة العامة / أو
ت‌- ثلثي أعضاء المكتب التنفيذي.
كما يتوجب مراجعة المادة 20، وإعادة تسمية وإحداث المكاتب المركزية، بصورة أدق وأكثر منهجية في التخطيط. لنلاحظ تداخل المهام القانونية والإدارية والتنظيمية في مكتب واحد، يضاف الى ذلك غياب الجانب الثقافي، على أهميته.
وفي الوقت الذي يجري فيه الحديث عن ضرورة، إعطاء دور أساسي وحاسم لملس الأمانة العامة في تسمية أعضائه داخل الإئتلاف ومؤسسات المعارضة الأخرى " الحكومة والأركان وغيرها.. " ، وان تتم مراقبة ومراجعة ادائهم، فإنه يتم الحديث عن توسيع الصلاحيات بحيث لايتم تركيز المهام الأساسية في أيدي مواقع محددة مثل داخل الإتحاد، فيما يتعلق بتسمية الممثلين والمندوبين ومهمة المتحدث الرسمي، على سبيل المثال.
وعلّه من المهم اليوم أن يناقش الاجتماع، سبل ووسائل تطويرعمل الإتحاد، عبر مكاتبه المركزيه، ووحداته، ومعيقات ذلك، جنباً إلى جنب مع مناقشة أداء هيئاته، وفي مقدمتها أعضاءه في الائتلاف والحكومة المؤقتة، وتقويم عملهم، والبحث في إمكانية تغيير المقصرين في أداء واجباتهم، وان تكون هناك تداولية في شغل مقاعد الديمقراطيين في الإئتلاف، وأن يدفع باتجاه تشكيل كتلة متماسكة ومتجانسة، وملتزمة بتنفيذ السياسات والبرامج الوطنية للاتحاد، التي هي برامج السوريين من أجل المستقبل. وأن يرتقي بأليات عمله، ليكون عاملاً إيجابياً في انتشال المعارضة السورية من حالة الإنقسام والتشرذم والفوضى، والشخصنة وتغليب الخاص على العام.
لقد أشار ميشيل كيلو في احد مقالاته مؤخراً الى عدم وجود قادة للثورة السورية، والحقيقة أن اتحاد الديمقراطيين السوريين، يعاني من غياب " قيادة آسرة وملهمة ".
المساءلة والشفافية والموضوعية في مقاربة القضايا المختلف عليها والمتعددة، هي أسس للنجاح، في اعتقادي أنه يجب أن تكون حاضرة لاستعادة مصداقية الديمقراطيين في الشارع السوري، عبر المراجعة وإحياء روح المبادرة، وكذلك الجدية والإيمان بالعمل من اجل سورية مدنية ديمقراطية، دولة مواطنة.
هذه مجرد أفكار أولى، مساهمة عاجلة للنقاش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟