الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعدام الشريف إعلان حرب ضد مصر

كريم عامر

2005 / 7 / 9
الارهاب, الحرب والسلام


فى يوم واحد أقدم قادة الإرهاب الأسود الممثل فى تنظيم القاعدة على القيام بعمليتين وحشيتين غاية فى الإجرام والبشاعة ، ففى العراق أقدم جزار القاعدة على إعدام إيهاب الشريف سفير مصر ببغداد فى إجراء بشع من نوعه بحجة ردته عن الإسلام لأنه يمثل دولة كافرة على حد زعمهم ، وفى مكان آخر من وراء البحار إرتكب تنظيم القاعدة جريمة أخرى بشعة فى العاصمة البريطانية إستهدفت بعض وسائل المواصلات بها مما نتج عنه سقوط العشرات بين قتيل وجريح من الأبرياء العزل الذين لا حول لهم ولاقوة تجاه ماحدث ، ولا ذنب لهم إلا أنهم ينتمون إلى دولة يناصبها قادة التنظيم العداء .
تأتى هذه الأحداث ضمن سلسلة طويلة من الجرائم البشعة التى قام بها هؤلاء المتطرفون بحق الإنسانية خلال عقود من الزمن بدءا من حادث إغتيال الرئيس المصرى محمد أنور السادات فى بداية الثمانينيات من القرن الماضى مرورا بعملياتهم الإجرامية البشعة فى أفغانستان وروسيا والشيشان ، وإنتهاءا بأحداث 11 سبتمبر التى كانت بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير وقسمت العالم إلى معسكرين : معسكر السلام ومعسكر الإرهاب ، ومانتج عن ذالك من إحتلال الولايات المتحدة لأفغانستان والعراق والحوادث الإجرامية التى تلت ذالك والتى كان آخرها إعدام السفير المصرى لدى بغداد بالأمس القريب .
إن خطورة الإرهاب لا تكمن فقط فى العمليات الإجرامية التى يشنها هؤلاء الأشرار ضد البشر ، ولكنها تتعدى ذالك لتأخذ أبعادا اكثر عمقا من الضرر المادى المحدود لتصل إلى أضرار معنوية ونفسية لا يمكن حصرها ، فالمبررات الدينية التى يسوقها هؤلاء المجرمون لإضفاء نوع خاص من الشرعية على مايقومون به من جرائم هى أخطر مايميز هذه العمليات وأشد جوانبها بشاعة حيث أن الهدف الذى يتغياه هؤلاء هو إقناع السواد الأعظم من الشعوب الإسلامية بشرعية مايقومون به من ممارسات عنيفة عن طريق إلباس هذه الممارسات الطابع الدينى لإكتساب تأييد هذه الشعوب التى تجرى وراء كل من يداعب عواطفها الدينية أو القومية ، مما ينتج عنه خلق جيل جديد متطرف فكريا ينتظر بلهفة الضوء الأحمر للتحرك المضاد للسلم والأمن الوطنيين .
فالتبرير الذى ساقه الزرقاوى لجريمته على الرغم من انه يعد من نوادر هذه الحركات التى لا ترى فى الواجهة إلا صورتها وماعدا ذالك فهو عدو لها يجب القضاء عليه وإجتثاث شأفته ، إلا أنه يمثل خطرا كبيرا على وعى الشعب المصرى الذى يتأثر سريعا بهذه التبريرات الدينية الفاسدة نظرا لعاطفته الدينية القوية التى فتح من خلالها الباب بسذاجة لكافة الأيديولوجيات الفكرية والمعتقدات الدينية الغريبة تماما عن بيئته ، وعلى وجه الخصوص فإن وعى الشباب والمراهقين هو الأسرع فى التأثر بهذه الأفكار الوافدة حيث أن الشباب يبحثون عن أى نشاط يستغلون فيه طاقاتهم الشابة وهم فى ذات الوقت يمرون بتغيرات مزاجية قد ينتج عنها قبولهم - عن غير وعى - لهذه الأفكار الكفيلة بتحويلهم إلى قنابل بشرية موقوتة وجاهزة للإنفجار عندما يعطى لها الضوء الأحمر لتنفيذ ذالك ، ومانموذج حسن بشندى ورفاقه عنا ببعيد .
ومن هنا ، فإن عملية إعدام الشريف يجب أن لا تمر مرور الكرام على النظام المصرى ذالك أن تساهل أجهزة الأمن مع التطرفين قد يؤدى فى أى وقت إلى إعلان تحالفهم - السرى الآن - مع تنظيم القاعدة والبدء فى تنفيذ عملياتهم الإجرامية تجاه مصر التى لم يتسنى لها أن تتنفس الصعداء بعد القضاء النسبى على الحركات الإسلامية المسلحة التى كانت متمركزة على أراضيها ، والتى قبلت الحكومة وأجهزتها منها بعد ذالك تواجدها السلمى على الساحة مع العلم بأن أفكارها التى تنشرها بصورة سلمية أشد فتكا من أسلحة الدمار الشامل حيث أنها قد تأخذ يوما ما أبعادا مادية أخرى قد تصل إلى إعلان التمرد المسلح على الحكومة المصرية مما قد ينذر بتفجر الأوضاع من جديد ويهدد بتحويل مصر إلى أفغانستان أو عراق أخرى يرتكب فيها كل مايخالف الشرعية الإنسانية .
إن زمن التسامح والمواقف السلبية تجاه الإرهاب قد وليا إلى غير عودة ، وما حدث بالأمس يعد رسالة واضحة للنظام المصرى الذى وقف من الحرب الدولية على الإرهاب موقفا حياديا ، مضمونها أن العالم ليس به سوى معسكرين إثنين فإن لم تكن مصر مع الإرهاب فهى بالضرورة ضده ، تماما كالرسالة التى وجهها الرئيس بوش إلى العالم عقب هجمات الحادى عشر من سبتمبر على الولايات المتحدة .
فلتراجع الحكومة المصرية مواقفها السلبية تلك أن الإستثناءات لم تعد موجودة لدى هؤلاء الإرهابيين الذين لم يعد يقنعهم الموقف الحيادى من هذه الأحداث والتى جذبوا مصر إليها مؤخرا بإعدام سفيرها فى بغداد ، وقد أصبح إستثناء مصر من هذه العمليات غير مستساغ لديهم ، فهل تتحرك مصر قبل فوات الأوان ؟؟؟ .
إن الإنتظار لم يعد فى مصلحة أحد سوى الإرهابيين ذالك أن أنصار القاعدة يتزايدون فى العالم الإسلامى يوما بعد يوم عن طريق التوسع فى نشر فكرهم المنحرف باستخدام وسائل الإتصالات الحديثة وعدم توافر الفكر البديل لدى الشباب الذين ينساقون واحدا وراء الآخر فى هذا الإتجاه المظلم الذى يستهدف تحويلهم فى النهاية إلى قنابل بشرية موقوتة ينتظر منها أن تشعل حربا طائفية بين أبناء الشعب المصرى عندما تسنح لهم الفرصة ، فهل سيكول إنتظار الحكومة المصرية أكثر من هذا ؟؟ .
آمل أن لا يتأخر رد الفعل عن الوقت المناسب .
عبدالكريم نبيل سليمان
8 / 7 / 2005
الإسكندرية / مصر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: غانتس اختار أن يهدد رئيس الوزراء بدلا من حماس


.. انقسامات داخلية حادة تعصف بحكومة نتنياهو وتهدد بانهيار مجلس




.. بن غفير يرد بقوة على غانتس.. ويصفه بأنه بهلوان كبير


.. -اقطعوا العلاقات الآن-.. اعتصام الطلاب في جامعة ملبورن الأست




.. فلسطينيون يشيعون جثمان قائد بكتيبة جنين الشهيد إسلام خمايسة