الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظلم والمظلومين نظرة عن كثب في مسيرة الإنسان

سجاد الوزان

2014 / 3 / 30
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


نص افتتاحي :
هناك موضوع أزلي وعلى مسار حركة التاريخ وصيرورته لعب دوراً أساسياً ومحركاً قوياً في الإنسان ودوره في حركة عجلة التاريخ إنه الظلم والمظلومين، وحيث كان من المفروض على الإنسانية أن تؤسس قواعد وبنا فوقية تكون مانعة لهذا العامل وتقديم النموذج الأفضل للحاضر، إلا إن ذلك وللآسف لم يتم إلى يومنا هذا، ومن الواضح إن هناك خلل قد حدث ومازال يحدث في التركيبة الفكرية والنفسية للإنسان في الماضي والحاضر، بحيث يقبل الظلم ويعيش به كوسام في بعض الأحيان، ويقبل جباه الظالمين في أحيان أخرى كثيرة .

نص الموضوع :
إن للظلم دلالة على وجود حق مسلوب من الإنسان على مر تلك المراحل والأزمنة التي وجد فيها الإنسان مظلوماً ومسلوب الحقوق الإرادية والفكرية والعقائدية، وبما فيها حق العيش الكريم .
ولكن نفس الظلم لا موضوعه هو دافعٌ كبير للحرية والثورة على القيود المفروضة، ولكن وفي نفس الوقت فأن الحرية ووجود أحرار لا تتحقق في كل وقت، وفي كل زمان ومكان، فقد يكون هناك رجل عظيم يسكن في بلاد جائعة لا تقوى على التفكير ينتج حرية عالمية وأحرار في كل مكان .
كما إن الظلم نفسه يزرع رهبة وخوف عميق عند المظلومين يمنعهم من أن يطالبوا بحقوقهم واسترداد كرامتهم المسلوبة، وذلك لأن سلطة الظالم تصنع إله مخيف في نفوس المظلومين، بل وقد تتعدى إلى عقولهم، فيكبل هذا الإله المصنوع لا المصطنع إرادتهم وعزمهم وتفكيرهم بما يحدث من حولهم .
كما ويلاحظ وجود ملازمة بين وجود الظالم وظهور المظلومين، وبين وجود المظلوم وظهور الظالم، ودائماً ما تكون السلطة العليا بيد الظالم، والعبودية والاستعباد للمظلومين، وفي إطار هذه المعادلة الواقعية المستوحاة من الواقع تبرز مشاكل البشرية ومشكلة إنسان التاريخ وإنسان الحاضر .
ويلاحظ أيضاً أنه بمجرد حصول وعي نسبي لدى المظلومين في فترة من الفترات والتي تعتبر فترة ذهبية للمظلومين وسوداء دموية للظالم، سترى الدمار قد حل في سلطة الظالم ودولته، فترى القتل والسرقة والاغتصاب والعنف والرذيلة والجهل وانعدام الأخلاق وغير ذلك متفشياً ظاهراً في المجتمع، وظهور هذه الحالات السلبية بمجرد حصول عملية الوعي، يعني إن هذا الوعي وعي وقتي مرحلي غير حقيقي لا يمكنه أن يحرر هؤلاء المظلومين رغم إنهم أنتفض على سلطة الحاكم الظالم، وذلك لأن هذا الوعي حصل لفرد أو مجموعة من الأفراد يندر كثرتهم، أو قد يكون لديهم وعي سابق يستغلون حالة المظلوم ودوره في إدارة هذه الثورة أو هذا التغيير على الأقل، ويستغلون أيضاً موضوع الظلم لإسقاط سلطة ظالمة والاستحواذ على هذه السلطة باسم المظلومين وعن طريقهم .
ولكن تبقى النتيجة مخزية وحزينة ومؤلمة وهو وجود (ظالم) ووجود (مظلومين)، ووجود عبيد هناك من هو متسلط عليهم، ووجود حر سلطوي، ولكن الفارق في كل مرحلة من مراحل وجود الإنسان المظلوم هو فارق في العناوين والأشكال وأسلوب التغيير، ولكن هل يمكن ملاحظ تغيير حقيقي في حياة المظلومين وفي عنوان الظلم، سنقول بحزن كلا ولن يحدث هذا مادام الإنسان مغلق ومحدود ومسلوب الإرادة .
والوعي الجمعي لا يمكن توليده لشعب من الشعوب أو لأمة من الأمم ما لم توجد حرية جمعية مجتمعية عند أفراد تلك الشعوب، والسبيل إلى ذلك نلخصه بعدة نقاط : -
1) تخليص الإنسان من سلطة التاريخ .
2) تخليص الإنسان من العبودية الوضعية وذلك بتحرير دواخله من أي سلطة تحكمه في مسيرته الوجودية .
3) إبراز الجانب التحرري للإنسان، لا الجانب الاستعبادي والخضوعي والتقديسي الأعمى للآخرين .
4) يجب تفهيم المظلومين بأننا سواء بالإنسانية، وإذا أهين فرد من أفراد الإنسانية، يعني قد أهين معنى الإنسانية جميعها وخصوصاً عندما يكون الأصل واحد .
5) يجب إخضاع الحاكم لقيود المظلومين ومتطلباتهم، لا لقيود السلطة الظالمة .
6) تفهيم المظلومين بالظلم الذي يمارس عليهم واستغلال لغة المظلومية لإشباع الفراغ المعرفي والفكري عندهم، وشحنهم بالفكر الحركي والوعي الصادق مع نفوسهم ومع متطلبات الأمة في هذه المرحلة .

ومما يقوله Nietzsche)) (إن الدولة هي الوحش الأكثر برودة من غيره، إنها تكذب ببرودة، وهذا هو الكذب الذي تتفوه به :
أنا الدولة، إني أنا الشعب إذن) .
لذا فالدولة العصرية تعتبر نفسها الأقوى، لذا ترى نفسها هي الممثل الوحيد للشعب الذي يعتبر العنصر الضعيف فيها، لذلك فغالباً ما تنتهي هذه الدول إما بالقمع أو بالانتحار لهاوية التاريخ، وقد تنتهي بعض الدول بإنتاج وتصدير مظلومين نتيجة غرورها بعنوان الدولة، متناسية النزول لحاجات مواطني الدولة ونزلائها الأصليين .
إذاً ماذا نحتاج نحن هنا في الوطن العربي :
هنا في العالم العربي نحتاج اليوم إلى شيء أكبر من المثقف كما يقول (علي حسن هذيلي)، ولا نعني بذلك رجل الدين، ولا العلماني، ولا الليبرالي، ولا الماركسي، ولا القومية، ولا الوثنية، وولا .....
إنما نحتاج إلى رجل يبرع في إنتاج المناهج التي تحول إلى فعل عملي تطبيقي يستند إلى ثنائية مجتمعية وإنسانية .
- كالدين مثلاً بوصفه شريعة عبادية يرغب بها الكثير من البشر، يستغلها صاحب المنهج دون أن يحاول إلغائها في منهجه .
- العقل بوصفه مستنبط الوجود، ويزاحم التشريع مع قضاياه، فيحاكم العقل الجميع وفق قوانينه المنطقية والمعرفية .
- العلوم بوصفها المحرك الكبير في عصر الحداثة والتقدم المعرفي والعلمي، وعدم التطاول على السعي لإلغائها من قبل المؤسسات الرجعية والتخلفية اللاعقلية أياً كانت .

الخلاصة :
الأحرار قلائل والمتحررون أقل، والظالم كبير بعين المظلوم وسلطته أكبر، وهذا العملاق الكبير دائماً ما يخيف هؤلاء القلائل، ودائماً ما يجبرهم على الرسوخ تحت ظلمه وقيوده واستعباده، وهم في الحقيقة أصل العالم وحركته ومسيرته من حيث لا يشعرون، وهم سبب وجود الدولة وهم سبب قوامها وبقائها، وهم من يدافعون عنها ويحمون زعمائها، إلا إنهم يسيرون وفق عقل القائد وبوعيه فقط وللآسف .
والمظلوم والقامع بالمظلومية سنوات عديدة يجب أن لا يعطى الحرية دفعة واحدة لأنه سيفرط بالاستخدام، وسيكون ظالماً جديداً ويولد مظلوماً جديداً آخر، وهذا ما حصل في العراق والوطن العربي .
الأمة التي كانت تعاني من الظلم على طول مسيرتها الوجودية، ادعوا فيها الأحرار إلى اعطائها أقراصاً من الحرية وعلى دفعات مرحلية معينة، لكي لا تصاب الأمة الواقعة تحت سوط الظلم بهوس الحرية المفرطة وزج المجتمع بفوضى عارمة لا يمكن مسكها ولا تحليل نتائجها وأسبابها .
فلكل قانون حد وحد قوة النابض وحرية حركته هو مقدار حد المرونة فقط، وما بعد حد المرونة ينقطع، وحد الحرية مدى مرونة وعي المظلوم والمجتمع الذي كان قامعاً تحت سلطة دكتاتورية، حيث يجب أن تكون حريته محدودة بحدود التحمل وبأطر وقوانين مفروضة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال عشرات الطلاب المتظاهرين المطالبين بوقف حرب غزة في جام


.. ماذا تريد الباطرونا من وراء تعديل مدونة الشغل؟ مداخلة إسماعي




.. وقفة احتجاجية لأنصار الحزب الاشتراكي الإسباني تضامنا مع رئيس


.. مشاهد لمتظاهرين يحتجون بالأعلام والكوفية الفلسطينية في شوارع




.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد