الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لاشيء فيك يقنعنا أنك -وطنا- للكل

ابراهيم حمي

2014 / 3 / 30
الادب والفن


لست أدري كيف اعتنقت...
همومك ومآسيك...
أيها المكان الممتد من البحر جنوبا...
ومن الشمال بحرا... ومن الغرب بحرا... وبينهما مسافة يسكنها بحراً...
آخر من الدموع والألم.... مسافة يسافر فيها القهر والظلم كما يشاء... ومساحة أخرى....
لكل أنواع الدعارة ....دعارة بالأجساد و بالأوطان...
بالمبادئ وبكل أنواع الطقوس....
و بين تلك المساحات و ربوع أخرى تسكنها المؤامرات والدسائس....
هكذا أنت
أيها المكان الذي تحاصره رمال الصحراء شرقا...
أيها الممتد عبر التاريخ...
كيف أقنعتني أن لك تاريخا وحدودا وبحرا؟...
كيف أقنعتني أنك شيء اسمه وطن يسكنني؟
وأسكنه دون تأشيرة أو جواز مرور....
لا أصدق أن الشرفاء مروا من هناك....
شواطئك لوثتها أنخاب الأغبياء....
على وجهك أيها المكان سالت دماء الذين أحبوك و عشقوك جهرا...
عشقك قاتل....
وحبك عذري الملامح...
كل من أحبك يموت على أرضك أو يسجن... وتهمته حبك وحنين سرمدي...
والحلم فيك يمنع بقرار....
كيف سكنتني جراحك؟
منذ ولادتي على قمم تضاريسك الباردة...
على قممك الشاهقة
دفعتني الأقدار كي أسكنك...
وسكنتني أنت بكل جراحك...
بكل ما حملته من قضايا، ومآسي...
كيف تحملت كل هذا القدر من الصراعات والتطاحن؟
كل هذا التاريخ الطويل العريض من الأطماع...
و لا زالت واقفا في مكانك صامدا...
كيف رضيت أن تكون مسرحا لكل المذابح والاغتيالات؟...
كيف سمحت لهم أن يختطفوا منك الشمس؟...
ويعتقلوا في سجونك القمر....
كيف قبلت لهم؟... باغتصاب الصغار
وجلد الكبار
وصلب الأمومة على تربتك
ولم تنهار...
ولم تتعب ...
ولم تشتكي...
كيف تركت الشرفاء يخونون مضاجعهم كرها؟...
كيف نحبك ونحلم بك؟
وأنت تشارك في خيانتك... سمائك البريئة
تحكي خيانتك
ومؤامراتك... وعشقك المزمن لمغتصبك...
كيف تهدي نفسك لمن جعلوك بؤرة لنزواتهم؟...
لجرائمهم.. لجشعهم...
كيف رضيت أن يحاصروك بزعمهم وكذبهم و زورهم؟... كيف أصبحت مجرد حانة لأعدائك دون مقاومة؟....
وكيف؟...
وكيف؟...
كيف حملتني كل هذا الوزر الكبير؟...
وطلبت مني أن أسميك وطن...
أنت عندي متهم ولست وطن...
كيف تركت صغارك؟
يركبون القوارب...
يسكنون المراحيض
يسكنون البحر بديلا عنك
يا وطن العطالة والخيانة والاغتيال...
أنت لا تمنح أبنائك إلا عنوانا في بطائقهم...
ولا تسأل بعد ذلك أين يسكنون...
أين يعملون... أين يلعبون الصغار... بعد أن أهديت نفسك للمضاربين...
بعد أن تغزل بجمالك السماسرة والمحتكرين....
هل أنت وطن؟...
أم أنت مجرد حانة للأجانب؟
ولمن يخونك مع الأجانب...
لست أدري كيف اعتنقت كل همومك ومآسيك مند الولادة...
كل الابرياء غرباء فيك يا وطن القهر....
ينتظرون عودة تاريخك ومجدك وثورتك الأتية
الأتية عندما يستيقظ فيك الضمير...
عندما نكتشف فيك أننا مواطنين...
عندما نستيقظ من حلمنا
عندما تعترف أنت بنا
أننا لسنا رعايا...
ولا تحكمنا أو تحاصرنا عصى...
يحملوها شهم الرعاة...



ابراهيم حمي
-مراكش في 2014/3/29








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا