الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطاغية وعنف اللغة

مناف الحمد

2014 / 3 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


للغة بعد عنفي يتجسد في الخطاب الذي يستثمر هذا البعد الكامن فيها والذي يظل كامناً ما لم يقم الخطاب باستيلاده وإخراجه من القوة إلى الفعل .
اللغة سكون تحليلي والخطاب دينامية تركيبية ولهذا فلا قبل للغة بكشف عنفها ما لم يقم الخطاب بتحريك سكونها .
والدور الذي يلعبه عنف اللغة في مجريات الأحداث أكبر بكثير مما يظن .
فمن ضمن الأوهام التي اعتبرها فرنسيس بيكون أوهاماً معيقة للعقل أوهام السوق وكان يقصد بها اللغة المتداولة بين الناس بما تحويه من مصطلحات ومفردات وسياقات تتضمنهما.
من ضمن المفردات التي تمارس عنفاً يفضي إلى نتائج غير متوقعة مفردة "ملحد" فما تنطوي عليه المفردة عندما يوصم بها شخص من احتقار وإقصاء ونبذ خارج حدود الجماعة كفيل بهز عنيف لمن يوصم بها وفي التراث الإسلامي شاهد على ذلك فيقال إن ابن الراوندي الملحد المشهور في التاريخ الإسلامي قال لأحدأقاربه قبيل موته إنه لم يكن ملحداً عن قناعة يوماً ما ولكن وصمه بالملحد من قبل زملائه في حلقة العلم لأنه كان يطرح أسئلة تمس صلب الاعتقاد وازورارهم عنه جعلاه يبالغ في تشكيكه بأصول الاعتقاد الديني بنوع من رد الفعل على ما يتعرض له من عنف في الخطاب الموجه له ولم يكن أمامه من سبيل لمواجهة العنف إلا بعنف مضاد يخرق مقدساتهم وما يدينون به .
وربما يصلح ما ذكرته كأداة تفسيرية لسلوك الطغاة فمن باب الممكن النظري على الأٌقل أن يذهب الطاغية بعيداً في غيه ويظل سادراً فيه كرد فعل من جنس الفعل العنيف الذي تنطوي عليه اللغة التي تستخدم في شتمه وقدحه ووصف جرائمه.
إن هذا التماهي من قبله مع النموذج الأقصى للطغيان والإجرام ليس مسبباً فقط عن عشق السلطة ولا عن استعداد عصبي أوجدته ظروف التنشئة فهذان العاملان وإن كان إغفالهما غير ممكن لا يكفيان لتفسير هذا الحجم غير المتوقع من القدرة على القتل والتعذيب والإجرام إذ لا بد من عامل أكثر دينامية هو ما يتعرض له من خطاب عنيف يتفاعل مع استعداده العصبي ومع عشقه للسلطة لتفسير ما يعجز الإنسان الطبيعي للوهلة الأولى عن تصديقه من قدرة على ارتكاب الجرائم.
بالمقابل قد يكون لعنف اللغة هذا دور في صبغ من يخاطب بها بصبغة تساهم في منحه هوية كان يفتقدها في ظل انسحاق الذات الفردية تحت نير الاستبداد فعدا عن أنها تمارس مع المتطرف الدور نفسه الذي تمارسه مع المستبد وهو دفعه بعيداً في مسارب الجريمة تمنحه الكلمة التي يوصف بها كشتيمة أحساسامدغدغاً لمشاعره ومستحباً لأنها تجعل منه كائناً ذا هوية بعد أن كان كائناً هلامياً مفتقراً لإحساسه بفرديته ومن ثم بقيمته الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب