الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- بالحق نطق قباني-

نوفل كريم جهاد

2014 / 3 / 31
الادب والفن


" بالحق نطق قباني"

أثنان جالسان على طاولة ... الأثنان عربيان أحدهما شاب تجاوز العشرين والآخر رجل قارب السبعين من العمر.
جرى هذا الحديث في أحدى مقاهي دول الغربة .. في عاصمة أوربية جميلة !
قال الشيخ : لم أعد اتذكر الوطن !!
أجاب الشاب : مستحيل يا رجل .. ماذا تقول .!! وكيف ذلك ..؟
الشيخ من جديد : كم مضى عليك هنا أيها الشاب العربي..؟
أجاب الشاب : تجاوزت الستة أشهر ..ووجدت عملا مربحا والحمدلله
قال الشيخ : أما انا فقد تجاوزت غربتي الثلاثين سنة يا ولدي ، ثلاثين سنه أو اكثر!! شاب شعري فيها وتعبت صحتي ولازلت أعيش غربتي !!!
ضحك الشاب قائلا : طبعا يا رجل لا تتذكر شيئا عن الوطن ..أنه وقت طويل جدا ولا ادري كيف قضيت كل هذه السنين بعيدا عن وطنك ؟
قال الشيخ : يا ولدي أنا لا أريد ولا أحب ان أتذكر الوطن!!
أستغرب الشاب قائلا : لابد أن هناك مشكلة تحاول نسيانها ..! اليس كذلك ..؟
اجاب الشيخ : مشكلة ..نعم ..عندي مشكلة كبيرة مع نزار قباني.؟
الشاب مستغربا : مع من..؟! مع نزار قباني الشاعر المرحوم ..!؟
أجاب الشيخ : نعم مشكلتي مع الشاعر نزار قباني يرحمه الله ..
وأنها ليست مشكلتي أنا فقط ، بل هي مشكلتنا أنا وأنت وكل العرب!
تسأل الشاب : مشكلتنا نحن العرب.. كيف ..؟ هل لي ان أعرف .. ماذا فعل بنا المرحوم قباني ..؟؟
أجاب الشيخ : قد قالها لي نزار قباني قبل سنين ولم أصدقة مع الأسف في شبابي!
بل قالها الرجل بملئ الفم لكل العرب منذ سنين ..فلم نفهم الا متأخرين ..!
وماذا قال لك ولكل العرب الشاعر نزار قباني قبل سنين يا عم ..؟
أجاب الشيخ : هو نفس الشئ الذي دعاك لترك وطنك ، دعاني لترك وطني قبل اكثر من ثلاثين سنة ، ترى هل تغير شئ من حال الوطن؟ هل تغير شئ من حال العرب ..؟!
هو نفس كل البؤس والعوز والحرمان والنكسات ..هو نفس كل الهزائم والضياع و الأنقسامات!
أستطرد الشيخ قائلا : أسمعني يا ولدي وتذكر بأنك وبعد عشرين سنة من اليوم .. سوف تجد نفسك هنا في نفس هذا المقهى لتشرب في الصباح القهوة .. حالك مثل حال غيرك من شتات هذه الامة.!
فأنا متاكد أنه لن يكتب لك العودة كما كتب على الذين من قبلك من العرب!!
تسأل الشاب : لماذا تقول هذا يا عم .. أرى أنك متشائم جدا .
وهل نسيت ..نحن الشباب لنا الغد .. ومجده المخلدُ..!!
ضحك الشيخ بألم وقال :أترك تلك الشعارات والقصائد فقد كتبنا حروفها بدمائنا قبلكم ..!
و أسمع مني .. نحن نعيش الأن زمن التردي العربي الحزين...
كنا نخجل من عروبتنا قبل حين..
ولكن الخوف أن نصبح نخجل حتى من ديننا بعد حين!!
نحن أمة تذبح أبنائها الان..والأخ يقتل أخاه..
وكل قتيل منا هو بالتأكيد شهيد سعيد ..!!
هناك كان لنا أمل أن نحيا في وطن حر وشعب سعيد ..
نعم وطن حر وشعب سعيد !!
لكن القدر كتب علينا ألا نكون أبدا إلا في الجنة ذاك الشعب السعيد ..!!
وهذا المنال لا يزال عنا جدا بعيد !
قال الشاب : لا تفكر بالسياسة يا عم ..لا تفكر .
قال الشيخ : لم تعد هذه سياسة ..بل هي حياتنا اليومية ياولدي ، وأي حياة هذه وأي نموذج نقدمه نحن للشعوب ..؟
نحن بكل وقاحة " قابيل" هذا العصر .. ومن منا يتقبل الله قربانه !!
هنا تطلع الشاب في عيني الرجل الكبير قائلا : أرى في عينيك التعب والآلام يا عم ..؟
ليجيبه الشيخ : نعم أنه التعب والشقاء في أنتمائي وعروبتي التي أحملها مثل الطاعون..!
قال الشاب مقاطعا : لكنك لم تقل لحد الان ما مشكلتك مع المرحوم قباني ..؟
أجاب الشيخ العربي : أنا مدين له بأعتذار كبير ..عني وعن كل ابناء جيلي وعروبتي..
فقد قالها الشاعر قبل سنين ..
وأنا مثله الان يا ولدي ... متعب بعروبتي .. فهل العروبة لعنة وعقاب..!!
وصدقني أيها العربي الشاب.. بالحق نطق نزار قباني ..بالحق نطق قباني...!!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب