الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتعاونون المشتبه بهم

يونس الخشاب

2014 / 3 / 31
الارهاب, الحرب والسلام


الجزء الثاني

و لبعض الجهاديين من الذين بدأوا بالعودة الى سوريا بعد 2005 ،ابتكرت أجهزة الاسد الاستخباراتية ما بدا وكانه خطة بارعة .ومرة اخرى ،سعى االنظام السوري لتصدير الخطر الجهادي الى الخارج بينما هو في واقع الحال يحول انصاره (عن غير قصد ) الى ادوات لسياسة سوريا الخارجية .انذاك كان الهدف هو لبنان ،حيث كانت سوريا قد اجبرت مؤخرا على انهاء احتلالها العسكري للبنان الذي دام 30 عاما كماانها مسؤولة عن اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري. وكنتيجة لذلك طلب من الجهاديين الاجانب من الذين دخلوا العراق عبر سوريا العودة الى المخيمات الفلسطينية قرب صيدا وطرابلس حيث بدأت رحلتهم الى العراق . لم تكن جماعة فتح الاسلام ولا عصبة الانصار ، وهما جماعتان جهاديتان محليتان كلتاهما واقعتان تحت السيطرة الكاملة للمخابرات السورية ، ولكن كلتاهما كانتا فاسدتين بالقدر الذي لايمكن ان يخدموا غايات النظام في لبنان ، حيث كان الامل يحدوهم بزعزعة استقرار النظام السياسي واثارة النزاع الطائفي وتضليل المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق في قضية اغتيال الحريري.
وسرعان ما تبين ان ارسال جهاديين الى لبنان لم يحل المشكلة ، حيث قرر العديد من الجهاديين العائدين البقاء في سوريا ، وهناك شرعوا في شن حملة ارهابية. واشتملت هذه الحملة على القيام بعمليات هجومية ضد المباني الحكومية والتلفزيون والسفارة الامريكية ومزارا شيعيا ، وقد تحدثت الصحافة الدولية عنها جميعا. غير انه كان هناك المئات من الهجمات الصغيرة وهجمات فاشلة حرص النظام على سريتها ومن الصعب على المشاهد الخارجي ان يعرف عنها شيئا . ويقول ممثلو أجهزة الاستخبارات الأوروبية المتمركزة في سوريا انذاك انهم كانوا يتلقون تقارير عن الحوادث الإرهابية شهريا.و تم تسريب برقيات وزارة الخارجية حيث جاءت على ذكر التفجيرات والعديد من حوادث اطلاق النار في سنوات 2004 و 2005 وتفجيرات انتحارية واشتباكات مسلحة عديدة ومحاولات تفجير في عام 2006 وعدد من التفجيرات بسيارات ملغومة في دمشق والاستيلاء على احزمة ناسفة ومركبات والعثور على 1200 كيلو غرام من المتفجرات في عام 2008 فضلا عن تفجير حافلة تقل حجاجا شيعة في مارس من عام 2009 .
تبنت جماعة جند الشام ، وهي جماعة غامضة يعتقد الخبراء ان الزرقاوي كان قد انشأها ،الموجة الاولى من هذه الهجمات في ما بين السنوات 2004-2006 ، في حين ان الموجة الثانية وهي الواقعة ما عامي 2008-2009 كانت من عمل احدى الفصائل التابعة لجماعة فتح الاسلام .وايا يكون الاسم فان المسؤولين ، من دون اي استثناء ،هم من المقاتلين الاجانب السابقين والذين كانوا قد قاتلوا في العراق وجلبوا الى سوريا لاستخدام خبرتهم القتالية ومهاراتهم في شن اعمال ارهابية على سوريا وعلى السكان الشيعة وبشكل مطرد .
ان احد اكثر الصور دراماتيكية عن النتائج العكسية التي سببتها سياسات الاسد كانت حادثة العصيان التي جرت في سجن صدنايا .حيث عرض مسؤولو الاستخبارات السورية ، بعد غزو العراق ،على سجنائهم من الاسلاميين فرصة لتلقي التدريب العسكري داخل هذا السجن السئ الصيت والواقع خارج دمشق والقتال ضد قوات التحالف في العراق. ووفقا لبرقية من وزارة الخارجية تم تسريبها ، قبل البعض بهذا العرض وبالتالي تمكنوا من العودة الى سوريا بعدئذ ، والكثرة هي من فضلت البقاء في العراق ، واخرون تم ارسالهم الى لبنان ، اما الفئة الثالثة فقد تم تجديد اعتقالهم وبقوا في سجن صدنايا .لقد شعر اولئك الذي بقوا في االسجن بانهم (خدعوا) ، فقد توقعوا تحسين معاملتهم لا بل ان بعضهم توقع اطلاق سراحه والبعض توقع تحسين الظروف داخل السجن . واندلع في تموز من عام 2008 عصيان داخل السجن حيث تم احتجاز بعض من موظفي السجن والحرس العسكري .وعلى الرغم من نشر قوات خاصة استطاع السجناء من السيطرة على قسم من السجن استمرت لبضعة اشهر .وفي شهر كانون الثاني من عام 2009 فضت المواجهة في معركة شرسة كلفت حياة مئات الاسرى والسجناء والعشرات من الجنود ، وبالنسبة للجيش فان هذه الحادثة تعتبر ( نقطة سوداء ) في تاريخه. اما الاعلام السوري فانه لم يذكر اي شئ عنها.
ان عملية نقل المقاتلين السابقين الى لبنان قد تسبب بدوره ايضا مشاكلا للاسد .فقد ساد الاعتقاد ، وعلى نطاق واسع ، بان زعيم حركة فتح الاسلام الجهادية ( شريك ) سوريا الرئيسي في لبنان ما هو الا رصيدا للمخابرات السورية فيها ، وان فكرة دمشق الاصلية كانت تحويل هذه المجموعة الى فصيل جهادي يعمل لصالحها في لبنان لينافس الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء ، سعد الحريري ( نجل رفيق الحريري ) ونظيره السعودي الحليف. ووفقا للاكاديمي الفرنسي برنار روجيه ، وهو خبير في مخيمات اللاجئين في لبنان ، فقد نجح السوريون ابعد من اكثر توقعاتهم تفاؤلا .فبالاضافة الى المقاتلين الاجانب اجتذبت المجموعة طموحات جهاديين جدد من كل اطراف لبنان .فنمت منظمة فتح الاسلام المتمركزة في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين بسرعة ليصبح عدد اعضائها اكثر من 500 رجل ، وباموال تتدفق عليهم ليس من سوريا لوحدها فحسب بل من الدول الخليجية وحتي من انصار الحريري انفسهم ( الذي من المفترض بهم ان يواجهوا نفوذه اصلا )، . وبعبارة روجيه ، و فقد لاقت نجاحا شعبيا . كان له التأثير المغناطيسي على الإسلاميين في البلاد.
وفي بواكير عام 2007 اعلنت هذه المجموعة عن نيتها في اقامة امارة اسلامية في شمال لبنان واشعلت مواجهات مع الجيش اللبناني بلغت ذروتها في مقاومتها لثلاثة اشهر وانتهت بهزيمتها في نهاية المطاف .اما الاعضاء الذين بقوا على قيد الحياة فقد لجأوا الى المجتمعات السلفية المرتبطة ارتباطا جيدا في شمال لبنان او ذهبوا الى سوريا مباشرة ،حيث قاموا بشن الهجمات ضد الشيعة في سوريا وضد الحكومة السورية.لقد بزغت فتح الاسلام بانها واحدة من أولى الجماعات المتمردة التي اعتمدت جدول الأعمال الجهادية، ومواصلة طرق الإمداد وشبكات التجنيد في لبنان لاستخدامها من قبل الجماعات الجهادية الأخرى.
ان النتيجة الأكثر أهمية على المدى الطويل لسياسة الأسد قد نشأت عن انفتاح سوريا على الشبكات الجهادية الدولية. اذ قبل أن يحول النظام بلاده إلى نقطة عبور للمقاتلين الأجانب،كان جهاديو سوريا قد نموا محليا و إلى حد كبير. واذا ما وجدت الروابط الدولية فانهم سيصبحوا جيران بعضهم البعض.ففي تنظيم القاعدة كان هناك دائما قادة بارزون من سوريا ،فالقائد الاستراتيجي ابو مصعب السوري على سبيل المثال او ابو الدحداح ، الذي حكم عليه بالسجن لمدة طويلة في اسبانيا . غير انهم فروا من البلاد في أوائل الثمانينات ، وليس هناك من شواهد تؤكد انهم قد وجهوا فعالياتهم الجهادية الى داخل سوريا ، او انهم سعوا الى تنظيم الجهاد ،او حتى اعربوا عن اهتمامهم لفعل ذلك.وخبراء الارهاب لم يكونوا على خطأ كلية لذلك ساد الاعتقاد–على الاقل لبعض الوقت- بان سوريا كانت خارج مدار تنظيم القاعدة.
غير ان ذلك تغير في عام 2003 حينما سمح الاسد للجهاديين في بلاده على اقامة الصلات بالزرقاوي وتصبح جزءا من خطوط امداد للمقاتلين الاجانب تمتد من لبنان إلى العراق، مع نقاط الطريق، وأماكن اختبائهم وتسهيلات تنتشر في جميع أنحاء البلاد.وبالمساعدة الفعالة من الاستخبارات السورية ، اصبحت سوريا مفتوحة لتدفق وخروج الجماعات الجهادية ذات الخبرة والمرتبطة بعضها ببعض بشكل جيد من ليبيا ، العربية السعودية ،الجزائر ، تونس ، اليمن والمغرب والذين احضروا معهم قوائم اتصالاتهم ومؤيديهم والاموال والخبرة .وبمرور بضع سنوات توقفت سوريا عن اعتبارها لطخة سوداء على الخرائط العالمية للجهاديين :وفي نهاية 2005 اصبحت ممرا معروفا للمجاهدين الاجانب، في حين اصبح المجاهدون السوريون اعضاء ذوي اعتبار في تنظيم القاعدة واصحاب خبرة في الاتصالات والخبرات الدولية اللازمة لتحويل سوريا الى جبهة القتال القادمة .
عندما اندلع النزاع الحالي،فانه لم يكن من المستغرب أن تظهر الهياكل الجهادية لأول مرة في الأجزاء الشرقية من البلاد، حيث تقع نقاط الدخول الى العراق، اوفي أماكن مثل حمص وإدلب، والتي كانت على مقربة من لبنان،او ان يكن مستغربا ان الجهاديين - وليس الإخوان المسلمون - هم الذين يمكن أن يوفروا معظم المقاتلين المحترفين وذوي الخبرة من ذوي المهارات والموارد والانضباط والتنظيم للرد على الحكومة . . كانوا أيضا هم الذين وجدوا أنه من الأسهل عليهم بسط سيادتهم على الشبكات الدولية من المتعاطفين الأثرياء، وخصوصا في منطقة الخليج، لتوريد الأسلحة والتمويل . ان أوضح مثال على ذلك هو الدولة الإسلامية في العراق والشام ( داعش ) ، وهي لاعب طائفي شرير في النزاع الحالي ينحدر من تنظيم القاعدة للزرقاوي في العراق والتي تؤدي الى نفس شبكات وخطوط الإمداد التي مكنت نقل المقاتلين من سوريا إلى العراق على عكس ما يجري الان، حيث تدفقات حركة المرور هي في كلا الاتجاهين.
بعد ان استعرضنا تاريخ ونزعة الجماعات الجهادية مثل ( داعش ) ، يتهم الكثير من شخصيات المعارضة الان المنظمات الجهادية بانها ليست اكثر من دمى بيد النظام السوري حيث يستمر استخدامها والتلاعب بها من قبل المخابرات السورية في جهودها الرامية الى تشويه الثورة و تقسيم المعارضة وردع الغرب من التدخل نيابة عنهم. وفي الواقع انه بات من شبه المؤكد ان العديد من الشخصيات المرموقة والاكبر سنا من الجهاديين من امثال ( داعش )يمتلكون سجلات بالتعاون مع المخابرات السورية وان قسما منهم هم من المتعاونين الذين يعملون لصاالح النظام . . وليس هناك أي شك في أن الحكومة السورية ، التي تقاتل أعداد كبيرة من المنشقين العلمانيين من قواتها الخاصة ، لديها مصلحة في تصوير المعارضة على انها تتكون من المتعصبين المجانين ، أو أن بعض أفعال السلطة- مثل الافراج عن المزيد من الاسلاميين من سجن صدنايا ،او تجنيب المناطق التي تسيطر عليها ( داعش ) من ضربات الهجوم كانت قد صممت سلفا لاضعاف منافسي (داعش ) والعكس صحيح ايضا لغرمائها. مع ذلك لا يزال لا أدلة قوية هناك على ان الجهاديين ككل تخضع لسيطرة النظام ، على الرغم من التصريحات المتكررة من قبل شخصيات المعارضة من ان تلك الأدلة سيتم عرضهافي المرة المقبلة.ولا أحد يشك في أن الجماعات الجهادية في سوريا تعتمد على الدعم الخارجي والشبكات الدولية ، بما في ذلك المقاتلين الأجانب من مختلف أنحاء الشرق الأوسط و حتى أوروبا. ولكن السبب أنهم كانوا على هذه القدرة من الحشد والتقبئة هو أن حكومة الأسد قد ساعدت على إقامتهم وانشائهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة