الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايات الرمل والنمل

سعد محمد موسى

2014 / 4 / 1
الادب والفن



كان اللاجيء مولعاً بمنح السكر الذي كان يدخره من حصة الارزاق الغذائية داخل المخيم الى مستعمرات النمل التي كانت تحيط بخيمته..
وذات يوم زارعاشق النمل صديقاً وأثناء حديث الضيف أمام الخيمة أشعل الزائر سيجارته ثم القى بعود الثقاب سهواً فوق قوافل النمل التي كانت مشغولة بحمل حبيبات السكر.
غضب مربيّ النمل وقاطع الضيف قائلاً لم القيت بعود الثقاب فوق مملكة النمل- هل تقبل لو ان شخصاً ما قد القى بجذع نخلة محروق فوق داركم !!!!
...
شيد عاشق النمل خيمته في إحدى أطراف مخيم رفحاء للاّجئيين العراقيين . وقد إختار العزلة والصمت بعيداً عن تجمعات الاخرين في هذا المعسكر المحاط بالاسلاك الشائكة ودوريات الحرس السعودي باطراف صحراء الربع الخالي .

كان المنفيّ يشعر بطمأنينة مع قطته الكسولة وأسراب النمل التي كانت ترسم تضاريس ارتحالاتها فوق الرمال
...
وقع بصر اللاجيء ذات ظهيرة على اسمه الذي منح القبول الى الولايات المتحدة الامريكية
بعد أن كان يتابع قبوله كلاجيء على لائحة الامم المتحدة لغرض سفره الى احدى الدول المانحة للّجوء بعد أربع سنوات قضاها داخل قساوة المخيم وسط رمال المخيم في منفى محاط بالاسلاك في أطراف صحراء الرعب الخالي فشعر بشيء من سعادة الخلاص أخيراً.
...
جاء بعض الاصدقاء لتهنئته وتوديعه الى خيمته وهو كان مشغولاً بتصفية أغراضه . وبعد مغادرة المهنئين من الخيمة
بقيّ عاشق النمل طيلة الليلة الاخيرة لم يغمض له جفن .
احتضن قطته ولم يتمالك نفسه من البكاء .. ثم القى بجميع السكر المتبقي فوق حافات مستعمرات النمل حول الخيمة.
...
تفحص عاشق النمل احدى صفائح مياه الشرب والتي كان يحتفظ به في عتمة زوايا الخيمة لتخمير النبيذ السري الذي كان يحضره ويعتقه وهو كان يخفيه بعيداً عن عيون الحرس السعودي وعن وشاية بعض اللاجئيين العراقيين من الذين جعلوا من أنفسهم شرطة للامر بالمعروف والنهي عن المنكر
ثم أفرغ بقية النبيذ من جليكان التعتيق في عبوتين فارغتين من علب مياه القصيم .
كان لمذاق النبيذ طعم الدهشة الاخيرة في هذة الليلة الربيعية التي قضاها اللاجيء في الصحراء متذكراً رحلته بعد قمع الانتفاضة بعد حرب الخليج عام 1991 ومغادرته الوطن وترك قطته وطيور الحمام التي كان مولعاً بتربيتها فوق سطح الدار.
تذكر طفولته المعاقة واليتيمة والتي عاشها في مجتمع قاسي دون رحمة ومراهقته الخجولة والمليئة بالحماقات .
ثم الشباب الضائع والمحطم الذي احترق مابين السجون والحروب العبثية.
كانت سويعات أخيرة تفصل السجين عن حريته
وهو يتذكر الليلة الاخيرة في جبهات الحرب اثناء الحرب العراقية الايرانية حين قرر ان يتمرد على هذة الحرب الطاحنة الطويلة، وأن يفر من الجبهة بأوراق مزورة تجاوز بها السيطرات العسكرية . وتذكر ايضا حظه العاثر الذي لم يجلب له اي فرصة ناجحة آنذاك للهروب خارج أسوار الوطن.
...
نام النمل بصمت مطلق في ثقوبه الرملية ونامت القطة في حضن صاحبها وهو كان يكرع بكؤوس النبيذ الاحمر الاخيرة .
وفي الصباح المبكر شد عاشق النمل رحاله وودع قطته بحزن بعد أن احتضنها وأوصى احد الاصدقاء أن يهتم بها وأن يطعم مستعمرات النمل بالسكر أيضاً..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال