الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو رؤية جديدة في السياسات الاقتصادية لدول الربيع العربي

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2014 / 4 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


في اليمن تحديدا ومصر وغيرها من بلاد الربيع ووفقا للازمات السياسية والاقتصاديةوتزايد اعداد الفقراء والعاطلين مع تفاقم ازمات اخرى لابد من الاهتمام الجاد والمسؤول والعلمي تجاه معيشة المواطنين وقضاياهم الا قتصادية والمعيشية . فالثورات ليست ترفا ولا من اعمال النخبة بل هي انتفاضات وحركات شعبية تستهدف اولا واخيرا تحسين معيشة المواطنين وحضور الخدمات التعليمية والصحية والمواصلات وتحسين معدلات الدخل مع الضمان الاجتماعي وهذا كله جوهر الثورات السياسية ببعدها الاجتماعي والاقتصادي وعليه خرج ملايين البشر من اجل ايجاد نظام سياسي يلبي لهم هذه المطالب الاساسية.
ومعنى ذلك انهم لم يخرجوا ويقدموا الشهداء والتضحيات من اجل تغيير شخص باخر او حزب باخر بل من اجل تغيير نظام سياسي بكل مؤسساته وتوجهاته بنظام اخر وفق منظومة متكاملة من المؤسسات والتوجهات العامة والانحياز الاجتماعي من خلال سياسات واجراءات محددة تصب في مصلحة الشعب من اول يوم تستلم فيه حكومة الثورة سلطتها .
ووفقا لحقيقة سوسيولوجية ان اي حكومة او نظام سياسي لايهتم بالبعد الاجتماعي فهو نظام معادي للمجتمع . من هنا فالتغيير السياسي باعتماد نظام جديد يتصف بالحوكمة والادارة الرشيدة وخلق اهتمام رئيسي نحو معيشة المواطنين ولا يمكن قبول اعذار تافهة بقصور ميزانية الدولة ومواردها وليس مبررا لها ان تسكت عن معاناة الشعب. فالاصل في الدولة وظيفتها في جلب الخير للمجتمع . وفي حالات الازمات يكون من ألوياتها تدبير موارد لتحسين معيشة الشعب باي شكل كان ودون هذا الامر نكون ازاء مافيا تنهب الشعب وتسرق قوته وتهدر حقوقه .. ومن هنا فالسياسات الاقتصادية التي كانت سائدة وفق تزاوج السلطة وراس المال ووفق غياب الشفافية وعدم وجود خطط واضحة واستراتيجية ودون مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني كل هذا لابد من اعادة النظر فيه باعتماد سياسات اقتصادية تعتمد منهج الشراكة محليا وخارجيا وتجعل من المجتمع هدفا رئيسيا لها بهدف تحسين معيشة المواطن .
وهنا ليس المطلوب غياب الدولة وبيع المؤسسات العمومية كما تري عصابات نهب الشعوب بل لابد من اعادة تجديد وظيفة الدولة وتطويرها وتوسيع فضاءات المشاركة للقطاع الخاص والمجتمع المدني في حضور الدولة المراقبة والمشرفة والمنظمة . فالمطلوب اذا تجديد دور الدولة ووظيفتها وليس غيابها تماما .
وهنا تستند رؤيتنا الى كبرى النظريات الاقتصادية والى تجارب حاضرة في الغرب الراسمالي نفسه الذي لجاء ويلجاء دوما في كل ازماته الى اعادة تفعيل دور الدولة وتدخلها النشط والفاعل في ادارة الازمات الاقتصادية وهنا نكون باعادة اكتشاف الكينزية برؤية جديدة -النيوكينزية- وهو امر مطلوب في مطلوبة في اليمن .. وبلاد الربيع العربي خاصة الدول ذات الكثافة السكانية كمصر واليمن .فهذه البلاد لاتنفع معها اتباع النموذج الغربي من الراسمالية خاصة نسخته الامريكية لضعف في مؤسسة الدولة واليات عملها وانتشار الفساد وضعف المجتمع المدني والقطاع الخاص ، ولايمكننا العودة الى النموذج الاشتراكي بتملك الدولة كل وسائل الانتاج . هنا لابد من رؤية بديلة تجمع اهم نقاط الالتقاء بين النوذجين السابقين في اطار من الاعتراف بفلسفة اقتصاد السوق وهنا يكون الافضل لبلادنا ومصر اعتماد اقتصاد السوق الاجتماعي وهو نمط متطور عن الليبرالية بابراز البعد الاجتماعي وحضور الدولة وهنا يكون الالتقاء بالكينزية (-جون مينارد كينز ، اقتصادي إنجليزي 1883 - 1946 النظرية) بصورتها الجديدة التي تمنح اهمية كبيرة لدور الدولة في اطار من فاعلية القطاع الخاص والمجتمع المدني . وأهم ما تقوم عليه نظريته ان الدولة تستطيع من خلال سياسة الضرائب والسياسة المالية والنقدية ان تتحكم بما يسمى بالدورات الاقتصادية وكانت لكينز مساهمة كبيرة سنة 1929 اثناء ازمة الكساد العالمية. وهنا لابد في هذه الازمات من : التشغيل الكامل من اجل تحريك العجلة الاقتصادية ولابد من اعادة توزيع الثروة والتسريع بالعملية الانتاجية لرفع معدل النمو وهو يرى ان البطالة ترتبط بانخفاض الاجوار الذي يعني انخفاض دخل العمال الذي يؤدي الى انخفاض الطلب على السلع مما يعقد مشكلة تصريف السلع بالأسواق. وهنا يؤكد كينز على انه لابد وان يكون للحكومة دور متتدخل فى الاقتصاد (تنظيم المجال الاقتصادي ومراقبته والاشراف عليه ) وهذا الامر قامت به الادارة الامريكية في زمن التوحش الراسمالي وفق الازمات التي تعرضت لها في الثمانينات وفي السنوات الخمس الاخيرة .
ومن هنا يكون من السياسة ان يتم تجديد وظائف الدولة ومهامها في صناعة القرار وفق متغيرات محلية ودولية ضمن مراجعات يقوم بها خبراء متخصصون اولا وسياسيون ثانيا وفق اجندة تنظر للوطن وللشعب كسياق عام تصنع السياسات من اجله وليس من اجل النخبة. وهنا على الدولة اعتماد اجراءات متعددة في خلق مرونة في النشاط الاقتصادية تتعلق بالسياسات المالية وسعر الصرف ومنع التهرب الضريبي ومنع الاحتكار وهنا انبه الى قضية بالغة الاهمية وهي مجال اهتمام الاكاديمي والسياسي وكتبت فيها منذ سنوات عدة بالنمو الاقتصادي الذي هو محل اهتمام وصفي وشكلاني للاقتصاديين وللحكومات ويتم التفاخر به اعلاميا كلما تزايد معدل النمو . اقول ان هذا التمو يجب ان يرافقه اعادة توزيعه وتوزيع ثماره على المجتمع بشكل خدمات ورواتب ومعونات حتى تعم الفائدة ومعنى ذلك ان النمو الاقتصادي ليس هدفا بحد ذاته بل هو وسيلة لتحقيق تنمية اجتماعية واسعة ومستديمة.
اذا يكون اقتصاد السوق الاجتماعي بدلالاته السياسية والاجتماعية ومضمونه الاقتصادي واجراءاته وفق حزمة متكاملة هو الاختيار السياسي الافضل لنظام اقتصادي تتبعه بلادنا وبلادان الربيع العربي تحقيقا لاهداف الثورات وتحقيقا لتنمية مستدامة تخفف من الفقر والبطالة تدريجيا وهو امر يتطلب بدوره نظام سياسي مدني ديمقراطي يعتمد الحوكمة كمجال اساسي في الادارة الحكومية وفق منظومة النزاهة الوطنية وهنا فقط يمكن ان يحصل انتعاش اقتصادي لثقة المستثمرين بالنظام وبالحكومة واجراءاتها وهو الامر الذي يتطلب حزم الحكومة وحسمها في تحقيق الاستقرار الامني والادارة الرشيدة في المؤسسات العمومية والتقاضي مع تزايد فضاءات الحريات العامة والشفافية . ومن هنا يكون اقتصاد السوق الاجتماعي ليس خيارا لنظام اقتصادي فحسب بل وخيارا لطبيعة النظام السياسي الاجتماعي وتحديد توجهاته السياسية والايدولوجية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل