الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تاريخ تطور الهوية السورية المأزومة

أحمد محمد

2014 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


إن أي فهم أو تصور لأزمة الهوية السورية سيكون قاصراً ومستعصياً على الإدراك ؛ما لم يتم رصد التحولات والحيثيات التاريخية للهوية السورية الوطنية , لتاريخ سورية الحديث ابتداءً من نهاية الاحتلال العثماني وصولاً للثورة السورية مطلع 2011ضمن رياح الربيع العربي الذي توقف عند سورية, وبناء عليه يمكن وضع التصورات والآليات الصحيحة لإعادة بناء وتكوين للهوية السورية المأزومة.
حيث ارتكزت الهوية السورية أواخر نهاية الاحتلال العثماني وحتى الثورة العربية الكبرى بقيادة الحسين بن علي 1916على المرتكز الديني بسبب طبيعة الحياة الاجتماعية التي فرضها العثمانيون كامتداد للدولة الإسلامية بمفهومها الديني والسياسي,بقي هذا المرتكز مسيطراً على المجتمع والهوية حتى بروز الاتحاديين والأعمال والسياسات التي أساءت للشعوب الخاضعة للحكم العثماني وسياسة التتريك التي انتهجوها
فبعزل السلطان عبد الحميد الثاني 1909,بدأ مرتكز القومية العربية يتبلور ؟ظهر جلياً بعد الاستقلال عن العثمانيين 20آذار مارس 1920 بمبايعة فيصل الأول ومعارضة الحلفاء تشكيل حكومة عربية فوضعت سورية تحت الانتداب الفرنسي مما زاد الشعور بالحاجة للدفاع عن حاملهم القومي الجديد الذي حورب في مهده .
سرعان ما تحول هذا النكوص إلى ثورة (الثورة السورية الكبرى 1925)في كافة المناطق السورية من جبل العرب جنوباً بقيادة سلطان باشا الأطرش إلى حلب وإبراهيم هنانو شمالاً وحتى رمضان باشا شلاش شرقاً,انتهت باستقلال سورية 17نيسان /أبريل 1946,هذا الاستقلال والشروع بالممارسة الديمقراطية فتح الباب لتتشكل هوية سورية عربية ,بموازة ذلك أعلن تشكل إسرائيل على أرض فلسطين "العربية "1948؛مالبث أن تحول هذا التشكل إلى أهم قضية للعرب وللسوريين ,بانتهاء مرحلة الانقلابات (حسني الزعيم – سامي الحناوي – أديب الشيشكلي) دخلت سورية مرحلة من الديمقراطية وبرزت الهوية السورية كهوية سورية و قومية مما أثر إيجاباً على الحياة العامة وعلى المجتمع فكان بداية للنهضة والتنمية ,فكان أبرز دلالة على الهوية السورية الوطنية هو تكليف الرئيس السوري هاشم الأتاسي لفارس الخوري (المسيحي) بتشكيل الحكومة 1954.
سرعان ما تغلب "الوعي القومي" على الوعي القائم على المرتكز الديني ؛متأثراً بالنهضة القومية الأوربية , بعد الاستقلال عن الاحتلال العثماني وبعده الفرنسيين والبريطاني - رغم بقائه لعام واحد - ارتسم جلياً لمرحلة" قضية العرب الأولى فلسطين" .
طفا القومي على الوطني للهوية السورية حتى انقلاب البعث 8 آذار/مارس 1963حيث استغل هذا الحامل وأفرغ من مضمونه وانحسر في تطبيقاته وممارساته ليتحول إلى مصطلح نظري يستر البعث نفسه ليقضي على المجتمع السوري والعربي لاحقاً؛حين بدأ بإفراغ الحياة السياسية والتفرد بالحكم مؤسساً لبداية نظام شمولي استبدادي بقبضة عسكرية أمنية شديدة الصرامة,تبلور هذا التحول بانقلاب حافظ الأسد على البعث ,الجيش ,المجتمع , حيث عمل على خطين متوازيين ؛ داخلياً بإقصاء أعرض التيارات الرئيسية آنذاك وخصوصاً - الشيوعيون والأخوان - , وخارجياً دخول القوات السورية إلى لبنان ضمن قوات الردع العربي 1976 حيث تعامل حافظ الأسد مع لبنان كسلطة احتلال فاشية .
بدأ الصراع في المجتمع السوري كصراع بين سلطة دكتاتورية ومجتمع كامل بكل مكوناته بدأ بسياسات استبدادية ممنهجة حيث قام بترييف المدينة وتكريس تأخر الريف ,وفشل في عملية التنمية , وإحداث تغيير ديموغرافي وبالأخص فيدمشق ,وكان أخطر ما قام به هو علونة المؤسسة العسكرية والأمنية واختزال الدولة في شخص القائد الأوحد "سورية الأسد",وبدأ بتجزئة الهوية لهويات إيدلوجية عديدة (دينية وقومية).
منها هوية دينية حملها الأخوان المسلمين بداية بما عرف بأحداث الثمانينات وعسكرة الثورة التي انفجرت بوجه حافظ الأسد وانتشرت بعموم سورية لكنه أخمدها بأشرس هجمة عسكرية وأمنية عرفتها الثورات بغطاء إقليمي ودولي ,ووضع من تبقى من خصومه السياسين داخل أقبية المخابرات والسجون .
وهوية قومية منها القضية الكردية أبرزها مسألة أجانب الحسكة المعلقة من عام 1945 وإهمال مشكلة إحصاء 1962 ومنع الجنسية عن أكثر من ربع مليون شخص فيما بعد وحرمانهم من أبسط الحقوق (حق تثبيت الزواج,حق العمل لدى دوائر ومؤسسات الدولة ).
استمرت تلك العقلية الدكتاتورية و الإقصائية حتى أصبح الربيع العربي على أعتاب دمشق فكانت تلك هي الفرصة الأخيرة لتتحول سورية نحو التغير الديمقراطي إلا أن النظام رفض ذلك مؤمناً "بأبديته الأسدية" وقبضته الأمنية والانفصال عن الواقع الثلاثاء 1شباط 2011لتدخل سورية بعدها مرحلة هامة وخطيرة بدأت بمطالبات بسيطة سرعان ما تطورت لثورة ابتدأت سلمية ؛لكن سرعان ما تحولت لكفاح مسلح نتيجة القمع المفرط والدموية الرهيبة ,وهو ما يعتبر أعظم تحول اجتماعي لسورية تاريخياً للحصول على الحقوق الرئيسية في الحرية والكرامة واستعادة الهوية المسلوبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. كتيبات حول -التربية الجنسية- تثير موجة من الغضب • فرا


.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كولومبيا وتفض اعتصام المؤيد




.. بصفقة مع حركة حماس أو بدونها.. نتنياهو مصمم على اجتياح رفح و


.. شاهد ما قاله رياض منصور عن -إخراج الفلسطينيين- من رفح والضفة




.. نتنياهو يؤكد أن عملية رفح ستتم -باتفاق أو بدونه-