الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشّاشة أفيون الشعوب العربيّة

هاجر زرّوق

2014 / 4 / 2
كتابات ساخرة


أحيانا, يوسوس لي الشّيطان و أتابع الشاشة العربية, و لكن سريعا ما ينتابني شعور غريب و كأنّ دماغي توقّف فجأة عن العمل, فما يدهشني في الشاشة العربية هي تلك المئات من البرامج التي يمكن أن أبسّطها و أصنّفها في النهاية إلى خمسة أنواع طاغية: قنوات الأخبار و الطبخ و المسلسلات و المنوّعات الغنائية التجاريّة و الحلقات الدينية الرّديئة.

كلّ هاته البرامج توفّر للمشاهد العربي كمّا هائلا من المعلومات التي لا تفيد رأس ماله الفكري في شيء بل تجعل من الحرص على مستواه الثقافي آخر اهتماماته, فوصفات الطّبخ ترضي معدة المشاهد و تشبع غريزة الأكل عنده, و الموسيقى التجارية لا تنمّي حسّه الفني و الجمالي بما أنّها تجعله يكترث بفستان المغنية الموضة و شفاها المُصطنعة أكثر من اكتراثه بجودة أداءها الموسيقي, و لا تخرج معظم مسلسلاتنا من مواضيع الزواج و المؤامرات العائلية, بينما يبثّ الداعية سمومه قصد قولبة المجتمع العربي و دقّ نعش العقل النقدي الذي أصبح اليوم على أبواب الانقراض.

أما بالنسبة إلى الفضاءات الإخباريّة, فهي عوضت البرامج الثقافية و ذلك بسبب قصر تقاريرها و أفلامها الوثائقية التي لا تأخذ من المشاهد العربي الكثير من الوقت, فتجعله لا يوظف الكثير من الخلايا الدماغيّة و تعطيه وهم اكتساب الثقافة العامّة.

إلى جانب هذه الأنواع الخمسة, تبقى التلفزة الثقافية العربيّة غائبة عن العيان و لا تحظى باهتمام أصحاب القنوات, و ذلك لعدّة أسباب اجتماعية و اقتصادية مثل نسبة الأمية المرتفعة في العالم العربي, و عزوف المواطن العربي عن غذاء العقل, و طغيان الثقافة الاستهلاكية و المادّية على سلوكه, و تأثره بالخطاب الأصولي الذي يحدّ من فضوله و من البحث عن الحقيقة خارج الحقل الديني. من ناحية أخرى, تحرص الطبقة السياسية العربية على تهميش العقل بهدف خلق مجتمعات محدودة البنية الفكرية, منغلقة الهويّة, جاهلة بقدراتها و بطاقاتها, فيجد الحكّام في التلفاز مبتغاهم و ذلك عبر إنتاج شاشة تتميز بعقمها الفكري, بينما يدعمون في المقابل جميع مقوّمات المجتمع الاستهلاكي مثل الأكل و الغناء "الخفيف" و المسلسلات ذات السيناريوهات الجوفاء و التجارة بالدين.

و هكذا, تمكنت الشاشة العربية من تخدير الأدمغة و من الاستيلاء على عقل المواطن العربي, و لو تعرفنا على ممولي هاته الشاشة لأدركنا سرّ عقمها, فبلدان الخليج تهتمّ كثيرا بالإرسال التلفزي عبر الفضائيات و ذلك لتحقيق أهدافها, و دعم مصالحها, و زرع التعصّب, و تعميم سياساتها, و على هذا النحو, تصبح الشاشة وسيلة جديدة للاحتلال الثقافي و الأيديولوجي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكرى وفاة الشاعر أمل دنقل.. محطات فى حياة -أمير شعراء الرفض-


.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي




.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني


.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم




.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع