الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مُهدد من -نصف- إنسان!!

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 4 / 2
كتابات ساخرة


لو كنت قارئٌ جيد فلابد أن تكون قد لاحظت أن أكثر الكتاب إثارةً للجدل و للمتابعة هن الكاتبات من نسل حواء المُقدسة..ففي الأغلب تثير هذه الكاتبة أو تلك الجدل كما المتابعة و النقد ليس لجودة ما تكتب -حتى لو كان رائعاً من حيث المستوى الأدبي أو الأفكار- و لكن لأنها أنثى تسللت من بوابة صرح الصمت الذي تقبع بداخله ملايين النساء سواها.

المرأة عندما تكتب تختلف الأسباب التي تدفعها لتلك الخطيئة -كما يراها الآخر منذ الأزل- و لكن على الأغلب يكون الدافع لذلك هو التعبير عن الذات..سيقول لي البعض مندهشاً "و لكن هذا بالتأكيد هو أيضاً دافع أغلب الذكور عندما يقررون الكتابة!!"..و لكن هنا سأختلف معكم كثيراً..فالكاتب الذكر عندما يكتب فهو يفعلها لأسبابٍ كثيرة تتدرج في أهميتها بالنسبة إليه..فالبعض يكتب لينتصر لطرفٍ على حساب الطرف الآخر..و البعض الآخر يكتب لأنه دُفع له لكي يُروج لفكرةٍ ما..و البعض يكتب لأنه لم يعتد على فكرة أن لا يكون لديه إلهاً ليمجده فيما سيكتب..و هنا ليس بالضرورة أن يكون ذلك الإله المُمجد كائناً غير بشري.

هناك من يكتب لأنه يريد أن يمارس العنصرية و لكن بالطريقة الحديثة..فيُقصي هذا و ذك و دوافعه قد تكون لأنهم لا يملكون ذات المذهب الديني التيار السياسي الطبقة الاجتماعية أو حتى درجة لون البشرة..و هنا نجد أنه يمارس الإقصاء ليس لأنه يريد ذلك و لكن لأنه يجب أن يفعل..فمنذ الطفولة و الدين -بمختلف مسمياته- و الثقافة المجتمعية تعلمانه أن المختلف مخطئ و مع مرور الوقت تتمدد كلمة "مختلف" لتبتلع كل الحدود الفاصلة بين القبول و الرفض لذلك الاختلاف.

و لكني في ذات الوقت لا أنفي أن الكاتبة الأنثى -كما الذكر- تسقط في تلك المطبات الأخلاقية و لكن بشكلٍ قد يكون أقل تكراريةٍ منه..فالأنثى تهتم بأن تُصرح عن كل فكرةٍ لا تتمكن من البوح بها على أرض الواقع..فهذا الأمر هو الهاجس الأكبر لديها..فكمية القمع التي تعاني منها المرأة -بخلاف الذكر- في مجتمعاتنا العربية عامةً و المسلمة خاصةً لا تترك أي مجال لأغلب النساء للحديث عن همومهن أحلامهن لحظات عُريهن و حتى لحظات شبقهن بكل ما تحمل من تفاصيل و جنونٍ و تعقل..لهذا يكون هاجس التصريح لدى الأنثى أكبر مما هو لدى الجنس الآخر.

لهذا اعترف أن من أكثر الأمور التي لم تعد تدهشني حقيقةً هو ذلك الهاجس الذي أجده قابعاً في ذلك التجويف الدماغي لدى أغلب من يراسلني..فهم على الأغلب -باختلاف مضمون رسائلهم- يجعلونني أتذكر مُرغمةً أرخميدس و هو يصرخ "وجدتها..وجدتها"..و لكن بدلاً من كلمة "وجدتها" أجد عبارة "أنتِ لست بفتاة بل و من المستحيل أن تكوني كذلك"!!..و الأسباب لهذا الأمر تختلف و لكنها كلها تتدفق من ذات النبع الذي تتدفق منه -بلا انقطاع و بشكلٍ متجدد- فكرة أن المرأة ما هي إلا "نصف" إنسان.

فالبعض يرى أني لست بفتاة لأني لو كنت كذلك لكنت لا أجيد "نسبياً" الحديث في السياسة..و هنا أجد أن من يخاطبني قد وقع في فخٍ نمطي..فالسياسة هي مجموعة أفكار تتم فقط مناقشتها و ليست تلك الأفكار الفيزيائية المستعصيةً جداً على الدماغ البشري متى ما أراد أن يفك رموزها..و هو هنا أيضاً يحاول أن يُلمح لي أن "الذكر" يتمتع بقدراتٍ ذهنيةٍ خاصة فلو كنت بفتاة فأنا سأكون "حتماً" لا أمتلكها..غافلاً -عن جهل- أن الأمم فعلياً و في أغلب مفاصلها المصيرية كانت المرأة موجودةً و حاضرةً بقوة لكي تصنع تحرك بل و لكي تحكم طريقة كتابة تاريخها..و عائشة و جملها ليسوا عن أي قارئٍ ببعيدين.

و البعض يرى أني لست بفتاة لأني أتحدث عن العلاقات الجنسية بكل أريحية..و لا أعلم لم نعتبر الحديث عن الجنس من المحرمات طالما أن الله سبحانه قد أورد له آياتٍ كثيرة ليناقشه بل و ليطرح أيضاً أسلوب المعاشرة الجنسية الأفضل لنا كبشر!!..فهنا يكون من باب أولى انتقاد الله لجرأته في الطرح و عدم التزامه بالأخلاق العامة و بنظرية "ما يجوز أن يُقال و ما لا يجب أن يُقال"..فهو من سن سنةً أنا لها من بعده من المتبعين.

و هناك البعض الذي يرى أني لست بفتاة لأن لدي وجهة نظر و الفتيات مخلوقات يجب أن يعشنَّ من دون ذلك الرجس الذي هو من عمل الشيطان..فإن امتلكنها بطريقةٍ أو بأخرى فيجب أن تكون تلك الوجهة تتبع رياح الذكر فلا تمتلك بوصلتها الخاصة بها..أنها وجهة نظرٍ تتبع وجهة نظر الجسد الآخر و تدين له بالولاء و الطاعة..فإن خالفته أو حتى حاولت ذلك فقد ارتدت و حكم الردة المقتبس من التوراة معروفٌ لدينا أجمعين.

أما آخر البعض فيرى أني لست بفتاة لأني أكتب ما أفكر به و لا أرتدي قناعاً لأُجمَّل به أفكاري فتصبح بعد كتابتي لها لا تمت لها بصلةٍ لا من قريبٍ و لا من بعيد..أي أن من يكتب يجب أن يرى ما هو التوجه العام للجموع ليسير بعقله معه..فالسباحة عكس التيار خطيئةٌ حتى لو كان كلامك هو الحق كما الأنبياء و لكنه يظل مخالفاً لأمر الجماعة مما يوجب القتل كما قيل لنا..فتجاهل تلك الأفكار المُتطهرة من الرجس و المتعلقة بأنك يجب أن تُظهر كما تُبطن و أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار..فتلك الهواجس لا تليق بنا فنحن قومٌ يتطهرون.

أمرٌ مضحك..نحن نرفض أن يتحدث الذكر و لكننا في ذات الوقت نرفض أن تقوم الأنثى بتلك المهمة..نريد أن نركع جميعاً من منطلق الاعتصام بحبل الله..إن رفض الركوع رجل فتلك مشكلةٌ و لكن أن ترفض أنثى الركوع في زمنٍ ركع فيه ذكوره فتلك مصيبةٌ!!..حينها لا يكون الحل الذي أمامنا أن ننتفض فنلقي أقنعة الطُهر الزائف و الخضوع المُذل لأفكارٍ مزقت عذرية عقولنا كما كرامتنا لآلاف المرات كما السنوات..و لا يكون أن نفكر هل ما كُتبته تلك الخاطئة "قد" يحمل جانباً من الصواب أو الخطأ مما سيجعلني أقرأ لأحدد إلى أي الكلمتين هي أقرب..لا نفعل أي شيءٍ مما سبق فكل ما نملكه في جعبتنا هو الحل الأسهل الذي سيمارسه أي ذكر عاجزٌ جنسياً ألا و هو الرفض بالاعتراف بمشكلته مع الإصرار على معاشرة امرأته بكل عنف ليثبت وجهة نظرٍ لا تحتمل الصواب و الخطأ!!..لهذا سأعترف لست بفتاة فأنا "قد" أكون فتاة و لكني للأسف أملك روحاً مُتخمةٌ بالتهم المدونة أعلاه و أعتقد أني لا أرغب في التوبة عنها..فلا تلوموني و لكن لوموا الرب على عطاياه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-