الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يصبح الإعلام أداة للتسقيط السياسي (البغدادية انموذجا )

احمد عبدول

2014 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لو راجعنا كل المصادر والموسوعات العلمية والأكاديمية التي تناولت مفردة (الإعلام ) لوجدناها وبدون استثناء تشير إلى ان مفردة الإعلام إنما تعني الإخبار عن جملة من الحوادث بكل تجرد وأمانة ومسؤولية ,هذا هو الهدف الرئيس من الإعلام أما مهامه الاخرى فإنها تتلخص في تفعيل عملية الوعي الجماهيري والتأثير في اتجاهات الرأي العام من خلال التثقف والتنوير وتوسيع دائرة المعرفة , أما فيما يخص السياسة فان الإعلام يرتبط ارتباطا وثيقا بها لكن هذا الارتباط انما يأتي من خلال عملية تشخيص الأخطاء والوقوف عند جملة من الحلول والمعالجات لتدارك مثل تلك الأخطاء التي ان لم تعالج فإنها تعود بالضرر البالغ على حياة الفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام, باختصار شديد فان مهمة الإعلام فيما يخص عالم السياسة إنما تتلخص في تقويم العملية السياسية من خلال الرصد والمتابعة والنقد الهادف والبناء.
الإعلام وفي كل المصنفات التي أسهبت في التفصيل في مدلولاته ومهامه ومبانيه إنما تؤكد على أهميته كعنصر فاعل وأساسي في صناعة رأي عام يكون على درجة عالية من القوة والتأثير شريطة ان لا تبنى تلك الصناعة على حساسيات حزبية وسياسية , لذلك نرى ان ما تركه جهابذة الإعلام من مصنفات وكتب ومطولات تشير وبقوة على ان الإعلام بكل مشتملاته من فنون صحفية وإذاعية وإعلانية وترويجية إنما يهدف الى خلق حالة عامة من الوعي الجماهيري إزاء جملة من القضايا العامة والمصيرية بعيدا عن أي انحياز أو تطرف .
لكن الإعلام لا يدخل ضمن صميم العمل السياسي المباشر الذي يحاول جاهدا تجيير الإعلام كسلاح له ثقله وأهميته في معارك الساسة بغية الوصول الى غاياتهم النفعية الضيقة .
ولا شك ان الأنظمة السياسية إنما تجد ضالتها في ذلك الإعلام المنحاز والمسيس حيث تقوم باستثماره لخوض غمار التسقيط الحزبي والسياسي ضد خصومها وهي بذلك تنجح نجاحا ملحوظا في عملية الخروج به من مربعه الى مربع المناكفات الحزبية حتى يصبح مومسا تتنقل بين أحضان سياسي واخر .
ان ما تقوم به فضائية البغدادية التي تبث من ارض الكنانة (مصر ) من دور سياسي صرف يتزيا بزي الإعلام ويلتحف بثياب الإصلاح والخوف على مستقبل العراق والعراقيين لهو دور مؤارب مخاتل يجب ان ننتبه الى مخاطره وتداعياته على مستوى قناعات الراي العام ,حيث تسعى تلك الفضائية المسيسة مسبقا الى تلميع صور شديدة القتامة والسوداوية تعود لحقب بائدة تسيد فيها الجور واستحكم فيها الظلم إضافة الى اقتصار جهدها الإعلامي على رصد الجوانب السلبية فيما يتعلق بالعملية السياسية الجارية في العراق .
عندما ينزلق الإعلام الى مستوى متابعة طريقة جلوس هذا المسؤول أو ذاك أو أسلوبه في الحديث ,أو ذوقه في ما يلبس وما يأكل فانه إعلام مريض قد توضأ بماء المكر واغتسل بمستنقع الخداع والرذيلة, عندما ينزلق الإعلام الى ملاحقة حياة هذا المسؤول الشخصية أو ذاك فانه إعلام مفلس ومعبأ بشكل وأخر .
ان مخاطر ما تبثه فضائية البغدادية من سموم قاتلة يفوق ما قامت ببثه فضائية الجزيرة خلال عامي 2005ـ2006 عندما أخذت تذرف الدموع على مجد العراق الزائل ,الذي شيد على أنقاض جماجم العراقيين وكان من نتائج تلك الدموع المزيفة ان ساهمت مساهمة فاعلة في إذكاء نار الحرب الطائفية التي راح ضحيتها الألوف من المواطنين الأبرياء .
يمكن القول ان فضائية البغدادية هي الوريث الإعلامي الشرعي لإذاعة (صوت العرب )ومقدمها (احمد سعيد )وهي الإذاعة التي سخرت كل إمكاناتها لإسقاط حكومة الزعيم الراحل (عبد الكريم قاسم ) إبان ستينيات القرن الفائت وما أشبه ما نشهده من على منبر البغدادية اليوم من أساليب تسقيطية وبين ما كانت عليه إذاعة صوت العرب وعرابها (السعيد ) .
لا يمكن بحال من الأحوال ان لا تكون لكل وسيلة من وسائل الإعلام حريتها في امتلاك سياسة وتوجه معين حيث لا توجد وسيلة إعلامية محايدة بدرجة مائة بالمائة لكن ان تكون هذه الوسيلة الإعلامية كما هو الحال بالنسبة للبغدادية ,طرفا فاعلا وشريكا أساسيا في المعارك السياسية والتسقيطية فهذا ما لا يتلاءم وطبيعة المهام الموكلة إليها والمناطة بها على ضوء مقررات الإعلام ذاته .
ان تكون هذه الفضائية او تلك طرفا في حساسيات تقوم على أساس التوجه الحزبي او الطائفي أو العرقي أو المناطقي فهذا ما يدخل تلك الفضائيات عالم الصراع الحزبي المحموم من أوسع أبوابه , والذي يعود بالضرر البالغ على مجمل العملية الإعلامية ذاتها .
ان ما نشهده اليوم من واقع للكثير من القنوات الفضائية وقد باتت رهينة أجندة سياسية إقليمية ودولية يعد أمرا بالغ الخطورة , الا ان الكثير منا وللأسف الشديد لا ينتبه الى مثل ذلك الأمر حينما يتأثر بما ترفعه تلك الفضائيات من شعارات ولافتات وعناوين براقة ظاهرها الرحمة وباطنها الرجوع بالعراق والعراقيين الى زمن التبعية والذل والهرولة لجبهات القتل المجاني على طول الحدود العراقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأميركي: دمرنا محطة تحكم و7 مسيرات للحوثيين في اليمن


.. درجات الحرارة بالعراق تتجاوز الـ50 والمختصون يحذرون من الأسو




.. ما آخر تطورات العملية العسكرية بحي الشجاعية شمال غزة؟


.. رقعة| تدمير الحي الإداري برفح نتيجة العدوان الإسرائيلي على غ




.. وزارة الداخلية الإيرانية تعلن التوجه إلى جولة ثانية من الانت