الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في فرية دعم الفلول للسيسي..

السيد شبل

2014 / 4 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ربما يكون المتخوفون من ترشح "عبدالفتاح السيسي" لديهم بعضًا من الحق، إن أعلنوا أن حذرهم ناتج عن اقتراب "عمرو موسى" من دائرة الفعل وصناعته في حملته الإنتخابية.. و"موسى" صاحب دور سئ لدى وطنيي الأمة وقومييها فيما يتعلق بتسهيل التدخل الخارجي "الأمريكي الناتوي" في كل من العراق 2003، وليبيا 2011.. ولكن شرط منطّقة - جعلها منطقية - هذه التخوفات وتقبلها هو أن يكون لأصحابها مواقف قطعية في أوقات تسبق اللحظة الحالية بكثير، أعلنوا فيها، عن رفض التدخل الخارجي في الأخيرة - ليبيا 2011-، وعن التحفظ على عمرو موسى وأدائه ودوره السياسي.. وإلا تم وضع "تخوفاتهم" والإعلان عنها في خندق المزايدة والمتاجرة التي لا تعكس إيمانهم بعكس ما ينتقدوه.

ولأن منهجنا في الكتابة وما نراه من شواهد لا يسمح لنا بالتماهي مع المروجين للشخوص، ولا نعتبر أن مقال الرأي مفيد إن قال لك "افعل"، ولكنه مفيد إن أوضح لك "لماذا تفعل؟" وبدد ما لديك من شكوك تعيقك عن الفعل.. وهذا ما نحن بصدد القيام به مع تناول ما يثار عن تأييد أنصار نظام مبارك للمشير"السيسي" ومساندتهم لقرار ترشحه.

وقبل الخوض في طرح مؤشرات قد تساهم في زلزلة بنية هذا الإفتراء.. نريد أن نوضح أمرين:

الأول: أن هناك فارق كبير بين القطاعات الشعبية التي تأخذ موقف سلبي من "يناير" وممن تزعموها في وسائل الإعلام وما ترتب على أحداثها من فوضى هددت كيان الدولة ذاته، ويجرّهم هذا الموقف أو التطرف فيه أحيانًا إلي التباكي على رأس النظام الساقط في فبراير 2011 الذي كان يحفظ لهم - بحسب رؤيتهم - أمنهم، وبين أقطاب النظام الذين تحسنت أمورهم على مختلف الأصعدة جراء ارتمائهم في أحضانه، وصنع أو مباركة سياساته، وما يؤكد على الفارق بين الصنفين، أن الأول "الشعبي" كان أكثر من عانى جراء سياسات "مبارك" الإقتصادية، وأغلبهم كان مهللًا لرحيله في 11 فبراير 2011، لذا فلا يمكن أخذ تباكيهم اليوم على محمل الجد وإنما يمكن قرائته على أنه رد فعل - مشوب ببعض حسن النية والجهل بطبيعة الأمور -، لتدهور الأحوال - أمنيًا واقتصاديًا - بعد يناير 2011 وبروز أشخاص من ثنايا أحداث "الثورة" ثبت عمالتهم وخيانتهم للوطن من أكثر من جهة.. وهذا الصنف بقليل من التوعية السياسية سيكتشف أن الدائرة التي يعاديها، ليست منفصلة كما يتخيل، بل مكتملة تحمل في نصفها الأول جمال مبارك ورجاله، وفي الثاني المجوعات التخريبية الممولة التي تستتر بعباءة "الثورة"، وهي أبعد ما تكون عن مفهوما النقي والإصلاحي والوطني.. وأجهزة الإعلام مطالبة الآن، أكثر من أي وقت مضى بإماطة اللثام عن حقيقة مفادها: (( أن الوجوه "الثورية" التي ترفضها تلك القطاعات الشعبية - ويرفضها أصحاب الثورة بمعناها الجذري معهم - هي في حقيقتها إبنة شرعية لنظام مبارك ذاته، حيث سمح - بتأثير من نجله الذي كان يطمح لتولي السلطة خلفًا له، وزوجته التي كانت تبارك خطة التوريث، ورضوخًا للخطط الأمريكية بعد احتلال العراق - لأجهزة مخابرات غربية بالتوغل في المجتمع المصري مستترة بعباءة "حقوق الإنسان والديمقراطية"، ومن ثم قامت بتدريب مجموعات سياسية وشبابية، وهي ذات المجموعات التي تصب الأغلبية الشعبية جام غضبها عليها اليوم )).. وبناء عليه فلا يمكن أن تثير مسألة تأييد هذه القطاعات لأي مرشح تخوفات من جهة أو أخرى.

الثاني: أن "النظام" - بالأساس - سياسات وتوجهات داخلية وخارجية، وأن النظام الحاكم وإن كان يُخضع الأجهزة البيروقراطية لسلطانه، إلا أن الدولة يظل لها كيانها الذي حتمًا يصيبه رذاذ فساد النظام، لكنه لا يشوبه بالكلية.. وإلا فلما وافق معسكر "يناير" على تنصيب عصام شرف وقد كان وزيرًا للنقل في عهد "حسني مبارك"، رئيسًا للوزراء في مارس 2011 ؟.. ولماذا ساند زياد بهاء الدين عندما كان نائبًا للشؤون الاقتصادية لرئيس الوزراء المصري السابق حازم الببلاوي بعد 30 يونيو؟ ولماذا اعتبر استقالته من هذا المنصب مؤشر على ابتعاد النظام الجديد عن شعارات "يناير"، رغم أن "بهاء الدين" كان مستشارًا لوزير المالية الأسبق في حكومة "أحمد نظيف"، "محمود محيي الدين"، كما شغل منصب رئيس الهيئة العامة للإستثمار، ثم رئيسًا للهيئة العامة للرقابة المالية حتى 2011 ؟.. ونحن إذ نسوق هذين المثالين للرد على هذه الشبهة - شبهة فساد كل رجال الدولة في عهد مبارك طبقًا لمنطق معسكر "يناير"-، نؤكد على أننا لم نعتبر "زياد بهاء الدين" رجل دولة فقط يمكن تمرير قبول توليه لمنصب في العهد الجديد، بل اعتبرناه منذ اللحظة الأولى إمتدادًا لسياسات جمال مبارك "النيوليبرالية"، التي انتفضت الجماهير لاسقاطها والتأسيس لإجراءات عادلة أكثر انحيازًا لمصالحهم.. إلا أن ما يمكن استخلاصه من الأمثلة السابقة والتعقيب الذي ألحقناه بها، هو أن تأييد أحد الأشخاص الذين تولوا مناصب قيادية في الدولة المصرية في الثلاثين عامًا الأخيرة لأي مرشح ليس نقيصة -على الإطلاق -، وأن الحكم على الأشخاص يأتي من خلال أجنداتهم السياسية وتوجهاتهم حتى لو لعبوا دور المعارضة.. والتاريخ حديثًا وقديمًا يمتلئ بشخصيات تنافست مع أنظمتها الحاكمة على أساس أي الفريقين أكثر عمالة لأعدائه وأيهما الأقدر على خدمة مصالحهم !.
..

المؤشرات..

لا يمكن في هذا السياق تقديم مؤشرات أفضل من ذكر غيض من فيض شواهد تعكس جدية القائمين على دفة الوطن بعد 30 يونيو 2013 وعلى رأسهم، حتى الإستقالة، - بطبيعة المنصب - عبدالفتاح السيسي.. وتبنيهم لخط مغاير - إلي حد ما - للخط الحاكم لمصر منذ 1974 وصاعدًا، ويمكن إجمالها في التالي:

1- فتح علاقات جادة وحقيقية مع روسيا، وإزاحة الستار عن صفقات للتسليح وخطط للتمنية، وفي المقابل موقف صامد أمام التهديدات الأمريكية لم يزعزعه تخفيض المعونة أو سحب السفيرة "آن باترسون" وعدم تعيين سفير جديد حتى الآن.

2- دور أجهزة الدولة المصرية في تحييد بعض دول الخليج مثل "الإمارات والكويت" عن التورط في المسألة السورية، وهو ما انعكس في تصريحات البلدين في أوقات لاحقة، عن إيمانهم بالحل السياسي وأن لا ضرورة لرحيل بشار الأسد، وهي التصريحات التي استنفرت "احمد الجربا" رئيس ائتلاف المعارضة السوري ليقول: لا حل سياسي بلا تقدم عسكري ومضادات طيران، وأن عدم تسليم مقعد "سوريا" إلي معارضي "الأسد" في قمة الكويت الأخيرة نقطة تصب في صالح النظام السوري !.

3- التصريحات المعلنة والتحركات المتتالية لصنع وحدة عربية - وحدة موقف -، في مواجهة النظام العالمي الجديد الذي ترعاه وتباركه أمريكا، ويهدف إلي تقسيم جديد لدول المنطقة بحدود ترسمها الدماء، تنتج عن صراعات طائفية وعرقية.

4- نجاح الدبلوماسية المصرية، مستعينة بالموقف "العراقي والجزائري" في إزاحة علم المعارضة عن مقعد سوريا الشاغر بالجامعة العربية، ووضع علم "الجمهورية العربية السورية"، وهي خطوة يمكن اعتبارها دلالة على تغير في السياسات الخارجية المصرية، وعودة إلي دور ريادي قادر على الفعل والتأثير.. رغم إدراكنا أن طبيعة المرحلة لا تسمح بالتغيرات الدرامية ولكنها تفتح الباب أمام تغيير المرحلي محسوب العواقب.. وهذا ما نراه يتم.

5- امتناع مصر عن التصويت على القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة 27 مارس الجاري بشأن بطلان الاستفتاء الذي عقد في القرم، وأدى إلى انضمام القرم إلى روسيا.. وهو ما يؤكد وعي الإدارة المصرية بأهمية وجود عالم متعدد الأقطاب يسمح لمصر والأمة العربية بتوظيفه لصالحها.

6- "كامب ديفيد" والتي تمثل انتقاصًا حقيقيًا من السيادة المصرية على كامل أراضيها، والتي تعتبر قضية محورية بالنسبة للمعارضة الوطنية على مدار سبعة وثلاثين عامًا، تأثرت ولاشك بدخول كثيف لآليات وأفراد الجيش المصري في منطقتي "ب" و"ج" في إطار الحرب على الجماعات الإرهابية، وهذا ما يعزز فرص الإطاحة بها - فعليًا - قريبًا.

7- ما أشار إليه باحثون وصحفيون من ضمنهم "سامي كليب" في مقاله الأخير بعنوان " حزب اللّه وسوريا ومصر: شفير التفاهم"، والذي تحدث فيه عن دور أكبر للخارجية المصرية في محيطها الإقليمي، بانيًا على لقاء بين وزير الخارجية المصري ووزير الصناعة المنتمي الى حزب الله حسين الحاج حسن، معتبرًا أنها خطوة - تحتاج إلي تعزيز - على بداية الطريق، وتعكس تحولات كبرى.

8- ترقية الفريق محمود حجازي من منصب رئيس المخابرات الحربية لمنصب رئيس أركان القوات المسلحة، وهو بحسب شهادة رواها المحلل الإستراتيجي "احمد عز الدين" في مقال سابق بشهور على تعيينه، رجل وطني منضبط - كأغلب قادة القوات المسلحة- لكن أهم ما يميزه أنه من الطراز الثوري، لعب دورًا معارضًا لمعسكر "سامي عنان" رئيس الأركان الأسبق، في فترة ما بعد تنحي - خلع - مبارك.. حيث كان "عنان" يرى أن أقصى ما يمكن فعله هو تحسينات طفيفة على نظام مبارك لا تطال من قريب أو من بعيد العلاقات الخارجية، بينما "حجازي" كان يرى أن التحرر من التبعة لأمريكا شرط أي إصلاح، وكان يؤيد الطرح المتحفظ على وجود وزراء يمثلون إختراقًا أجنبيًا واضحًا لا يمكن السكوت عليه.

9- حصار إعلامي - مخطط - للشخصيات البارزة في منظمات الأنجزة والتمويل الخارجي، والأمل - والمصلحة الوطنية تفرض - أن تمتد هذه الخطة إلي غلق حاسم لقنوات التمويل، لا تسمح بهذا النوع من الإختراق.

وأخطر ما يمكن التنبيه إليه في هذه المسألة، هو الموقف المناهض الذي اتخذته غالب الأحزاب المدنية والجماعات "الثورية" من قرار المجلس العسكري بقيادة المشير "حسين طنطاوي" بإغلاق عدد من المعاهد والمنظمات التي كانت تقوم بدور مشبوه في المجتمع وتتلقى تمويلًا غير شرعي من الخارج.. وهو ما فتح الباب فيما بعد لتهريب "الأمريكان" المتهمين في هذه القضية بعد تصدع وانقسام الجبهة الداخلية وعدم مساندة النخب السياسية للقرار، وخضوع القيادة العليا للضغوط.

على الهامش.. (( كل ما ذكرناه - لاشك - خطوات سليمة تبشر بالخير، لكنها وإن كانت تمنعنا من المزايدة، فإنها تدفعنا في الوقت ذاته إلي المطالبة بمزيد من الخطوات الجذرية )).
..

ونذكر كحصيلة عددًا من الأمور كان رصدها هو الدافع الرئيسي للخوض في غمار هذه القضية..

أولا: أن صفحة "أنا آسف ياريس" عبر موقع التواصل الإجتماعي "الفيس بوك" المعروفة بدعمها ودفاعها عن الرئيس الأسبق "حسني مبارك" والتي يتخطى عدد متابعيها الثلاثة ملايين، لم تصرح بدعمها للمشير السيسي، وما يستشف من منشوراتها عكس ذلك، وتعليقات متابعيها تدور في فلك انتقاد ترشحه وأن "أحمد شفيق" كان الأفضل، كذلك فإن أن الصفحة في يوم الإعلان عن الترشح، اكتفت بطرح الأمر لاستفتاء (هل تؤيد ترشح السيسي أم لا ؟)، أما ما تبثه من أخبار وفيديوهات عن "السيسي" فلا تدخل - لدى أي واعي - سوى تحت بند "الدعاية مضادة".

ثانيًا: أن عبدالمنعم السعيد رئيس مجلس إدارة المصري اليوم - لماذا لا ينتقد كتاب فريق "الثورة" بالجريدة توليه لهذا المنصب !-، وأحد أكابر المروجين للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وأحد أقطاب نظام جمال مبارك، لا يفوّت فرصة للهجوم على إبراهيم محلب ومن خلفه السيسي ومن خلفهما ثورة يوليو 1952، بسبب تصريحات سابقة لـ"محلب" عن خلو حكومته من رجال الأعمال.

ثالثًا: أن ورثة نمط تفكير "جمال مبارك" - الليبرالي.. الهادف إلي تكبيل دور الدولة وتنحية الجيش عن المشهد السياسي - وهم طابور طويل يبدأ من عمرو حمزاوي ومحمد البرادعي، ويمر بمؤسسي الصحف الخاصة كابراهيم المعلم وهاشم قاسم، وينتهي عند الشباب الذين تربّوا في مؤسسات "أنا ليند وفريدوم هاوس والمعهدين الديمقراطي والجمهوري - وجميعها مؤسسات تقف خلفها أجهزة مخابرات عالمية باركت سوزان ونجلها توغلها في المجتمع المصري طمعًا في الرضا الأمريكي وعلى عكس رغبة الجناح العسكري والمؤسسي داخل النظام -".. يلعبون الدور الأخطر والأدهى في تشويه "السيسي" والحط من قدره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من المفاوض المصري المتهم بتخريب المفاوضات بين حماس وإسرائيل؟


.. غزة: ما الجديد في خطاب بايدن؟ وكيف رد نتنياهو؟




.. روسيا تستهدف مواقع لتخزين الذخيرة والسلاح منشآت الطاقة بأوكر


.. وليام بيرنز يواجه أصعب مهمة دبلوماسية في تاريخه على خلفية ال




.. ردود الفعل على المستويات الإسرائيلية المختلفة عقب خطاب بايدن