الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة - أصابع الأشياء الصغيرة

فكرى عمر

2014 / 4 / 4
الادب والفن


أَدَرْتُ عينى فى اتجاه مصدر الحركة، كانت الأبواب نصف مفتوحة والظلام يزحف من الداخل وبين تلافيفه أصابع حادة تنقر على الحوائط، نظرت لإحدى الغرف، رأيت يدًا عجوز تدير أكرة الباب فتركت الأوراق التى كنت أفرها على الكرسى وجررت قدمي للأمام؛ لأننى لم أستطع، وسط هذا الرعب الذى وُلد داخلى فجأة أن أسرع بالجرى، كانت إضاءة الممر تخفت وتشتد هى الأخرى كأنما تعاندنى.
هو الليل حتمًا ذلك الذى أعيشه الآن؛ فالشبابيك لا تأتى بضوء من الخارج، شبابيك المبنى الذى هو فندق قديم أو قصر عتيق اضطررت للجلوس فيه بعض الوقت، دفعت أحد الأبواب وأشعلت النور لكننى لم أجد أحدًا بالداخل، الحجرات الأخرى بدت فارغة إلا من أسرّة نظيفة ودواليب صغيرة، هل هذا المبنى لمستشفى فى مكانٍ ناءٍِ؟!
حينئذ تحسست جسدى لكننى لم أعثر على جرح غائر فى أى مكان منه، لما رجعت رأيت الصالة قد اتسعت مساحتها، وضمت مجموعة كبيرة من الأصدقاء والأهل، ضحكنا، أكلنا، قمت لأغسل يدى وعدت فلم أجد أثرًا لأى منهم.
بحثت فى أنحاء رأسى لأعثر على اللحظة التى جئت فيها إلى هذا المكان، آخر ما أذكره هو مشاهد مختلطة من أفلام ومسرحيات فى تليفزيون منزلنا وصراخ يأتى من الشارع.
هل أفتح شباكًا هنا وأنظر؟! الشبابيك هنا مغلقة بسلاسل من حديد، فى الخارج عواء هستيرى، مطاردات، فرقعات بالأيدى والأقدام، كلاكسات لا تكف عن الصراخ، هل أنا الآن فى مكان أكثر أمنًا رغم ما رأيت؟
لا، لا أمان فى الشارع أو هنا، كانت بالقرب منى أصابع حادة أحسست بها فى نصف الظلام لكنى لم أرَ وجوه أصحابها.
فكرت فى الأوراق التى كانت معى منذ وقت قليل، لعل فيها سر المكان وسر الهروب.
فى الصالة رأيت أكوام الأوراق التى تركتها من قبل بيضاء كأن أحدهم قد محا ما كان بها من كلمات وصور، بينما الضحكات الساخرة تطاردنى من الداخل، عالية ومستفزة كأنها تنطلق من وجوه وأجساد بجوارى حد الالتصاق، وأصابع تدور حول رقبتى لتتمكن من الخلاص منى، تذكرت كل الفتيات اللاتى أحببتهن الآن دفعة واحدة، أما الأصدقاء والأهل الذين كانوا معى منذ قليل، ثم رحلوا دون أثر فقد أحسست أنهم إنما يختبرون مدى صمودى وحيدًا تمزقنى الهواجس والمؤامرات.
........
........
........
كيف خرجت من ذلك المكان؟!
تذكرت أننى دونت كلامًا كثيرًا فى الأوراق طوال هذا الليل المُخيف، بينما أعضائى جميعها كانت متحفزة كأنما أكتب بمداد من دمى وبريشة من عظم جسدى.
كنت أمشى تحت أضواء النهار الآن، عيونى تغوص فى عتمة الأشياء والأفكار؛ لتفضح تفاصيلها بينما يشتد الزحام حولى ضاغطًا، وأنا أسعى لهامش الطريق كى أكون فى مسافة آمنة فلا أذوب وأتلاشى فى الجموع.
عاد السؤال طارقًا رأسى: كيف خرجت من ذلك الجحيم، وأى أذى طالنى دون أن أحيط به علمًا بعد؟ غير أن إجابة واحدة مطمئنة لم تكن تلوح لى حتى وأن أنهى الطريق إلى باب البيت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إبراهيم السمان يخوض أولى بطولاته المطلقة بـ فيلم مخ فى التلا


.. VODCAST الميادين | أحمد قعبور - فنان لبناني | 2024-05-07




.. برنار بيفو أيقونة الأدب الفرنسي رحل تاركًا بصمة ثقافية في لب


.. فيلم سينمائي عن قصة القرصان الجزائري حمزة بن دلاج




.. هدف عالمي من رضا سليم وجمهور الأهلي لا يتوقف عن الغناء وصمت