الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عملية ترقيع

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 4 / 4
كتابات ساخرة


عرفته في عام 2011 م..لن أزعم أني عرفته بشكلٍ شخصي و لكني عرفته "نسبياً" من صفحته على موقعٍ للتواصل الاجتماعي..و خلال الثلاثة أعوام الماضية وجدت أن اليمن بأغلب طوائفها -كما هو- موجودةٌ هناك بطريقةٍ مثيرة للحيرة كما الغثيان..لأنك هناك في صفحته ستجد أن أغلب اليمنيين يفكرون و يؤمنون بأشباه المبادئ كما ستجدهم يفعلون على أرض الواقع..ستتساءلون كيف يمكن لصفحةٍ أن "تُلخصنا" كشعب؟؟..أتبعوني لتعرفوا كيف!!.

في عام 2011 م أنشأ هذا الشخص صفحته على موقع التواصل الاجتماعي..و من ساحة التغيير -الذي لم يحدث- كان يبث المنشورات كما الأفكار..أفكارٌ ثورية بحق و لا يعيبها أي شيء إلا أن صاحبها سيلقيها في أقرب سلةٍ للمهملات بعد عدة أشهر!!..على أية حال كانت أغلب المنشورات التي يُمطرنا بها كل بضعة دقائق تتحدث عن علي صالح الحاكم الفاسد الذي يجب أن يتم إيقاظه عنوةً من سباته الطويل على كرسي الحكم..و بعد أن يتم ذلك الإيقاظ الإجباري ستتم محاكمته محاكمةً قد تنافس في أحداثها الدراماتيكية محاكمة أو جي سيمبسون.

لهذا عندما بدأت جموع الفاسدين و الفاسدات بالانضمام لتلك الساحة هاربين من سفينة علي صالح لم يكن هو لا سمح الله من المعترضين بل كان كما الله غفوراً رحيم..لهذا كانت أغلب منشوراته تدور حول نوعٍ من التسامح و التصالح مع الآخر لم يعتدهما اليمنيون يوماً..و هكذا ظهرت أحاديث البخاري الجميلة المزركشة و التي تتحدث عن سعة رحمة الرب و مغفرته..فتعرفنا على الرجل الذي قتل 99 نفساً و لكن الرب شمله برحمته فأدخله الجنة..فكيف لا نُدخل نحن لها من سرق عدة مليارات و قتل عدة آلاف و هتك الأعراض و كل ذلك على صوت الآذان كخلفيةٍ موسيقيةٍ لفواحشه!!..و هكذا دخل الجميع في حالةٍ من الحب الغير عذري مع الآخر "التائب"..فالغاية تبرر و الوسيلة..و غايتهم كانت علي صالح و وسيلتهم كانت التحالف و لو مع الشيطان ذاته.

و هكذا و مع مرور الوقت انتقلت منشوراته من الثبوت على موقفٍ لا يتزعزع بمحاسبة جميع من عرض هذا الوطن في سوقٍ عام للنخاسة إلى المهادنة قليلاً معهم..فالخطاب الهستيري المتشنج الذي ينادي بمحاكمة جميع الفاسدين لم يعد يناسب مقتضيات المرحلة الحالية..ما يناسبها الآن هو أن يصبح للجميع الحق في التوبة طالما أن اسمه ليس بعلي صالح..و لهذا كان باب التوبة في البداية موارباً ليتسع للقلة فقط من أتباعه و لكن مع مرور الوقت بدأت فتحة ذلك الباب تنفرج رويداً رويداً لتنفرج معها ساقا هذا الشعب "الثائر" ليلج من هناك من يلج.

و لكن حتى العشاق يدب الخصام بينهم و لهذا عندما دب النزاع بين الفاعل و المفعول به أصبح لزاماً على هذا الشخص أن يحدد موقفاً واضحاً لنفسه..و لكنه لم يكن قد استقر على رأيٍ بعد لهذا ظل متنقلاً بين جميع الأطراف كما فعل مريدوه و كما فعل هذا الشعب المُنساق دائماً و أبداً..فلعل أحد تلك الأطراف ينتصر فيُنتزع علي صالح من فوق عرشه..و هذا ما لم يستطع أي طرفٍ أن يفعله.

هنا كان قد ملَّ هذا الشخص -كما الشعب- التنقل بين أسرة الآخرين..فقرر بمعية أغلبهم العودة إلى سرير علي صالح..فعلي صالح رغم كل عيوبه تظل لديه نقطة تفوق لا يمتلكها أحدٌ سواه..فهو أكثر من يجيد إرضاء هذا الشعب على سريره..قد يكون لا يجيد إرضاؤه بشكلٍ كبير و لكنه على الأقل يعفيه من الأداء المثير للشفقة و الذي يمتلكه الآخرون.

حينها تغيرت المنشورات..فأصبح علي صالح هو الأعمى في بلد المبصرين..فعلي صالح لم يكن يعلم بحال البلاد و العباد..و لا يوجد مبررٌ حقيقي للومه فهو ليس بإلهٍ ليعلم كل ما كان يحدث و حدث!!..جوعٌ فقر بنية تحتية فساد يتجاوز مرحلة الاحتراف ليصل إلى مرحلة النار التي لا تُبقي و لا تذر و كل هذا و علي صالح لم يكن من المبصرين!!..و لا تستعجبوا أن أخبرتكم أن الملايين أصبحوا يؤمنون بهذا الأمر.

لهذا أقولها بشبه ثقة أن هذا البلد لن يحصل على أي نوعٍ من أنواع التغيير خلال العدة عقود القادمة..فتغيير هذا الواقعٍ الذي يمتلأ بالدعارة الأخلاقية لن يتحقق طالما أن الأغلبية تؤمن بنظرية "الخيزران و السنديان"..المبادئ لا تُجزأ..فإن كنت ترى نظاماً بأكمله فاسداً فهو كذلك من وجهة نظرك و لكن إن كنت ترى أنه يمكنك استغلال فساد بعض أجزائه لكي تحقق غايةً في نفس يعقوب فما الفرق حينها بينك و بين فتاة الهوى التي تريد أن تطعم أسرتها من ثدييها!!..فكلاكما لديه من المبررات القوية جداً بل و الأخلاقية جداً و التي ستُخرس أي منتقد..و لا أعلم حقاً أي جرأةٍ نمتلك فتجعلنا نمتهن إدانة فتيات الهوى دون شعبٍ سار أغلبه على خطاهن!!.

أحد المعضلات الأخلاقية العويصة جداً التي تحاصر هذا الشعب -كما الشخص الذي تحدثت عنه أعلاه- أنهم لم يولدوا مع ذلك الإحساس الغامض الذي يُدعى الكرامة..تلك الكرامة التي ستجعل أي شخصٍ "طبيعي" يرفض التفاوض مع من تناوبوا على هتك عرضه..و ما قيل أنه "ثورة" في اليمن لم يكن ثورة بقدر ما كان تغييرٍ لشريك السرير!!..و ما يثير الضحك أن الأغلبية تصر أن كل ما حدث من تنازلٍ أخلاقي ما هو إلا "خطأٌ صغير"..أي أن عملية التنقل الشهواني من سرير علي صالح لسرير علي محسن لسرير الزنداني لسرير الحوثي لا تصنع فارقاً جوهرياً لدى أغلب من تنقلوا بين تلك الأسرة طالما أنه ما زال في نهاية الأمر من الممكن القيام بعملية ترقيعٍ للغشاء الرقيق الذي كان يُغطي يوماً كل ما فقدوه..و لكن هل ما زال من الممكن؟؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-