الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنتخابات وتجربة العراق السياسية

صادق المولائي

2014 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية



منذ 9 نيسان عام (2003) وليومنا هذا جرت عدة عمليات انتخابية، وقد رأينا وسمعنا ولمس أغلبنا النتائج التي تمخضت عنها، والتي كانت اغلبها صراعات وتناحر وأزمات مفتعلة على أبسط الأمور، وتشريع قوانين لتوسيع إمتيازات المسؤولين، وإهمال المواطن ومشكلاته من الكهرباء وفقدان الأمن والأمان وتفشي البطالة فضلا عن التعنت وغيرها الكثير الكثير.. والتي جرت البلاد والعباد الى الفوضى وضياع مصالح الموطنين وحقوقهم. وكذلك القتل المبرمج بكل اشكاله وانواعه من دون ان يكون هناك حسابا او حدا للقتلة والمجرمين، مما خلفت تلك الظواهر الملايين من الضحايا كقتلى وجرحى ومعوقين، فضلا عن الأيتام والأرامل وكذلك المهجرين والمفقودين. كقرابين للعملية السياسية المريرة التي رحب بها العراقيون جميعهم، إلا من كان من أزلام نظام الطاغية المقبور وزبانيته، أملا ان يكون المستقبل مشرقا.

إلا ان جشع وطمع الكيانات السياسية ومسؤوليها ساق بهم الى التمسك بالكراسي، وجعلوا الإنتخابات وسيلة لنيل الشرعية والبقاء مدة أطول. تلك الانتخابات التي يدعو البعض منا إليها ويشجيع الآخرين للمشاركة فيها عبر وسائل الإعلام المختلفة او تُرغب الناس بالمشاركة، من خلال توزيع الهدايا والأموال التي هي أساسا من المال العام في قبضة السيد المسؤول يتصرف بها لتحقيق مصالحه الشخصية لإرضاء غرائزه واشباع أنانيته، فضلا عن الوعود العسلية وغيرها من الطرق.

ما أقوله ليس كذبا او تلفيقا او إفتراءا او تزييفا للحقائق، فكلنا بات يعلم ذلك او قدرا منه وربما البعض يعلم ما لا يعلمه الغالبية.

بعد هذه التجربة المريرة والتي مازلنا نعيش بين فكيها وندفع الضرائب بسببها من دماءنا وأرواحنا وأمننا وإستقرارنا ومصالحنا.... ألا ترون يُعد خطاءا تكرار العملية ذاتها وبآلياتها والقبول بنتائجها، التي تؤدي في النتيجة النهائية الى بقاءهم في دفة الحكم والسلطة.

وبهذا قد قدمنا لهم على طبق من الذهب فرصة أخرى لذات الأشخاص واتباعهم وعناصرهم ومنحناهم الشرعية، بعد ان وفرت المرجعية الدينية الغطاء اللازم والدعم من خلال الفتوى التي توجب المشاركة الفاعلة، لمنح التفويض علنا للاستمرار بسرقة المال العام، والذي هو مال الشعب المسكين المبتلى، ليستمر مسلسل الازمات المفتعلة.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل ستزداد سرعة ماكنة القتل والفتك بالأبرياء والمساكين من ابناء هذا الشعب، وسفك دماءهم على الطرقات والأرصفة والأسواق، لم يسلم منها حتى من يضطر ان يعتكف في بيته.

على مر التجربة المريرة للعميلة السياسية الجديدة الجارية في بلدنا لم تثبت أية كتلة او تظهر صدق نواياها او تنسحب من العملية السياسية، لتبحث عن وسيلة أخرى جديدة لإنقاذ البلاد من ذلك المستنقع والمواطن من تلك الدوامة. ولم نسمع تصريحا ذا فائدة يهدف الى نشر السلام وحقن الدماء، سوى التهديد والاتهامات المتبادلة ودفع الميليشيات والمرتزقة للنزول الى الشوراع، وحمل السلاح والقامات لإبراز العضلات وإثارة البلبلة وتعطيل مصالح الناس وترويعهم وإبتزازهم. وكذلك استمرار مسلسل التخوين وكيل الإتهامات بين الكيانات السياسية بالعمالة لدول الأجنية ودول الجوار.

انا على يقين انكم أمسيتم تعرفون ان الكتل والكيانات السياسية لا تكترث لما يجري ولا تبالي لمصير البلاد والعباد، بل كل همها توسيع رقعة نفوذها وزيادة رصيدها من المكاسب المادية والمعنوية وحماية مصالحها، ليكون لها دورا أكبر وسيطرة أقوى على زمام الأمور والسلطة والدولة، ليتسنى لها إزاحة الآخرين عن طريقها والإنفراد في إدارة السلطة والدولة وإحتكار المصادر المالية والثروات.

مدة قصيرة بقيت للإنتخابات، سرعان ما ستمضي، بينما لدى المواطن القلق والحيرة وأسئلة كثيرة، منها:-

هل سيعود الأمن والأمان والإستقرار؟

هل سيتم حسم ملف الكهرباء ليبقى مستمرا بلا إنقطاع؟

هل سترفع الحواجز الكونكريتية والسيطرات وسحب الجيش الى الثكنات العسكرية خارج المدن؟

هل سيتم وضع حدا للفاسدين والمفسدين؟

هل ستتوقف أمانة بغداد عن مشاريعها الفاشلة والمزيفة في إكساء الشوارع وإصلاح الأرصفة والتشجير، والذي يراه غالبية العراقيين إنها عملية سرقة مبرمجة للمال العام من قبل العصابات والمتنفذين في دوائر الدولة ومرافقها تحت حماية الكتل والكيانات السياسية؟

هل سيُحاسب القتلة ولا تترك الأمور سائبة بيد العشائر؟

هل سيتم حصر السلاح بيد الدولة ودوائها الرسمية بموجب الدستور والقانون، ام سيبقى الحال.. حلال لهم وممنوع وحرام على الآخرين؟

هل ستمنع ظاهرة حمايات المسؤولين وحملهم للأسلحة المرخصة لترهيب المواطن الأعزل المسكين، بينما سجلوا عجزهم أمام الإهاب وتفرعنواعلى العراقين البسطاء؟

هل ستتوقف القنوات الفضائية الممولة من الكيانات والكتل السياسية من الهرج والمرج وتمجيد الأصنام والرموز وإظهارهم كمنقذين للشعب بمختلف مكوناته ومذاهبه وأطيافه، والكف عن التشهير بدوافع لا علاقة له بالوطنية او الحرص على مصلحة البلاد سوى التسقيط السياسي؟

هل ستتخلى الكيانات والكتل السياسية عن التوافق السياسي الذي يجرى عادة بعد كل إنتخاب والأصح يجرى قبل كل إنتخاب؟

هل ستتوقف الكيانات من تنفيذ أجندة ومصالح الدول الخارجية التي تهدف تدمير البلاد وسحقه؟

هل ستُحاسب الدولة خطباء الفتنة والحرب وتحصر دورهم في الموعظة الدينية والأخلاقية والإنسانية بدلا من تحريضهم البسطاء وإثارة النعرات الطائفية التي تؤدي الى إرتكاب المجازر؟

هل ستستجيب الحكومة لصوت الشعب الذي قال مرارا ومرارا كلا وألف كلا لإمتيازات ورواتب المسؤولين الخيالية والباطلة، وتمنع المسؤول من اصطحاب عائلته وأقاربه الى الحج او العمرة او في سفرة سياحية على نفقة الدولة؟

هل يمكن لأي حكومة جديدة ان تحاسب أولئك المسؤولين وتجردهم من الأموال والإمتيازات التي نالوها بغير وجه للحق والعدل، التي تعد سرقة وفق منطق العقل والقانون والتعاليم الدينية، وكذلك في نظر المواطن؟

هل سيحسم قانون الأحزاب المعلق على جدران البرلمان على مر السنوات الماضية، الذي ترفض الكيانات السياسية مناقشته او طرحه للشعب لابداء الرأي فيه؟

هل ستغلق المنظمات والجمعيات والنقابات العائدة للأحزاب اللاتي يعدها المواطن دكاكين تروج لبضائع فاسدة للكيانات والأحزاب لسرقة أصوات البسطاء من الشعب، وتظليلهم في دوامة الندوات والمؤتمرات الشكلية التي لا تجدي نفعا سوى لأصحاب المنظمات؟

هل سيتوقف قتل وتهجير المسيحيين وترويعهم لترك منازلهم والهجرة الى خارج البلاد، والكف عن قتل الشبك والأيزيديين وتهديد الكورد في بغداد وديالى والمناطق الأخرى التي تقع خارج إدارة الإقليم، من قبل المرتزقة وعصابات الكتل السياسية والعنصريين؟

هل سيُقر حقوق الكورد الفيليين ويتم إعادة ممتلكاتهم وإرجاع أموالهم بقرار بدلا من مهزله محاكم نزاعات الملكية وإقرار أوراقهم الثبوتية بعيدا عن المراوغة والاستغلال، والبحث عن رفات شهداءهم إسوة بالكيانات السياسية التي كلما عثرت على مقبرة جماعية او رفات سرعان ما تعلن ان ذلك الرفات يعود لمناضيلها او من ابناء جلدتها، لتزيد من رصيد شهدائها، لتظهر أنها أكثر مظلومية. ويكفون بمنح الأدوار لبعض أزلامهم لتكلم بأسم الفيليين كممثلين عنهم في المحافل الرسمية وشبه الرسمية؟

هل سنتخلص من حكم العائلة والإنفراد بالسلطة وحصر العناوين والمنصب بيد أفراد العائلة والعشيرة والتسلط على رقاب بقية أبناء الشعب؟

هل سنجد الحرص على المال العام وقطع يد كل من يحاول التلاعب به ومحاسبة أصحاب الكراسي والمناصب والكيانات السياسية على الأموال وقطع الأرضي الشاسعة التي استحوذت عليها في ظل الفوضى والأزمات المفتعلة المستمرة، والتي تعد سرقة صرفة؟

هل سنرى مسؤولا لا يمتلك إلا داره البسيط وراتبه المجزي وفقا للقانون الطبيعي، ولا يمتلك عشرات القصور والشركات وأسهم في شركات عالمية ولا يحتكر المشاريع لأهله وأقاربه ويودع أمواله بأسماء آخرين؟

وأخيرا هل ستجدي نفعا المشاركة في الإنتخابات والتصويت للكتل او للأشخاص، طالما الكتل نفسها والأشخاص أنفسهم، وإن استبدل البعض منهم بوجوه جديدة من أتباعهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جامعة كولومبيا تلغي حفل التخرج الرئيسي جراء الاحتجاجات المؤي


.. بالمسيرات وصواريخ الكاتيوشا.. حزب الله يعلن تنفيذ هجمات على




.. أسقط جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً كبيراً من مسيّراته خلال ح


.. أردوغان: سعداء لأن حركة حماس وافقت على وقف إطلاق النار وعلى




.. مشاهد من زاوية أخرى تظهر اقتحام دبابات للجيش الإسرائيلي معبر