الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابو مازن في غرفة مغلقة والستائر سوداء مسدلة

شوقية عروق منصور

2014 / 4 / 4
مواضيع وابحاث سياسية




كنت اتمنى حين عقد اجتماع القمة العربية في الكويت مؤخراً ان يوضع الى جانب دولة فلسطين مقعداً فارغاً يطلق عليه مقعد " النسيان " أو " التواطؤ العربي " أو " اختفاء الكرامة " في جميع الاحوال والكلمات تبقى حقيقة المقعد الفارغ هي العنوان الذي صمد وبقي فارغاً امام قضية اوجدتها المؤامرات العربية والغربية ، ثم تحولت الى كلام ثم صار الكلام ثرثرة وما زالت الثرثرة مستمرة بصوت مرتفع أو بصوت صامت أو كما يقال جعجعة بلا طحين .
مع أن هناك مبدأ في العسكرية يدعى " وضوح الهدف " فمن مبادىء الحرب الحفاظ على الهدف ولكي تحافظ على الهدف لا بد أن تعرفه وأن تعرف اتجاهك الذي يؤدي اليه الهدف ، لكن هدف القضية الفلسطينية ضاع في سراديب وقاعات الاتفاقيات واللقاءات والانحناءات والغياب العربي ، وضياعها في متاهات الانظمة التي تسعى لاحتوائها والهيمنة عليها والنطق باسمها حتى اصيبت بمرض الخرس أو قطع اللسان فدائماً هناك من يتكلم وينوب عنها .
الدخول في نفق المفاوضات كان جزءاً من مسيرة الشعب الفلسطيني والطريق الى قيام دولته وتحقيق احلامه ، هكذا أشبعوا الشعب الفلسطيني مراجل الابتسامات والاحتضان والصور التذكارية التي تظهر فيها الوجوه الفلسطينية والاسرائيلية وهي تنطق بالفرح الخفي واللحظات الحميمة ، وقد تبين بعدها أن هذه المفاوضات فرضت واقعياً جديداً فيه طعم المراعي الملعونة ولعبة الخراف والذئاب ، حيث تبدأ الذئاب برصد الخراف ثم الانقضاض عليها ونهشها وآكلها وبيع عظامها وصوفها في اسواق المزادات الاعلامية فقط ، ولا تنتهي اللعبة بل مع كل جلسة تفاوض تتسع الآلام الفلسطينية وتكبر جبال الهموم وتنحسر مساحات الأمل .
منذ البدايات تبين أن المفاوضات هي الساعات السانحة لتمرير مخططات الاستيطان وفرض واقع المستوطنات وسلب ما تبقى من مساحة الدولة الفلسطينية الموعودة ، منذ البداية كانت العناوين تتفجر بالقهر وهي تعلن أن المفاوضات ما هي الا جسوراً تسير فوقها المخططات الصهيونية ، وكنا نرى المفاوض الفلسطيني وهو تحت السكين العربي والاوروبي والامريكي ينفذ الأوامر دون نقاش واعتراض ، يهز رأسه واذا اعترض يكون اعتراضه مثل نفاخ البطن سرعان ما يزول .
نسمع البيانات التفاؤلية التي توعد بحل الازمات العالقة والافراج عن الاسرى ، لكن الواقع كان يفرز هدماً ومصادرة وبناء مستوطنات وتضيق الخناق على الحياة الفلسطينية اليومية واعتقال اسرى جدد ، ولا ينسون طريقة الباب الدوار الذي يخرج من باب ويدخل من باب آخر ، وكنا نطالب أن تفتح ملفات وصفحات المفاوضات او الفخاخ والمصائد وتكشف عما يدور في داخلها من تنسيق وملابسات وعلاقات براقة ، وكانت السلطة الفلسطينية تتجاهل المطالبة بالشفافية وكشف حقيقة الاوراق أمام الشعب الفلسطيني ، في الوقت الذي كانت وسائل الاعلام الاسرائيلية تكشف الخبايا التفاوضية بالتوضيح والتفصيل وطريقة تصرف وسلوك المفاوض الفلسطيني أمام شعبها ، والشاعر الذي حاول أن يلخص المعادلة الصعبة ويؤكد ان صداقة العدو قمة النكد ( من نكد الدنيا على الحر – عدواً ما من صداقته بد ) كنا نرى النكد يتقزم ويتلاشى أمام عدسات التصوير .
المفاوض الفلسطيني كان يتقبل النكد بوعود وزرع الآمال والأحلام كل مرة ، حتى وصلت المفاوضات الى طريق مسدود ، والمفاجأة أن الرئيس ابو مازن يقول :
عملية التسوية في مأزق والشعب الفلسطيني سيواصل الدفاع عن حقه بالمقاومة الشعبية السلمية ، و نسأل هل عملية التسوية اليوم فقط في مأزق متى كانت تسير بدون مأزق ؟؟ ولا نعرف ما هي المقاومة الشعبية التي يرددها أبو مازن ويتغنى بوجودها بعد أن أغلق غرفته الرئاسية وأسدل الستائر السوداء ولم يعد ير ماذا يدور على أرض الواقع الفلسطيني المتعب والمنهك ...!!!
يقال السياسي يلعب في السياسة حسب المسافة التي يطلق عليها " فن الممكن " واذا كان الرئيس ابو مازن قد اتخذ قرار التوقيع على خمسة عشر اتفاقية دولية والانضمام الى المنظمات التابعة للأمم المتحدة امام وسائل الاعلام بكل ثقة دون تراجع ، يكون الرئيس الذي أنقذ ما تبقى من الكرامة والحق الفلسطيني .
في التاريخ الكثير من القادة والزعماء مزقوا المعاهدات والاتفاقيات بعد ان وجدوا ان التاريخ سيلعنهم ويضعهم في خانات الشك والتخاذل وعدم المواجهة .
أذكر النحاس باشا الزعيم الوطني المصري الذي الجأته الظروف والضغوط على توقيع معاهدة ترهن استقلال مصر بيد بريطانيا ، حيث كان يومها يريد شراء الوقت وعندما أتى الوقت قال قولته التاريخية ( باسم الأمة وقعت المعاهدة وباسم الأمة امزق المعاهدة ) .
ان المستقبل كفيل بمعرفة حجم الضغوطات التي تمارس على القيادة الفلسطينية وعلى الرئيس ابو مازن من قبل الدول العربية قبل امريكا والدول الأوروبية ، وغداً سنرى اللقاءات السرية وغير السرية والوجوه وهي تقتحم الوجع الفلسطيني وتنزع جلده كي تصنع منه أحذية للتسابق حول ملف المفاوضات ، وعملية اقناع العودة الى الطاولة التي لو نطقت لكتبت مجلدات عن الاستخفاف والاستهتار في فن التفاوض، لكن أيضاً سنعرف مدى حجم الصمود وقوة المواجهة والقدرة على المحافظة على ما تبقى من الكرامة والحلم الفلسطيني .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح