الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضاء على الفساد أم محابة للفاسدين!

ابراهيم حمي

2014 / 4 / 5
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


للشهيد عمر بنجلون مقولة تقول: " إن التضليل و التعتيم هو نوع من أنواع القمع".
و فعلا إن التضليل أشد أنواع القمع لما له من أثر و عواقب سلبية على الآراء المعارضة وعلى أصحاب تلك الآراء، عندما يتم تحريفها و تشويهها بقصد متعمد مع سبق الإصرار و الترصد، بغاية الهروب من إثبات للحقيقة أو على الأقل للوقوف عليها من أجل الوصول للرأي السديد، إن كان فعلا هذا هو الهدف الأسمى الذي نسعى له جميعا. مع طبيعة الحال، و أيضا لشيء من الاحترام للآراء المخالفة، والتي لا تناقض السياق العام والمسار الذي من المفترض أنه يجمعنا، ويجمع أيضا بين كل تلك الأراء التي تختلف على الطريقة أو الوسيلة، وليس على الموضوع أو على القضية.

وبناءا على ذلك، فإن الخلاف بين من يعمل في إطار هيئة حماية المال العام، وبين من يعارض الاشتغال بها لا يتعدى كونه خلافا حول الوسيلة فقط، وهذا بالضبط ما دفعني لشرح موقفي من ظاهرة التهافت على "حماية للمال العام"، و بما أنني مصنف في خانة المعارضين أو الذين لا يحبذون الاشتغال ضمن صفوف حماة للمال العام، والذين يطلق عليهم المتطبعين مع الفساد. ومن هنا أرى من الضروري، ومن واجبي أيضا أن أوضح بعض الملاحظات، رفعا للبس الذي قد يحصل نتيجة للتضليل الرائج في الساحة و الهادف لخلط الأوراق، بإطلاق التهم على كل من يعارض لموقف أصحاب الرأي الداعيين للاشتغال في صفوف ما بات يعرف "بهيئة حماية المال العام" ، والذين ينعتون المختلفين معهم بالتطبيع مع الفساد. والحقيقة أن الأمر ليس هكذا، وإنما المسألة تتعلق بالاختلاف حول الطريق والوسيلة وليس على الموضوع بحد ذاته، ومن هنا أرى إجبارية التوضيح.

وبما أنني شخصيا خندقت نفسي مند البداية في صفوف الذين لا يحبذون العمل في الإطار المذكور سلفا، فإن القناعة التي تحكم وتأثر في موقفي هي كالتالي: إن موضوع الفساد بشكل عام أو نهب وهدر للمال العام بشكل خاص، أرى أنه لابد من التذكير لمن لا يتذكرون أو الذين يتجاهلون عن عمد أن قضية الفساد قضية كبرى، وموضوع اكبر من مجابهته بوسائل صغيرة جداً مثل هذه الهيئة، هذا جانب، والجانب الأخر والذي لا يجب إغفاله أيضا هو أن الفساد بالمغرب لم يسقط علينا من السماء كالقضاء و القدر وإنما تم ترسيخه بإرادة سياسية محكمة، كما تم أيضا رعايته بقرار سياسي من طرف النظام الحاكم، و منذ زمن وعبر مراحل سياسية طويلة، انتصر فيها هذا النظام بفساده و مفسديه في أخر المطاف، بل و لا زالت شوكة الفاسدين ونفوذهم أقوى مما يعتقده البعض، لهذا فموقفي يحدو حدو ضرورة العمل وتقوية الإطار السياسي أولا، لما له من متانة و ثبات على الخط السياسي وصلابة في التنظيم، إضافة إلى المشروع المجتمعي الكافل باقتلاع الفساد من جذوره، إن عملنا جميعا على حد سواء بنفس الوتيرة التي يعمل بها بعض الذين لا زالوا صامدين و لم تتزعزع قناعتهم ولم تعرف مللا، رغم كل شيء فهم ظلوا أوفياء لهذا الإطار، الذي علينا أن نتحمل مسؤوليتنا في الحفاظ عليه وتطويره ليتسع لكل الآراء، التي تعمل فعلا بجد من أجل قضايا الشعب و المجتمع، كما علينا أن نتحمل عبئا نضاليا من أجل قناعتنا إن كنا فعلا مقتنعين بأهداف وغايات الإطار السياسي، الذي هو القسم المشترك بيننا. ونتحمل أيضا جزءا من التضحية، كما تحملها البعض من مناضليه ويتكبدون تضحيات تلو الأخرى للوصول به إلى بر الأمان، هذا كل ما في الأمر. و ليس الجري وراء موجة العمل في إطار جمعاوي يسعى أن يكون بديلا و يعوض للإطارات السياسية، فيما أصبح يسمى بالمجتمع المدني، والذي أصبح فرصة للبعض كي يستدرك ما فاته من فرص، وهذه مسألة لم تعد خافية على أحد. إلا إن كنا على قناعة بأننا قادرين على احتواء كل مفاجآت قد تصادفنا من بعض العناصر التي لها حسابات و أهداف أخرى لا تعنينا في شيء. لهذا لابد من الإشراف التنظيمي للإطار السياسي، على أية مبادرة قد تتوخى أن تكون رافدا من روافد الإطار. وفي هذه الحالة علينا أن نشتغل في إطار له تصورات واستراتيجيات واضحة كل الوضوح في التعاطي مع قضية الفساد ولوبياته، التي لا زالت بكامل قواها وأكثر، وكل من يعتقد غير ذلك فهو واهم بدون أدنى شك.

ومن ناحية أخرى، فإن محاربة الفساد يقتضي منا أن نعمل في كل الإطارات الجمعاوية المحصنة تحصينا فكريا و مذهبيا و نساهم إلى جانب كل القوى الديمقراطية في خلق أدبيات و برامج تحسيسية، تستهدف المواطن العادي و البسيط، و الذي يحس و يعيش مخلفات الفساد بشكل يومي، و تعبئة كل الإطارات المهتمة بالقضايا الاجتماعية و الجادة في نواياها و مراميها من أجل تحقيق النواة الحقيقية لتغيير موازين القوى في المجتمع. أما أسلوب الشكايات و إن كان له جانب إشعاعي فإن نتائجه محدودة أو منعدمة في إطار الأوساط الجماهيرية و الشعبية التي علينا استهدافها. ثم أن هذا الأسلوب النضالي، الذي يعتمد على الإشعاع فقط، فإلى جانب أنه أسلوب نخبوي، ونتائجه منعدمة في أوساط أغلبية الشعب لأسباب وعوامل متعددة، من ضمنها أننا لا نعيش في مناخ ديمقراطي، له إمكانيات الضغط بواسطة الرأي العام على القضاء و على المسؤولين الكبار ليلتزموا بالقوانين التي هي العنصر المقدس، ويعمل تحت نفوذها الجميع. ثم إن القضاء عندنا غير مستقل، وبعيد كل البعد عن النزاهة والاستقامة التي هي من عوامل و عناصر إنجاح المعارك القانونية ضد الفساد والمفسدين. وفوق هذا كله فإن النظام المغربي القائم هو من كرس و رسخ الفساد في كل دواليب الدولة المغربية، و هذا وحده عقبة من العواقب الكبرى لأي محاكمة للفساد و حاجزا كبيرا للذهاب لأبعد حدود في متابعة ناهبي و فاسدي للمال العام، نظرا لارتباط هذا النظام ارتباطا وثيقا بالفساد و المفسدين.

ويبقى الحل الوحيد هو النضال الجماهيري لتغيير موازين القوى في المجتمع المغربي، لمن أراد فعلا أن يعمل من أجل محاربة الفساد قولا و فعلا.
أما من له حسابات أخرى تسعى لإشهار و الإشعاع و الإحراز على النجومية في الساحة و خلق علاقات مع العديد من الأشخاص النافذين و ربط علاقات أيضا مع شبكات متعددة، من ضمنها بعض لوبيات الفساد في البلاد فهذا شأنه وعليه أن يسمي ممارسته هاته أي شيء ولكن لا يمكن تسميتها بالنضال ضد الفساد. لأنه فعلا هي ممارسات وسلوك لا تمت للنضال بأية صلة و هذا هو موقفي بكل وضوح و صراحة، أراد من أراد و كره من كره، وغـذا لنظيره لقريب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟