الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفجيرات لندن : حلقة في - حرب باردة جديدة - ؟

إبراهيم إستنبولي

2005 / 7 / 10
الارهاب, الحرب والسلام


تذكر عزيزي القارئ أن قلة قليلة فقط من المفكرين و المثقفين و الساسة في العالم يملكون الشجاعة لأن يقولوا رأيهم بصراحة بخصوص قضية الهولوكوست ! و مَن يتجرأ و يفعل ذلك فإنه يتعرض لأبشع أنواع الترهيب و المحاربة و يوصف بمختلف النعوت .. كأن يوصف بالفاشية و بمعاداة السامية .. !
و بالتالي : ألا تجد معي عزيزي القارئ أننا قريباً سنكون شهود مرحلة تاريخية جديدة ، عندما لن يتجرأ أي باحث أو حتى إنسان عادي على مجرد التساؤل بحقيقة ما جرى في 11 أيلول 2001 أو في مدريد أو في نيويورك . ألن يصبح العالم قريباً مهووساً بمحاربة الإسلام و خطره على البشرية ؟ ألن يصبح كل مسلم مشروع إرهابي لمجرد أنه ولد في هذا المكان من العالم ؟ .. مما سيضطر الجميع لأن يكونوا إما ملحدين ( و أنا منهم – لا مشكلة ) و إما من الأصوليين .. و يا ستار ما أكثرهم .. و بالتالي لن تنعم هذه البلدان لا بالأمان و لا بالتنمية و لا بالتحرر أو بالحرية . فالفعل سيتسبب برد العل .. أو العكس لا فرق . المهم أن الخاسر الأكبر هو نحن مَن لديه عقل يفكر .. ألا يقال : " و ذو العقل يشقى " !
و لذلك كانت هذه المقالة .
مع كل احترامنا لأرواح المواطنين ، الذين قضوا نحبهم جراء التفجيرات و مع كل تقديرنا لآلام الجرحى و مع كل تفهمنا للمعاناة و مشاعر الصدمة التي أصيب بها المواطنون البريطانيون ... و لأننا ندين أية عملية قتل و لو فردية و نعارض أي عمل إرهابي سواء في أوروبا أو في روسيا أو فلسطين و في أي مكان من العالم ، لذلك أرجو أن لا يزاود أحد علينا بخصوص الحس الإنساني و بخصوص المنطق و العقلانية ..
لندع " المنطق و العقلانية و البراغماتية " لأولئك العاملين في حقل السياسية الرسمية .. أما نحن فمجرد أفراد نفكر كما يحلو لنا و ليس لكلامنا و لحرية تفكيرنا قيود .. و لذلك تخيل معي عزيزي القارئ :
1- إن اكثر من خمس عمليات " إرهابية " في مترو الأنفاق في مدينة مكتظة بالناس مثل لندن ، لم يذهب ضحيتها سوى عدد محدود ( و مرة أخرى نكرر أسفنا و استنكارنا ) .. عدد يمكن أن يسببه حادث سير كبير أو وسط في أي بلد من بلدان العالم الثالث المبتلي بأنظمة غبية و بطبقة سياسية قاصرة و قصيرة الأفق .
2- إن الغاية تبرر الوسيلة . و ليس سراً أن الدول الغربية ، و في طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و غيرهما ، تخطط ، ترسم و تبني سياساتها و إستراتيجيتها لعقود و ربما أكثر قادمة .. و بالطبع ليس لكي يبقى هذا أو ذاك من الأفراد ، أو هذه أو تلك من المجموعات ، في السلطة كما يفكرون عندنا في سوريا و لبنان و السعودية و مصر و .. الخ . بل إنهم يخططون للسيطرة على العالم طوال هذا القرن على الأقل .. و من ثم سيأتي من يفكر لقرن آخر .. و بناء عليه :
3- إن العقل الاستراتيجي الغربي ( و معه الصهيوني بالتأكيد ) بحاجة ماسة لخلق نموذج و صورة العدو الرهيب لأجل تبرير مختلف السياسات في هذه المنطقة من العالم أو تلك ، و لممارسة " الإرهاب " على قيادات هذه الدولة أو المجموعة من الدول أو تلك من أجل إضعاف مقاومتها و ممانعتها لخطط هذه الدول المسيطرة على مسار السياسة العالمية أو القائدة للعولمة و بالتحديد أمريكا و بريطانيا . و هذه تخطط و تريد أن تمارس " الإرهاب " على قيادة كل من فرنسا و ألمانيا و روسيا و الصين و اليابان .. خصوصاً بعد أن بدأت تتبلور سياسة رافضة لهيمنة جهة معينة على السياسة العالم لدى كل من الدول آنفة الذكر ..
4- و لذلك كان الغرب بحاجة ماسة لعدو بعد أن انهار ما كان يسمى المعسكر الاشتراكي . و ليتذكر من لا زال قادراً على التذكر : أن " الغرب الرأسمالي " لم يتعفف عن القيام بأي شيء يمكنه أن يشوه صورة الشيوعي عموماً و السوفييت خصوصاً في عيون الرأي العام الغربي .. بدءاً من الرواية الأدبية ، مروراً بأفلام هوليود , و انتهاء بدفع طائرة الركاب الكورية الجنوبية في عام 1988 لخرق الحدود السوفييتية في منطقة الشرق الأقصى المزروعة بالأسرار العسكرية مع تعريض كل ركابها و طاقمها للموت المؤكد ( و هذا ما حصل بسبب قصور الفكر الاستراتيجي السوفييتي و بسبب الجمود العقلي و البغاء البريجنيفي ... و هذا موضوع آخر ) . و كان ما كان من استغلال لتلك الحادثة المروعة ، التي ذهب ضحيتها حوالي 300 شخص أو اكثر من الأبرياء .. و ذلك فقط لخدمة حلف ريغان – تاتشر في ثمانينيات القرن الماضي و خططهم لأبلسة الاتحاد السوفييتي و تأكيد مقولتهم بأنه " إمبراطورية للشر " .. إلى أن سقط و ليس من دون مساعدة الإسلاميين السفلة بقيادة بن لادن و بمباركة و دعم و تمويل من السعودية و مصر و الأردن و غيرهم .
5- و لم يكد يغيب المعسكر الاشتراكي عن الوجود حتى طالعنا " العقل الاستراتيجي الغربي بقيادة عتاة المُتَصهينين من المفكرين الغربيين و على رأسهم هتنغتون و لويس و غيرهم بمقولة صراع الحضارات و بأن الإسلام هو في رأس الأخطار التي تهدد الحضارة الغربية . و الآن قولوا لي بربكم : إذا كان الإسلام ( و أنا ضد الإسلام السياسي بكافة أشكاله و أمقت مختلف أشكال الفكر السلفي التكفيري و في مقدمته الوهابي ) هو العدو الأول و الأخطر على العالم ، أليس من الواجب أن يتم تقديمه في أبشع الصور و أن تتكاتف كل الدول " المتحضرة " لمكافحة هذا الخطر ؟ ألا يذكركم هذا بقصة الهولوكوست و مكافحة الفاشية ؟ ألا يذكركم هذا بالخطر الشيوعي و الخطر الأحمر و بضرورة تكاتف الغرب كل الغرب لمحاربته ؟ ألم يكن من الضروري يوماً أن توجد الألوية الحمراء في إيطاليا و جماعة ماينهوف في ألمانيا و ما شابهها في اليابان و غيرها ..؟! أين هي الألوية الحمراء بعد انتهاء المعسكر الاشتراكي ؟ و بالتالي : أليس من الضروري و الملحّ بل و " المفيد " للغرب وجود بن لادن و الظهراوي و القاعدة و الزرقاوي .. ؟ أليس من الضروري حدوث تفجيرات موسكو و مدريد و بوينس أيريس و غيرها ؟ هل هي بـ " الكارثة الكبيرة " مقتل عشرات بل و مئات المواطنين في سياق خطط استراتيجية تريد السيطرة على العالم برمته ؟ ألم تُشن حروب عالمية أولى و ثانية من أجل إعادة تقاسم العالم بين الوحوش الرأسمالية ؟ وألم يذهب ضحيتها ملايين و عشرات الملايين من المواطنين في العالم ؟ هل تصدق عزيزي القارئ أن الحرب العالمية الأولى نشبت بسبب مقتل الأمير الأسوجي ؟ هل تصدق عزيزي القارئ أن فرنسا احتلت الجزائر بسبب إهانة السفير الفرنسي ؟ ألم يكن التاريخ تاريخ صراع بين الضعفاء و الأقوياء ، و فيما بين الأقوياء ؟ لماذا كل هذا الاستهجان عندما يتم الحديث عن المؤامرة في السياسة الدولية ؟ ألم يتغير مسار التاريخ بسبب مقتل أمير أو ملك هناك ، نتيجة لانقلاب هنا و انقلاب هناك و ألم تتبدل ديانات شعوب بالكامل بسبب مؤامرة هنا أو هناك ؟
6- أليس المسلمون عموماً و العرب خصوصاً هم خارج التاريخ منذ اكثر من ألف سنة ؟ أليسوا مجرد كائنات تقتل بعضها و تنهب ثروات بلدانها و تبيع و تشتري أوطانها في المزاد العلني و السري البريطاني و الأمريكي ، على الأقل ، في المائة سنة الأخيرة ؟
7- لماذا لا يصح أن تكون تفجيرات نيويورك و مدريد و لندن و موسكو ولندن عبارة عن سلسلة عمليات من " صنع " أجهزة دولية متعددة و متعاونة ، من صنع جهاز أو " عقل مدبر " عالمي واحد و ذلك في إطار حرب باردة جديدة ضد الشرق عموماً و الإسلام خصوصاً هذه المرة و على مدى القرن الحالي بكامله ؟ و ذلك على غرار الحرب الباردة التي شنها و خاضها الغرب ضد الفكر الشيوعي و ضد الأنظمة الشيوعية خلال مائة سنة ؟
8- ألم يصرّح رئيس وزراء حكومة إسرائيل أرييل شارون : " إننا سوف نبقى رافعين السيف مائة عام .. " ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج