الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب وروسيا والأزمة الاوكرانية

فالح الحمراني

2014 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


مع الاسف الشديد ان غالبية التعلقيات التي نشرها واذاعها الاعلام العربي حول الأزمة الاوكرانية لم تتسم بالموضوعية وتنسجم مع موقف الغرب ولم تقرأ الحدث التاريخي من زاوية مصالح الشعوب العربية. وأخشى ان يكون غير هذا الموقف غير مستقل وانما منتحل من الاعلام الغربي والموقف والقراءة الغربية، بينما من المفترض ان يشكل الاعلام العربي موقفه من الحقيقة التاريخية والراهنية للحدث الكبير. واكد تصويت الدول العربية في الجمعية العامة للامم المتحدة على المشروع الامريكي بلاشرعية استفتاء شعب القرم بتقرير مصيره، على وجود معسكرين الاول الذي ضم الدول التي تسير بالركاب الامريكي والاخرى الباحثة عن متنفس للقرار السيادي.

اعتقد ان التحرك الروسي ازاء اوكرانيا اثار هستيريا الغرب وردود فعله الغاضبة بوحي من الموقف الأمريكي. ان الولايات المتحدة لا تريد ان تتحول روسيا الى قطب عالمي مستقل ومؤثر في صناعة القرار الدولي قد تعرقل تحقيق هيمنتها على العالم، وانما تريد لروسيا ان تكون قوة اقليمية محصورة في محيط وتتحرك وفق الإرادة الامريكية. لا اكثر. ان واشنطن تعمل كل ما في وسعها بتحقيق هذا الهدف من خلال عرقلة تعزيز روسيا علاقاتها مع اوروبا ولاسيما مع المانيا وفرنسا. وتعمل واشنطن ايضا على احاطة روسيا بصواريخ وانظمة الرداد في اطار نظام الدفاع المضاد للصواريخ الذي يستهدف بالدرجة الاولى روسيا وقدراتها الاستراتيجية النووية، وهذا ما تبرهن عليه جغرافية نشر تلك الانظمة. وربما ستجر الدول العربية الصديقة لها للمواجهة مع روسيا. فهل هذا من مصالح شعوبنا؟.

ان تصرفات الغرب وامريكا بالذات هي التي شكلت سابقة في تغير الجفرافيا من خلال خلال التدخل عسكريا وغزو الدول الاجنبية الأضعف منها لتحقيق اهدافها ومصالحها وتغير الانظمة واثارة الفوضى (الموجهة) والتحكم بامدادات النفط والغاز وحماية الانظمة والدول التي تسير بركابها. ومن السخرية انها تبرر غزواتها الجديدة باشاعة الديمقراطية وحماية حقوق الانسان وتوفير فرص التقدم، لأنها تتجاهل الأنظمة الاستبدادية ذات التاريخ العريق بانتهاكات حقوق مواطنينها وتبذير الثروات الوطنية ونهبها لصالح فئة ضيقة، فقط لأن هذه الانظمة تدور في فلك سياسة واشنطن، وتحولت الى مطايا مطيعة لتحقيق اهدافها. ان النخب السياسية في امريكا والغرب تخون تراثها الحضاري والثقافي العريق الذي يتسم بالانسانية والدعوة للتنوير والعدالة ودعم الشعوب الاخرى لتطوير اقتصادياتها والبنى التحتية ورفدها بالتكنولوجيات الحديثة.

ان روسيا لم تحتل القرم ولم يستخدم الرئيس بوتين الصلاحيات المناطة له من قبل البرلمان باستعمال القوة العسكرية في اوكرانيا. ان شعب القرم هو الذي قرر مصيره من خلال استفتاء شرعي بكل مقاييس القانون الدولي، علما ان هذا هو الاستفتاء الثاني لشعب القرم الذي يرغب العودة الى حضن وطنه الأم روسيا وتصحيح الخطأ السياسي.

ولست ادري هل يعرف كتاب المقالات العربية، الذين تناولوا المسألة الخلفيات التاريخية والسياسيى للقرم وانه تاريخيا ارضا وشعبا روسي بلامنازع، فغالبية سكانها من اصل روسي وان الرئيس السوفياتي الاسبق نيكيتا خروشوف ضم القرم لأوكرانيا لاٍسباب إدراية وفي حالة من حالات "النزق السياسي" المعروفة عنه، وللتكفير عن الخطايا والجرائم التي ارتكبها بحق الاوكرانيين حينما كان على رأس الحكم هناك في نهاية الثلاثينيات والابعينيات.

ان امريكا والغرب اعترفت بحق كوسوفو في الانفصال عن صربيا ووفرت القاعدة القانونية والسياسية لذلك الانفصال، فلماذا لا يعترف الغرب بحق شعب القرم والشعوب الاخرى مهضومة الحقوق، بحق تقرير المصير؟. الجواب واضح ولا غبار علية : انهم يقدمون الدعم في ضوء مصالحهم. ان استقلال القرم، وهو حق تاريخي، لا ينسجم ومصالح الولايات المتحدة التي كانت تخطط للسيطرة على اوكرانيا وترحيل الاسطول الروسي من شبه جزيرة القرم وضمها لحلف الناتو ونشر انظمة الدفاع المضادة للصواريخ هناك لاحتواء القدرات الدفاعية لروسية، ان تحقيق هذا السيناريو يعني " خنق روسيا" و " تقزيمها ". ان الغرب يسعى " لقضم" اوكرانيا وكذلك " بيلاروسيا" للاجهاز على روسيا، من دون حرب.

لست ادري هل اخذ المعلقون العرب بهذا البعد، وهل فكروا ايضا بتداعياته على الشعوب العربية مستقبلا؟. مع الاسف تناسى المعلقون العرب ان روسيا دافعت من منظور القانون الدولي والشرعية والحق العام عن المصالح العربية. لندرس مواقف روسيا من قضيتنا " المركزية" فلسطين وموقفها الشجاع ابان العدوان الثلاثي على 1965 وفي العدوان الاسرائيلي لعام 1967 وما تلاه من محن وكوارث. لقد كانت روسيا دائما الى جانب الشعوب العربية، و لا اقول الانظمة. لان موسكو دائما ما تردد ان الانظمة تتغير اما الدول والشعوب فثابة وانها تعمل من اجلها. وانطلاقا من هذا الواقع سيكون من الغريب ان لانقف مع روسيا في مواجهتها الجديدة مع الغرب، ان قوة روسيا اليوم يعني اثراءا لقوتنا ومواقفنا من اجل اقامة دول متحررة ومستقلة ذات انظمة ديمقراطية منتخبة في عالم متعدد الاطراف، انظمة شعبية تضع في مركز اهتمامها توفير الحياة الكريمة للانسان العربي، انظمة عادلة تستثمر ثروات الدول للتطوير والتغيير ورفع مستويات المعيشة والخدمات...اننا بحاجة لحليف للمضي بهذا الطريقـ وان روسيا يمكن ان حلفينا في تحقيقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسؤول إسرائيلي: حماس -تعرقل- التوصل لاتفاق تهدئة في غزة


.. كيف يمكن تفسير إمكانية تخلي الدوحة عن قيادات حركة حماس في ال




.. حماس: الاحتلال يعرقل التوصل إلى اتفاق بإصراره على استمرار ال


.. النيجر تقترب عسكريا من روسيا وتطلب من القوات الأمريكية مغادر




.. الجزيرة ترصد آثار الدمار الذي خلفه قصف الاحتلال لمسجد نوح في