الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنقذوا الطفولة

طوني سماحة

2014 / 4 / 6
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


بائس أنت يا وطني. بائس أنت بموالاتك و معارضتك. كل من فيك خبير في السياسة، حتى الرضّع. يولد الطفل في و طني و هو يتكلم لغة السياسة، يفك رموزها، يحلل أحداثها، يتنبأ بمسارها، يساند رؤساء و يخلع آخرين. بائس أنت يا وطني.
شاهدت الفيديو التالي https://www.youtube.com/watch?v=fxvTDf0MMB0 لأطفال مصريين في المرحلة الابتدائية يوقفون مظاهرة لنساء الاخوان. بئس طفل يُحشر في زواريب سياسة تخدم مصالح أهله أو مدرسته و معلميه.
أنا لست من مؤيدي سياسة الاخوان، لا بل أراها عنصرية و متخلفة. لكنني لست مع زج أطفال في معارك سياسية تشق البلاد و تحرقها.
أتريدون لأطفالكم مستقبلا مزهرا؟ علموهم مبادئ الحرية. علموهم كيف يصبحون مفكرين. عملموهم كيف يقرأوا و يفهموا، و يقارنوا و يحللوا، و يقيّموا و يقرروا الأفضل. حيّدوهم عن حلبات شد الحبال و لوي الذراع.
أتريدون أن يحيا أطفالكم في مجتمع عادل؟ علموهم مبادئ العدل و نبذ العنف و احترام الرأي و الرأي الآخر. علموهم نبذ العنصرية و التعصب الديني و عدم التمييز المبني على الإثنية.
أتريدون لأطفالكم أن يكونوا مثقفين؟ درسوهم اللغات الأجنبية. دعوهم ينفتحون على فكر الآخر و ثقافته و رؤيته و تجاربه. فالآخر و إن يكن كافرا، فهو كافر لنفسه. دعوهم يكتشفون نقاط الضعف في تجارب الآخر و يرفضونها و يرون نقاط قوته و يطورونها.
أتريدون طفلا واثقا من نفسه؟ استمعوا اليه. ناقشوه. لا تستخفوا بمنطقه و لا تقللوا من ذكائه. أعطوه الفرصة تلو الأخرى ليتكلم. أقيموا له المنبر في الصف و في النادي و في مكان الصلاة.
أتريدون طفلا ذكيا؟ لا تمنعوه عن طرح الاسئلة. بل واكبوه. خوضوا معه غمار المجهول و أمواج الأسئلة الصعبة. إغرقوا معه و اطفوا معه لكي يخرج سباحا ماهرا و قبطانا محنكا في بحر الحياة.
أتريدون طفلا يتمتع بصحة عقلية جيدة؟ أطعموه طعاما فكريا مغذيا. لا تطعموه خبزا عُجن بفكر جاهلي تخطاه الزمن. لا تسكبوا له لبنا فسد على مرور الزمن. لا تسجنوه في زنزانة التاريخ، بل علموه كيف يقرأ التاريخ و ينقده و يبني عليه لمستقبل أفضل.
أتريدون طفلا سويا؟ علموه ألا يحيا في الماضي، ماضي الحروب الصليبية و غزوات الاسلام، و ثقافة رفض السني للشيعي و الشيعي للسني، و تكفير الآخر. دعوه يبني وطنا حضاريا مع شريكه في المواطنة، وطنا تخطى الماضي ليواكب الحاضر.
لقد آن الأوان ليستيقظ الأباء و الأمهات في بلادي. آن الأوان ليتحرر المدرّس من موروث الجهل و التخلف قبل ان يحرر تلامذته. آن الاوان لرجل الدين ان يكرس حياته لربه و يعكسها تقوى و بر على حياة الآخرين، بدل أن يفتي في أمور يجهلها. آن الاوان لوزارة التربية أن تخرج من مستنقعات السياسة و الموروث الجاهلي لتبني مدرسة حضارية.
سيداتي، سادتي،
آن الأوان لنخرج الأطفال من فوضى الشارع الى نظام الصف، و أن نضيئ الصف المظلم في صرح المدرسة، و أن نرد المدرسة المغيّبة الى أحضان الوطن و نبنيها صرحا الى جانب اهرامات مصر، و عواميد بعلبك، و آثار تدمر و مدرج البتراء. آن الأوان لكي نعيد للوطن دوره على الساحة الدولية و الحضارية.
هل من سامع؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه