الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلاف في الأقبية!! على مفهوم الوطنية الذي لا يتجزأ

ناهد بدوي

2005 / 7 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في الاعتقال الأخير لمجلس إدارة منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي تم التحقيق معي كعضو في هذا المجلس. بدأ فيه الضابط المسؤول التحقيق وهو يحمل باليد اليمنى مسطرة تشبه مساطر المعلمين في المدارس الابتدائية، يضرب فيها اليد الأخرى بتواتر رتيب وبشكل دائم أثناء التحقيق. ويتكلم بلغة من العصور الوسطى لا تتناسب مع هذا العصر ولا مع طبيعة المحقَّّق معهم الذين هم من المثقفين. إحدى الجمل التي قالها لي "كيف تتكلمين بهذه الطريقة وأنت "مَرَة ؟؟؟". ومعروف أن كلمة "مَرَة" في بلدنا توجه كإهانة من قبل المتخلفين. وأجبته لا بل أنا امرأة مواطنة.
ثم حصل خلاف مع هذا الضابط وبقية المحققين حول مفهوم الوطنية، على الشكل التالي: كنت أدافع عن حق المنتدى بإقامة الحوار الديمقراطي وعن طبيعته كمنتدى بأنه يقف على مسافة واحدة من كافة القوى الوطنية باعتباره فضاء للحوار الديمقراطي، هنا وكما هي العادة في هذه الأيام ما أن تتلفظ بكلمة ديمقراطية حتى يهاجمك أساطنة النظام بأنك عميل لأمريكا ويتبعها بتهمة العمالة لإسرائيل. وأنا هنا لم أدافع عن وطنيتي لأنها غير قابلة للنقاش أصلاً. الذي فعلته هو أني عرضت مفهومي للوطنية وقلت الذي أعرفه أن مفهوم الوطنية لا يتجزأ. عندما تخرجت كمهندسة وعملت في مؤسسات الدولة عملت بإخلاص لوطني ورفضت الدخول في دوائر الفساد ولم أرتشي، وهذا دليل أنه ليس لي سعر، وبالتالي لا يستطيع أحد شرائي، لا إسرائيل ولا أمريكا ولا أي جهة كانت. أما الذي يختلس ويرتشي فهو معرض للخضوع للعمالة بسهولة وقابل للشراء من أي جهة كانت، إذن الوطنية لا تتجزأ بين الداخل والخارج. ومفهوم الوطنية والوطن يتضمن الدفاع عن ثرواته تماماً كما يتضمن الدفاع عن حدوده الجغرافية. هنا شعرت أن الجو تكهرب على نحو ملفت، وأصبحت أتهم بأنني استفزازية. وعندما سألتهم لماذا تقولون عني استفزازية أجابوني بأني اتهمتهم بالعمالة لإسرائيل قلت لهم كيف؟ على العكس هذه كانت تهمتكم لي، وأنا لم أتكلم عن أحد منكم، وإنما عرضت رأيي بالوطنية بشكل عام!!.
ثم طلب مني كتابة إفادتي فرفضت قائلة لن أكتب شيئا. طبعا هُدِّدت مثل غيري بالتحويل إلى محكمة أمن الدولة، ولكن المسؤول عن التحقيق أصبح يهددني كلما رآني بإبعاد زوجي باعتباره فلسطيني يحمل الجنسية الأردنية. فقلت له أنه من فضائل حزب البعث أن المواطن العربي يشعر أنه في بلده في سورية وهذا هو الشئ الوحيد الذي بقي الحزب فيها مخلصاً حقاً للمبادئ القومية البعثية فلماذا تريد مصادرة حتى هذه الايجابية؟؟ ثم أن زوجي هو كاتب وصحفي معروف وهو يعيش في سورية منذ خمس وعشرون سنة ومتزوج من سورية و لو كان ساكناً في أي بلد في العالم لكان حصل على الجنسية، بأي منطق ستقوم بإبعاده؟.
بعدها بدأت المفاوضات معنا من أجل تقديم اعتذار واعتراف بالخطأ مقابل الإفراج عنا. طبعاُ رفضنا جميعا ذلك وكان هناك إجماع بيننا على حق المنتدى في إقامة الحوار. وكانوا يجمعوننا في باحة التنفس كي نتشاور. جلسنا جلستان واتفقنا أن تكون الثانية هي الجلسة الأخيرة ولكنا دعينا إلى جلسة ثالثة عندها رفضت الحضور في هذه الجلسة وبقيت في غرفتي. وفيما بعد خرجت دون أن أوقع على أي شئ.
في اليوم الثاني تم الإفراج عنا جميعا ولكني شعرت أن عقوبتنا لم تنته. فعلا وفورا بدأت الاستدعاءات الأمنية لأعضاء من مجلس الإدارة ومن الهيئة العامة للمنتدى لتحذيرنا من عقد الندوة الشهرية وتهديد رئيسة المنتدى شخصيا بالاعتقال. وأتبعت في الشهر التالي بمنع رواد المنتدى من الوصول إليه. كما عُرف فيما بعد بمنع زوجي سلامة كيلة من الدخول إلى سورية. وسلامة كيلة هو ناشط أيضا، وعضو الهيئة العامة في منتدى الأتاسي. وقد تم اختياره في اللجنة المؤقتة لإدراة المنتدى التي تشكلت أثناء اعتقالنا. وهكذا تكون الأجهزة الأمنية أصابت عصفورين بحجر واحد.
ناهد بدوية- عضو إدارة منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة