الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتبهوا .. مصر على أعتاب جهنم

أحمد سعده
(أيمï آïم)

2014 / 4 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بات من المُتوقع وبما لا يدع مجالاً للشك أن السيسي هو رئيس مصر القادم، ورغم شعبيّته الكاسحة؛ إلا أنه يُدرك تمامًا "أو قد لا يُدرك" صعوبة المُهمة. والمُهمة هي "تَفادِي حرب أهلية مُحتملة" ومن المتوقّع أيضًا أن ترفع الدولة من مستويات الحلول الأمنية مستَغِلّة كلّ ما في جَعبتها من عناصر قمع عسكرية ومخابراتية وقضائية وإعلامية وسياسية لمواجهة إرهاب وعنف الجماعات الدينية بقيادة الإخوان المسلمين. والدولة تمضي في طريقها مٌتَوهّمة أنّ مُهمتها في تجفيف منابع التطرّف سيُكَلّلها الحلُّ الأمني بالنجاح. غير أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية التي ثَارت ضدّها الجماهير لا تزال موجودة كشروط أساسية لن تشفع معها شعبية السيسي والجيش المبالغ فيهما في أن تمنع أي احتجاجات شعبية مُحتملة قد يُطلقها جحيم تلك الأوضاع التي تدهورت بعد الثورة من السيّئ للأسوأ إلى أن وصلنا إلى أسوأ الأسوأ.
وهذه الاحتجاجات المُحتملة من شأنها أن تَخلق مناخًا ملائمًا لتوسيع وتصعيد ومُضاعَفة التهديدات الإخوانية الإرهابية في ظلّ تعويل الدولة على الحلّ الأمني بكلّ عناصره كحلٍّ أوحد، دون تقديم بدائل سياسية واجتماعية كحلول حقيقية طويلة المدى، وبالطبع فإنّ أزمنة الحلّ الأمني لا تفرق بين إرهاب وغيره، بل تمتدّ لتشمل قطاعات واسعة من طبقات الشعب وعمّاله وفلاحيه وطلابه. وهنا ينبغي الحذر من مراحل التطوّر بالغة الخطورة التي قد تنتهي بتعبئة الشعب ضدّ الدولة ومؤسّساتها بما يفتح أبوابًا جهنمية يتسلل منها الإخوان المسلمين وحلفائهم وتمنحهم فرصة ذهبية لجرِّ المجتمع كلّه وإحراقه في أتون حرب أهلية ممتدّة أعدوا لها ما استطاعوا من قوّة.
مصر إذن تشهد مقدمات هذه الحرب بين الإخوان وأصدقائهم محليًّا وعربيًّا وعالميًّا ضدّ كلٍّ من الدولة والمجتمع رغم كلّ محاولات التشويش عليها بالفلسفة الكاذبة في سياق التغنّي الشوﭭ-;-يني بعظمة المصريين؛ مع أنّ "أُم الدنيا" تملك في ماضيها العتيق أنّها صاحبة ثورة المائتي عام بين الدولة القديمة والدولة الوُسطى، فلا ينبغي إذن تنزيهها عن أيّ مصير مشابه لدول مجاورة. والآن صارت الحرب هي خطّة الإخوان الأخيرة وأملهم الوحيد في استعادة العرش المفقود. والحرب المراد تأجيجها وإشعالها ليست فقط ضدّ الجيش والشرطة؛ بل ضدّ كلّ مؤسّسات الدولة ومنشآتها ومواطنيها مسلمين وأقباط وضد ممتلكاتهم، وضدّ مستقبل شعب بأكمله. من أجل ذلك استعدّ الإخوان المسلمون حتّى ما قبل عزل مرسي لهذه الحرب المرادة، كسلاحٍ انتقامي وعقابي احتياطي قد يجري استخدامه وتوظيفه في ظروف بعينها حتّى لو كان الثمن حصاد مئات الآلاف من أرواح المصريين. وما إن تبدأ الحرب وتنتهي بعد أن تضع أوزارها وأثقالها وويلاتها وفظائعها وتُمزِّق الدولة ومؤسّساتها وجيشها والمجتمع جميعًا؛ ليجلس بعدها الفُرقاء والمُتصارعون على مائدة واحدة بترتيبات وإملاءات وصراعات أمريكية – روسية مُتعادية المصالح لتشكيل ملامح الحكم الديني الجديد في مصر المُمَزقة والمُقَسمة "لا قدّر الله".
الولايات المتّحدة إذن حاضرة في المشهد وتطوّراته، طبعًا دون الحديث الساذج عن نظرية المُؤامرة الشهيرة التي ترى أنّ الثورة المصرية "فوتوشوب" بتخطيط أمريكي، فمثل هذه الرؤى بضاعة تروجها الثورة المضادّة في تجاهل تام للأوضاع الاجتماعية الاقتصادية المتدهورة مفجّرة الثورة المصرية وكلّ الثورات والانتفاضات بشكل عام. لكنّ المؤامرة الحقيقية هي توظيف الثورة وفقًا لسياسات ومصالح الأطراف المتصارعة داخليا وخارجيًّا. والولايات المتّحدة اعتمدت في تنفيذ مخططاتها في الشرق الأوسط على الإخوان المسلمين كجماعة يغريها بريق السلطة وشبق الحكم الذي انتظروه عقودًا، إضافة لاستعدادهم لتقديم أيّ تنازلات من شأنها تقوية وضعهم المهزوز والمزعزع في السلطة حتّى لو كانت تقسيم الوطن. وكان المُخطّط أن يحكم الإخوان مصر ثم تتبعها دول شرق أوسطية أخرى كتونس واليمن وسوريا والسعودية والإمارات والكويت. ولأنّ الولايات المتّحدة لها أدوات محلية وعربية وعالمية توظّفها لسير الأحداث في اتجاهات بعينها، فكان استخدامهم لدولة قطر وإعلامها في خدمة الإخوان المسلمين ودعمهم في مصر. وهذا بالطبع لا يعفي مسئولية مجلس طنطاوي العسكري الذي طبّق سياسة خاطئة قادت لسيطرة الإخوان والسلفيِّين على مؤسّسات الدولة ومجلسي الشعب والشورى والدستور وانتهت إلى حضيض تنصيب مرسي رئيسًا ومندوبًا للإخوان في قصر الرئاسة. ولا يعفي أيضا مسئولية المواقف المنحرفة والمخزية في صفوف قوى ثورية وشبابية عزّزت بدورها هذا المسار. لكن ينبغي وضع كلّ موقف في سياقه وظروفه دون تهويل أو تهوين.
وتسعى أمريكا من مواقفها "التكتيكية" الأخيرة لترويض مصر وإعادتها من جديد إلى حظيرتها، وتدجين واستئناس الحكم القادم من خلال اتباع سياسة أكثر مكرًا في تعبئة الغرب المُتربص، وشنّ هجمات سياسية دولية ضدّ مصر بعد فشل مخططاتها في شرق أوسط جديد، وبعد تمرّد الدولة المصرية على سياساتها، وسارعت أمريكا لإدانة عزل مرسي وفض اعتصامي رابعة والنهضة المسلّحين ورفض الانقلاب العسكري في مصر. برغم أنّها راعية الانقلابات العسكرية الدموية في أمريكا اللاتينية والعالم، ورغم أنّه لا يوجد أصلا في السياسة مبدأ عام ضدّ الانقلابات العسكرية. وحتّى لا يسرح قلمي ويضفي طابعًا استراتيجيا تاريخيًّا على الدعم الأمريكي للإخوان ينبغي أن أوضح أن ثمة مصالح مهمة ولكن أقل شأنا في فترة زمنية محدّدة كانت دافعًا لسياسة أمريكية مؤقّتة تدعو للتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين في منطقة الشرق الأوسط.
ورغم أنّ الحرب الإخوانية الإرهابية تدور رحاها داخل مصر، إلا أن هناك تحالفات دولية خارج الحدود تتورّط فيها جماعات إسلامية رجعية كحماس والقاعدة وأنصار بيت المقدس وغيرها، وتلعب فيها دول مثل تركيا وقطر أدوارًا داعمة بارزة، وبالطبع فإنّ إسرائيل بكلّ أطماعها الاستيطانية لا يغيب عن ذاكرتها سيناء المقدّسة التي تمثّل حلا للقضية الفلسطينية، وفي الجنوب يدور الحديث حول دور محتمل للإخوان المسلمين في تأجيج فتنة بين النوبيين وقبيلة بني هلال في معارك قبلية سقط فيها العشرات لتزيد من توتر الوضع الأمني الداخلي في أسوان، وخارج الحدود حيث صراعات الماء وأزمة سدّ النهضة وحلايب وشلاتين تتواجد سودان البشير التي يتناقل المراقبون أخبارًا عن اتفاق يجري عقده بين قطر والبشير لاستقبال العناصر الإخوانية الفارّة من مصر، بعد أن انسدّت في وجوههم بعض الوجهات الأخرى. مصر إذن محاصرة بشكل يزداد تعقيدًا مع كلّ تفجير أو اغتيال أو أعمال إرهابية في سيناء وفي القاهرة وفي الصعيد، ومع الاعتداءات الطُلابية المتواصلة على المنشآت الجامعية وتعطيل العمل بها، وتصعيد التحدي حدّ رفع رايات تنظيم القاعدة السوداء في مظاهراتهم بجوار علامات رابعة الصفراء.
ولا يمكن أن يُنكر عاقل أو شبه عاقل أنّ الحلّ الأمني باستخدام القوّة بات ضروريًّا في هذا التوقيت الحرج قبل تطوّر الأمور وانتقالها لمرحلة الحرب الأهلية المدمّرة. ولا أظن أن التسامح والتصالح ممكنا مهما كانت دموع التماسيح، ولا ينبغي الالتفات لدعاوي التوافق والتعايش التي يُروجها حمائم السلام من أفراد ومجموعات يسارية وغيرهم ينظرون لاحتدام الصراع بين الإخوان المسلمين مع الدولة والمجتمع؛ على أنّه اختلاف فكري، رغم كونه صراعًا مستميتًا في أقصى حدته. ولذا يرفض هؤلاء الغزلان والحملان الوديعة الدم، ويندّدون باستخدام القوّة ضدّ جماعة الإخوان، وبعاطفة شبابية جياشة أصابت حتى الكبار من ساستنا بشكل يدفعهم لقبول عودة الإخوان المسلمين بدلًا من الدم، فقد تدرّبوا في السنوات الأخيرة على الدفاع عن مشاركتهم في الحياة السياسية كأحزاب دينية مع أنّها تقود إلى كابوس الحكم الديني، وكانوا هم عاصري الليمون لانتخاب الرئيس مُرسي. ولم يلاحظ هؤلاء أنّ الإخوان يغرقون كلّ شيء في الدم. إنّها قلوب وعقول رقيقة للغاية لا تُدرك أنّ الدم والعنف يأتي في كلّ أرجاء مصر على أيدي هذه الجماعات الإرهابية، التي لن تتوانى في اقتناص أيّ فرصة تسنح أمامها لإشعال حربها ضدّ الدولة، وضد المجتمع، وضدّ كلّ تحديث أو تنوير أو تقدّم، ومهما تعاملنا معهم برقة "كفصيل وطني" وما أكثر ما فعلنا هذا فإنّ مشروعهم مدجّج بالسلاح وسلاحه الدم.
ونحن بالطبع ضدّ تكريس تدخُّل الجيش في السياسة، غير أنّ عَدَاء البعض الشديد لهذه المؤسسة يمكن وصفه بأنه ساخن الرأس يتلاعب بالشعارات، نضال وهمي لا يخدم سياسة أو اقتصاد، ولا يخدم الشعب أو الثورة أو أي شيء حقيقي. في اعتقاد ساذج منهم أنه نضال ضد الدولة الرأسمالية وتبعيتها، رغم أنه لا يتعدى كونه عداءً مباشراً لأداة ضمن أدوات أخرى تمتلكها الدولة. وهو موقف سطحي أهوج نابع من أن الجيش والشرطة يُمثلون معركتهم الحسية المرئية التي تواجه المظاهرات وتقمع المتظاهرين. غير أنّ الأعمال الإرهابية والعنف المُسلح التي قد تنتهي بحرب أهلية تستدعي بالطبع دون تردد مواجهة هذه الدولة بجيشها لتلك الأعمال لأنها بالأساس وظيفة مدفوعة الأجر، بل أن هذه المواجهات العسكرية في هذه الحالة لا تمثل نوعا من الاستثناء إنما هي "القانون" ذاته. والقوات المسلّحة في العالم كله صاحبة الحق الحصري في امتلاك السلاح ضدّ أي أعمال عنف أو تمرد مسلح. أما مزاعم البعض الواهية عن أنّ تأييد هجوم الجيش على الإخوان سينتهي حتما بهجومه علينا وعلى كلّ قوى المعارضة والديمقراطية فهي ساذجة للغاية تفتقد لحقيقة أن الجيش عندما يعتزم الهجوم على أي قوى فإنه سيشرع فورا دون الحاجة لاستدعاء سوابق، سواء سحق الإخوان أو لم يسحقهم.
ومع أن الدولة بمؤسساتها تنتمي باقتدار لخندق الثورة المضادة القومية التي تحاول القضاء تدريجيا على الثورة، واستعادة دولة ما قبل 25 يناير التي تنتصر حاليا على الدولة الدينية، وكلاهما ثورة مضادة على كلّ حال. إلا أنّ هذا لا يلغي ضرورة المواجهة الحاسمة للإخوان دون خلط "الحَابِل بالنَابِل" والتورّط في تنسيقات أو تحالفات مع الدولة. فالدولة باستبدادها واستغلالها قدرٌ لا مناص منه إلا في الأحلام الشيوعية بعيدة المنال بعد زوال الطبقات في مجتمعات لا حاجة فيها إلى دولة ولا جيش، وقد علمنا التاريخ الحديث أن كلّ ثورات العالم تتحوّل فيها الدولة بمؤسساتها منذ اللحظة التي تنفجر فيها ثورة إلى ثورة مضادة تحاول القضاء تدريجيا على الثورة، والجيش رغم كونه آداه مهمة للدولة في سيطرتها وتسهيل وتنظيم استغلالها؛ إلا أن الخلاص منه لا يأتي إلا في سياق حروب أهلية مدمرة ينقسم فيها الجيش وتقضي على المجتمع كله بطبقاته المتناحرة، ولا يعني الاستغناء عن الجيش سوى تحويل مجتمعنا الطبقي لغابة صريحة لا مكان فيها سوى لمَصَّاصِي دماء البشر، والتحول من مرحلة الاستغلال المنظم إلى مرحلة الاستغلال الوحشي. والثوري الجادّ يدرك تمامًا أنّ هناك أساليب وممارسات نضالية لمقاومة الديكتاتورية العسكرية التي هي مستقبل أي حكم في مصر، ومحاصرتها بعيدا عن أي أفكار أناركية ساخنة ومتطرفة أو ترتيبات مشاعيه.
أما الفاشية الدينية فحينما تشرع في حربها ضد الدولة والمجتمع فلا ينبغي التركيز إلا على القضاء عليها عن بكرة أبيها ووأد خطرها على المجتمع واستئصاله دون أي تردّد أو ميوعة مهما استلزمت المواجهة عسكريا وسياسيا ومهما كانت نتائجها. فمتى بدأت تمردها المسلح لا تترك خيارًا آخر سوى محاربتها، ومن الغريب حقًّا الحديث عن خطر الديكتاتورية العسكرية القادم والاستهانة بخطر الحرب الأهلية والإخوان القائم، والذي لن يمثل حكمهم أيضا سوى ديكتاتورية عسكرية ولها أيضا جيش مضاف إليها القدسية الإلهية كسلاح فتاك إضافي جديد. وأولئك الذين يركزون العداء للجيش رغم رفضهم لمشروع الدولة الدينية وترديدهم بلا كلل أو ملل شعارات يسقط العسكر والإخوان؛ إنما يعتمدون في تفادي شبح الحكم الديني الإخواني السلفي الرجعي على الجيش الذى لا يعرفون عنه شيئا سوى السخرية منه ومهاجمته. وعلى طريقة أصحاب الجملة الثورية يتوهمون بسذاجة بلهاء أن بمقدور ثورتنا تفادي ديكتاتورية عسكرية هي في الأساس قدر كل دول العالم بما فيها أمريكا والغرب مع فارق أن هذه الديكتاتوريات تقابلها مقاومة شعبية قوية ممثلة في برلمانات وأحزاب ونقابات حقيقية. ورغم كل مشاعر الحزن والأسى على مئات الأرواح في فضّ اعتصامي رابعة والنهضة إلا أنّ عدم الفضّ كان يعني أن تتضاعف هذه الأرقام لتصل إلى مئات الألوف من جثث وأشلاء المصريين حينما ينتقل الصراع عمليا إلى عند هذا الحد من الانقسام إلى عنف وتمرد بالسلاح ثم إلى اقتتال وحرب أهلية واسعة النطاق يخسر فيها الجميع، وتغرقنا في بحور من الدموع والدم.
وإذا كان للدولة ومؤسساتها والسيسي وحلولهم الأمنية سهما راجحا في ردع الإخوان المسلمين ووضع حد حاسم لعربدتهم، فإن هذه الحلول غير كافية لتأمين المستقبل. وتجربة عقود مضت أثبتت أنّ الحلّ الأمني وحده لم يكن كفيلًا بإغلاق مصانع التطرّف والرجعية مهما اشتدّت آلته القمعية طالما غاب البديل السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وهي شروط ضرورية لا يمكن بدونها تحقيق السلام والأمن في أيّ مجتمع وتفادي ما لا يحمد عقباه. وقد نمت هذه الجماعات وترعرعت بفضل الحل الأمني الذي اعتمده عبد الناصر في الخمسينات وقام بتوريثه من بعده للسادات ومبارك ولاحقا السيسي. وأنا هنا لا أستبق الأحداث ولا أملك بلورة سحرية لرؤية الغيب لكن الدولة باختصار لا تملك أي برنامج أو رؤية، والطبقة الرأسمالية الحاكمة التي لا تعدو الدولة أكثر من أن تكون آداه من أدواتها غير مستعدة بحكم جشعها الأصيل لأي تنازلات أمام مطالب الشعب الملحة في حياة كريمة قد تأتي خصما على أرباح رجالها. رغم أن الرضوخ لمطالب الشعب وثورته قد يكون طوق نجاة لها من سيناريو الحرب الذي تخطط له قوى الظلام.
مصر على أعتاب جهنم، ولكيلا يتحول الصراع إلى حرب أهلية محتملة، هناك شروط أساسية لا غنى عنها لتفادي السيناريو المشئوم للحرب المستقبيلة: إطلاق الحريات بشكل حقيقي يسمح بتوفير مناخ للصراع الفكري ضد الرجعية والتطرّف، تحقيق مستويات من العدالة الاجتماعية لا تتحقق إلا بوجود إنتاج حقيقي يفي حتى بتحقيق الحدّ الأدنى من كرامة البشر، تحديث شامل للمجتمع المصري بشكل نسير معه في طريق التطوير والتصنيع والتحول التدريجي لنمط دولة إنتاجي يحرر الوطن من تبعية الغرب، وينتج للمواطن المصري مأكله وملبسه ويطور من وعيه الفكري والاجتماعي. ويفتح آفاقا جديدة لزيادة الخبرة التقنية والعملية، التي تغير بدورها كل مناحي الحياة رويداً رويداً، لتتلاحم التغيُّرات الصغيرة مع مرور الوقت، وبشكل تراكُمي مؤدية في نهاية المطاف للتغيير الجذري ألا وهو "الثورة الحقيقية". وإن كانت الدولة منوطة بالحلّ الأمني فإن الشعب منوط بتحقيق وانتزاع حرياته وحقوقه التي لا تأتي منحة أو هبة من الدولة، وثورتنا للآن رغم ضخامتها غير مؤهّلة لتحقيق مكاسب حقيقية نظرًا لسذاجة وقلة وعي ثوارنا صغارًا وكبارًا، وسهولة تضليلهم، وانجرارهم السريع الخائب خلف الجيش مرة، وخلف الإخوان والسلفيين مرة، ووقوعهم العفوي المتكرر في مصائد ومكائد وفخاخ الثورة المضادة بتركيز كلّ الطاقات الثورية في استفتاءات وانتخابات بهلوانية نتائجها معروفة سلفًا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جامد جدا
رانيا سلامة ( 2014 / 4 / 7 - 15:16 )
المقال فعلا بيوصف الصراع من كل الزوايا وبيقول رسالة مهمة اوي عن اننا لازم نعمل اقصى مافي وسعنا علشان نبعد عن ان مصر تروح لحرب اهلية
هايل كعادتك

اخر الافلام

.. تشاد: انتخابات رئاسية في البلاد بعد ثلاث سنوات من استيلاء ال


.. تسجيل صوتي مسرّب قد يورط ترامب في قضية -شراء الصمت- | #سوشال




.. غارة إسرائيلية على رفح جنوبي غزة


.. 4 شهداء بينهم طفلان في قصف إسرائيلي لمنز عائلة أبو لبدة في ح




.. عاجل| الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى الإخلاء الفوري إلى