الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن التي نريد

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2014 / 4 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


وفقا للسياق التاريخي كان لليمنيين حضور في اطار دولة ونشاط اقتصادي يمتد الى خارج اليمن في القارات الثلاث وكان النظام السياسي حصيلة ائتلاف وتوافق محتمعي وسياسي يستهدف تعزيز الهوية السياسية وكانت الدولة تتشكل وفق محددات التاريخ ومنطق الجغرافيا والارادة القوية للتكوينات الاجتماعية بطموحاتاهم نحو تعزيز هويتهم وحضورهم الفاعل في اقليم غارق في البداوة في زمن كانت المدينة والدولة من نصيب حضارات على ضفاف الانهار ..
ومع تنقلات الزمن بمراحل كبيرة تجمد المشهد اليمني في حين تحرك الاخرون تدريجيا وكانت النقلة الكبيرة لهؤلاء مع ظهور النفط ضمن فاعلية الانتاج الراسمالي المستكشف والمنتج والمخطط لهذه النقلة التحديثية هنا غرق اليمنيون في صراعاتهم من اجل استملاك السلطة والثروة التي ارتبطت بحضور الدولة التي لم يكتما نموها..ومع انطلاق الاخرون على فضاء الحداثة السياسية بتخفيض نسبة الارتباط بالبدواة وتنظيماتها الجهوية والمذهبية تحرك اليمنييون نحو ذات الفضاء حاملين على ظهورهم وفي رؤوسهم بداوتهم ومذهبيتهم بل وتم مباركة هذه الحمولة السلبية بشكل مباشر من دول النفط التي سخرت ولا تزال تسخر من اليمن واليمنيين لانهم وقعوا في فخ الصراع الداخلي وتدمير مسارات النهوض والتحديث واكثر مظاهر السخرية ما يحدث اليوم من اصرار للتدمير وبتمويل خارجي مباشر وبتخطيط معلن يستهدف اليمن واليمنيين وهنا تبرز اللعنة التاريخية التي حلت باليمن من ايام سباء ولاتزال تسحب مفاعيلها حتى اليوم .
فما يحدث من تدمير ممنهج للدولة وللجغرافيا ونهب للثروة واهدارها وتشوية الصورة التاريخية والرمزية لليمن وتحقير الوجود الاجتماعي والسياسي انما يصب في خدمة مجموعة من الافراد والعائلات ذات الارتباط بالخارج الاقليمي والدولي ويتجلي هذا الارتباط في ايامنا حيث السفارات في صنعاء تنفتح لهؤلاء جهارا نهارا (هناك خمسين عائلة تحظى بدعم الخارج الاقليمي والدولي ولممثليها حضور دائم في الحكومة ومحتلف اجهزة الدولة) .الجدير بالذكر ان رموزالقوة الاقتصادية القدامى والجدد بتحالفاتهم مع العسكر والقبيلة تتشكل معهم نزعات ونزوات التسلط والاحتكار مع الحاح في تغييب الهوية الوطنية بل ويأخذون هم صورة منقولة عن اخرين فتظهر صورتهم بشكل مشوه وجودا ووعيا .
ومع متغيرات عالمية متعددة وغير مسبوقة ووفق بروز وعي حداثي لدى قطاع من المجتمع تزايد طموح الغالبية بدولة مدنية ضمن الجغرافية الطبيعية لليمن فكانت الوحدة التي اعلن عنها سلما فعاش ابناء السعيدة شهرا من الفرح انعش تطلعهم نحو آفاق واسعة من الفرص والنماء والخير ثم سرعان ما انطفئ هذا الفرح والتطلع بحرب عدوانية اظهرت الجهل المسلح بكل بداوته وتخلفه هنا اجهض المشروع الوحدوي والانمائي برمته وهنا دخلت البلاد نفقا تزايدت ظلماته حتى اعلا مراحلها وهنا ايضا ظهر بجلاء المشروع الجهوي العائلي من خلال استملاك السلطة والثروة وكانت انتفاضة الشعب في فبراير نقلة نوعية في بلورة الارادة الشعبية والسياسية نحو التغيير وكسرحلقات الاستملاك بل ونفي فكرتها ومبرراتها . وهو ما عشناه اربعين يوما بالتمام والكمال انتهت يوم نزول العسكر والقبيلة الى ميادين التغيير وكانت المبادرة مثل لعنة سباء حيث ترتب عليها وأد الثورة بكلا دلالات التغيير والتجديد وهنا تم اعادة النظام االسابق بصورة اقبح مماكان عليه.
وهكذا اجبرنا مرة اخرى على ان نعيش حياة البؤس والفوضى وتدمير كل المكتسبات السابقة مع اننا حلمنا بصورة جديدة لليمن ترفع من كرامة الفرد وكرامة البلاد وتعلي من قيمتها وحضورها عبر نظام مدني ديمقراطي محوره المواطنة والنزاهة والتنمية والعدالة الاجتماعية وتداول السلطة وهي صورة تستحقها اليمن .
لكن ما كل ما يتمناه اليمنيين قابل للتحقق والحضور هنا تم قهر ارادة المجتمع وطمس وعيهم واعادة ربط حركيتهم بمراكز قوى كانت الثورة ضدهم واستهدفت اخراجهم من حسابات الدولة والسياسة ...لتتحول اليمن التي نريد الى صورة في المخيال الاجتماعي والشعبي في انتظار المخلص القادم او في انتظار استرداد الوعي الشعبي والجمعي عبر انتفاضة ثورية تعيد الاعتبار للدولة وللمجتمع وتضع اليمن بصورة افضل واجمل في سياقاتها محليا واقليميا وعالميا لتتجلى باسمها القديم العربية السعيدة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة