الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التجريف السياسي للعقل الثقافي العربي

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2014 / 4 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


تاريخيا نحن العرب خبرتنا الكبيرة بمجتمع اللادولة ومناهضتنا لضوابط النظم الحضرية ومنظومتها الثقافية ، وعليه ووفقا لعمليات البناء التدريجي للدولة كحالة سياسية مؤسسية منذ معاوية وحتى اليوم لم يتم اكتمال بناء هذه الدولة ولا تم اكتساب خبراتها في الادارة ونواظمها ، بل تم ربط السلطة بحاملها وفقا لجهويته وعصبته ، فغابت الدولة كمؤسسة وظهر ما تعارفنا عليه بدولة فلان وفلان وحتى اليوم ومع حركات التحر نقول دولة عبد الناصر وبن بيلا وبورقيبة والنميري والحمدي وسالمين (في الملكيات الامور اكثر سوءا فالاسرة تملك وتحكم ولامجال للمواطن في حسابها ) .
ثم ظهر على السطح مجموعات تعتمد فكرا راديكاليا حينا و مهادنا للحكام حينا اخر ، لكنها تحمل فكرا متخلفا يتصالح مع البداوة ومنظومتها وهنا نقطة التقاء مع النظم الحاكمة وهنا بداء التجريف للعقل الثقافي العربي الذي راكم لمئات السنين معارف وخبرات في الحياة المدنية والتسامح وحضور المرأة ثم اكتسب من الوافد مفاهيم الحداثة السياسية تدريجيا لكن الحكام وانظمتهم القمعية كما هول حال الاحزاب التحديثية بعقليتها وفكرها وقياداتها البائسة والاحزاب والجماعات المناهضة للمدنية بمرجعيتها المفارقة للزمن وديمومته .
فتم تقديس افكار واشخاص لمجرد انهم قالوا باجتهادات ظنية في مسار التفسير للنص الديني ، كما تم تعظيم مبالغ فيه لاشخاص قادوا مسارات سياسية اخفاقاتها اكثر من مظاهر النجاح فيها ، واخرون رفعوا فوق رؤوسهم افكارا عظيمة وافدة دمروها بغبائهم اثناء محاولات التطبيق وفق رؤى نزقة وقاصرة في فهم الواقع وممكنات حركته ، كما هو الحال لدي من اعتمد منظورات ماظوية يتم تجميد المجتمع الراهن وفقا لفتاوي واقاويل صيغت كاجابات على اسئلة في القرن الثامن الهجري ، وهنا لم يتم اطلاق الحرية للعقل الفردي والجمعي في التفكير والبحث والسؤال وفق مقتضيات اللحظة الراهنة ومتغيراتها وفق حاجات الافراد ومجتمعمهم في المستقبل الذي يسيرون باتجاهه ، فتم تعويم المجتمع بمنظومة ثقافية مفارقة للواقع وغير ملبية لحاجاته ،وبعضها مفارقة للعلم ومنطقه وللتاريخ وحركيته الصاعدة .
وهنا يتم تمرير مفهوم الدولة في اطار سيطرة قبلية وعصبوية على مؤسساتها ، او سيطرة تنظيمات مافياوية عل اقتصادها، وتمرير القول باحزاب وهي ليست اكثر من دكاكين لنخب وقيادات متحفية تعتمد منطق الاستزلام ، وهي ذاتها مماثلة لدكاكين المجتمع المدني بصورتها الجمعوية ودعاة حقوق الانسان وحقوق المرأة وفقا للتسول من السفارات الغربية ، وزيفا نقول ببرلمانات ومجالس شورى ومحليات وهي جاءت وفق انتخابة مزورة وبشراء الاصوات ، وحكومات معلنة جاءت من خلال محاصصة حزبية بائسة ناهيك عن فشلها وعجزها اللامحدود في انجاز اي شيئ حت لو كان تنظيف شوارع المدن من القمامة .
ولأن المواطن تحرك في هبات وانتفاضات متعددة اهمها واخرها ما حدث في فبراير من العام 2011 في اكثر من دولة عربية فقد كانت مراكز القوى وحلفائها بالمرصاد لهذه الانتفاضات التي تم التحايل عليها والانحراف بمساراتها نحو اعادة انتاج الماضي القريب وتشوية صورة الانتفاضات وابطالها وشهدائها والتنكر لهم .. وهنا اصيب العقل العربي باهتزاز كبير نحو مسلمات كان يؤمن بها من قبيل الدولة الوطنية والمواطنة والثورة والحزب الطليعي فكلها توجد في صورة مشوهة عن معناها وهنا تتأكد منهجية قطع الدلالة في الحضور من خلال التعبير المفاهيمي عن وقائع وحالات وتوجهات نجد الممارسة عكسية للمفهوم والحالة والتوجه .
فالدعوة الى الاشتراكية رافقها مسار راسمالي طفيلي ودولة غير ديمقراطية ، والراسمالية المشوهة وفق الانفتاح واقتصاد السوق رافقها فساد ونهب وتبعية للخارج ، والاسلاموية رافقها تكفير واقصاء للقوى المدنية والمرأة مع تطابق الرؤى الاسلاموية اقتصاديا مع الراسمالية الاحتكارية، والنزعة القومية رافقها بناء قطري وتشديد مبالغ فيه اعاق التقارب القومي ، واليوم الرؤى الاسلاميىة ذات اطار مذهبي ، والقومية ذات نزوع غوغائي ، واليساري وفق تجريب فشل في مساره ، وبقى نمطا من التحالف بين رموز الفساد والاحتكار والاقصاء وهم مدجنين وتابعين للخارج لكنهم يرون في الوطن مجرد غنيمة يعتمدون المحاصصة في تقسيم الجغرافيا والثروة بل وامتد التقسيم الى البشر وفق استقطاب مذهبي وقبلي..
هنا غاب الوطن وغابت الدولة الوطنية وغاب معها الفكر السياسي المشرعن لوجودها ومنظومته الثقافية لاننا نعيش منذ زمن لانسترشد بالعقل السياسي الناظم للدولة بل ما نسميها دولة اعتمدمت نواظم فكرية وثقافية من مرحلة سابقة للدولة(مجتمع القبيلة والعشيرة والطائفة) وهنا نكون امام فراغ فكري وسياسي وامام غياب اليقين بالفكر والايدولوجيا بل وبالخطاب الديني الذي اصبح متنوعا ومتعددا وفقا للفرقاء الحزبيين والمتمذهبين ووفقا للمغامرين الباحثين عن شهرة من خلال السلطة والقوة بدون الفكر والثقافة والعقل . بل ومحاربتهم للثقافة العقلانية والتفكير الابداعي وللمؤسسات العلمية ايضا. فهذا حال حكوماتنا العربية واحزابنا ايضا فجميعهايتف بالبؤس والبلادة والنفور من اعمال العقل ومن الثقافة لكنهم مجمعين على الغنيمة ونهب المال العام .اذا نح امام حكومات واحزب تدمر بطريقة ممنهجة المشهد الثقافي والعلمي بل وتعتمد تجريفا له من اجل ان يبقى المجتمع امامها بثقافته ومعارفه الانثربولوجية -الاولية- ليكون قابلا لاعادة تشكيله مع جماعا واحزاب وحكومات معادية للمدنية وللاعمال العقل النقدي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضباط إسرائيليون لا يريدون مواصلة الخدمة العسكرية


.. سقوط صاروخ على قاعدة في كريات شمونة




.. مشاهد لغارة إسرائيلية على بعلبك في البقاع شرقي لبنان‌


.. صحيفة إيرانية : التيار المتطرف في إيران يخشى وجود لاريجاني




.. بعد صدور الحكم النهائي .. 30 يوما أمام الرئيس الأميركي الساب