الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هكذا تموت الأُمم.. العرب مثالاً!

جواد البشيتي

2014 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



ما أسوأ حال "العرب"!
وكأنِّي أسمع "الربيع العربي"، إذْ خَرَج عن صمته، يَصْرُخ هذه الصَّرْخة المدويَّة!
وأسوأ ما في حالهم أنَّ ما كان يسمَّى "الوجود القومي للعرب"، وعلى ضآلة وزنه الواقعي، في السياسة والاقتصاد.. وفي "بُنْيَتِه التحتية"، قد تلاشى، واصبح أثراً بَعْد عَيْن؛ فما أكثر الناطقين بالعربية، وما أقل "العرب" بينهم؛ وأعني بـ "العرب" أولئك الذين ما زالوا، في وعيهم وشعورهم ومواقفهم، يُغلِّبون الانتماء القومي على ما عداه (من انتماءات دونه منزلةً وأهميةً).
ومع تلاشيء الشعور بالانتماء القومي، واضمحلال ما بقي من وجود قومي للعرب، وازدهار وانتشار كل انتماء (أو تَعَصُّب) تافه كريه بغيض، كالطائفية والمذهبية والقبلية والجهوية، تلاشى، في وَعْينا وشعورنا واهتمامنا، أو شرع يتلاشى، "العدو القومي الأوَّل" لنا، وهو إسرائيل؛ فنحن الآن اسْتَبْدَلْنا التعادي العربي (الطائفي والمذهبي والقبلي والجهوي) بالعداء لها.
مِنْ قَبْل، كُنَّا نَلْعَن "التجزئة"، و"بلفور"، و"سايكس ــ بيكو"؛ وكُنَّا نقول في ألمٍ وحَسْرَةٍ: نحن أُمَّة واحدة في عشرين دولة ونَيِّف. وعلى وجه العموم، كان في كل دولة من التعددية (اللاحزبية) الدينية والطائفية والمذهبية والقبلية ما يَعْكِس التعددية على مستوى الأُمَّة؛ أمَّا الآن فانفجر صراع الطوائف والمذاهب والقبائل في الدولة الواحدة، وشرع "يتأقلم"، عابِراً الحدود "المُصْطَنَعَة" بين الدول العربية؛ وكأنَّنا انتقلنا من "تجزئة الأُمَّة الواحدة في عشرين دولة ونَيِّف"، إلى "تجزئة الدولة الواحدة (طائفياً ومذهبياً)"؛ وها نحن الآن في طور "الوحدة الإقليمية" لكل طرف من أطراف هذا الصراع البغيض المُدمِّر؛ فكل طائفة تَنْشَقُّ عن الدولة التي كانت إليها تنتمي، لتَتَّحِد مع مثيلاتها، أو شبيهاتها، في دولٍ مجاورة؛ وكأنَّ "الوِحْدَة" التي نَسْتَحِق هي هذه "الوِحْدَة"!
العراق "العراقي العربي" يتفكَّك، طائفياً ومذهبياً على مستوى مسلميه؛ والمالكي، الذي كان "نتيجة" لهذا التفكُّك العراقي، هو الآن "سببٌ" له، أيْ يتسبَّب بمزيدٍ من هذا التفكُّك؛ ولا ألوان يتلوَّن بها الصراع العراقي إلاَّ ألوان الطائفية والمذهبية والعشائرية؛ وَحْدَهم أكراد العراق يَلْعَبون لعبة التَّفَكُّك بصفة كونهم "جماعة قومية (عرقية) متماسكة (نسبياً)"؛ فانتماؤهم القومي ما زال هو الأقوى. والسودان تفكَّك ويتفكَّك. وليبيا تتفكَّك. واليمن يتفكَّك. وسورية قَيْد التَّفَكُّك؛ وهذا التَّفَكُّك السوري يَجْعَل لبنان يزداد تَفَكُّكاً، ويُسرِّع التَّفَكُّك العراقي؛ ويُنْذِر بالامتداد إلى بقية الإقليم. أمَّا مصر، فتارةً تُرينا انقسامها الديني بين مسلمين وأقباط، وطوراً نراها في صراع يشبه صراع "شعبين": "شعب السيسي" و"شعب مناوئيه (وفي مقدَّمهم جماعة "الإخوان المسلمين")".
وفي سورية، التي "تَنْفَجِر"، و"تُفَجِّر" الإقليم، نرى روسيا وإيران (ومعها "حزب الله (اللبناني)" وجماعات عراقية طائفية متعصِّبَة) تقاتلان، عسكرياً وسياسياً، مع ما يشبه "ميليشيا بشار الأسد"؛ أمَّا الولايات المتحدة فلا تَقِفُ (عملياً وموضوعياً) إلاَّ مع "الحرب"، أو مع "استمرار القتال "؛ وكأنْ لا مصلحة لها إلاَّ أنْ تبقى سورية نَهْباً للموت والدمار وحروب الطوائف والمذاهب.
وإنَّه لمسار تاريخي متناقِض هذا المسار الذي فيه نسير الآن على غير هدى؛ وثمَّة قوى مِنَّا وفينا تَدْفَع في اتِّجاه "الفناء"، والذي هو "العيش في الحرب، وبالحرب، الدينية والطائفية والمذهبية والقبلية والجهوية"، وتتحالف هذه القوى، ولو موضوعياً، مع قوى خارجية، إقليمية ودولية، تريد لنا هذا النوع من "الفناء التاريخي"؛ فإمَّا نندفع أكثر في السَّيْر في هذا الاتِّجاه، وإمَّا نَتَّخِذ من مآسينا مُعَلِّماً يُعَلِّمنا أهمية وضرورة تغليب الانتماء القومي على ما عداه؛ ويُعَلِّمنا، أيضاً، ما هي "المواطَنَة" و"دولتها"، وما هي الحياة الديمقراطية بأوجهها كافة، وكيف نؤسِّس لعيشٍ مشتَرَك مع "الآخر"، بكل ألوانه وأصنافه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماركسي ينوح تفكك الدولة القومية
فؤاد التمري ( 2014 / 4 / 8 - 11:54 )
ليس أغرب من ماركسي ينوح ويبكي غياب الدولة القومية
الماركسي يبحث عن أسباب غياب الدولة القومية ولا يبكيه
عليه أن يشرح للناس أسباب انهيار مشروع عبد الناصر
أنور السادات بكى عبد الناصر ومع ذلك على يديه كان انهيار مشروع ناصر

هذا المقال ليس حقيقاً بجواد البشيتي


2 - الزميل جواد الپشتيني بعثيا!
حميد كركوكي {صيادي} ( 2014 / 4 / 9 - 11:15 )
رفيقنا الماركسي يبكي للقومية العربية العرباشية البعثية ! تعال وشم النسيم، أين كنتم عندما كنا نشم رائحة التفاح❊-;- المميتة من صدام؟ أين كان العربان عندما كنا نحرق بالخردل والسينايد؟ أين كان المسلمين وكعبتهم اللاشريفة وبحق آيات قرآنهم كنا نهجر أنفالا و نؤد أحياء في صحراء عرعر وحدود الأردن الجد جدا الشقيقة! قليل من الحياء يا عالم العرب والأسلام اللعين وكذلك الشيوعين الجد جدا ماركسيون !

❊-;-رائحة الغاز الخردل المميت تشبه رائحة التفاح للعلمكم ياعالم العرب.

اخر الافلام

.. تزايد القلق بشأن صحة الرئيس الأمريكي بايدن والبيت الأبيض يحا


.. الخلافات في الداخل الإسرائيلي.. تشابكات تعقد المشهد بسبب حرب




.. تركيا تغلق الحدود مع سوريا عقب اندلاع أعمال عنف في البلدين


.. حصانة الرئيس.. بايدن يعلق على قرار المحكمة العليا بشأن ترامب




.. كلمات صمود لطفلة من غزة تتشح بعلم فلسطين