الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الإئتلاف الديمقراطي- و - المصالحة الوطنيّة - ، حوار مع المفكر التونسي ، اليساري الأديب نور الدين الخبثاني في -بؤرة ضوء-- الحلقة الثالثة من - العقلنة والإنعتاق الإنساني -

فاطمة الفلاحي
(Fatima Alfalahi)

2014 / 4 / 8
مقابلات و حوارات


"الإئتلاف الديمقراطي" و " المصالحة الوطنيّة " ، حوار مع المفكر التونسي ، اليساري الأديب نور الدين الخبثاني في "بؤرة ضوء"- الحلقة الثالثة من " العقلنة والإنعتاق الإنساني "

5.هل أن تونس تحتاج إلى ائتلاف ديمقراطي للخروج من أزمتها ؟

الجواب:
لقد نادينا مرارا و تكرار ـ في حزبنا ـ منذ أكثر من سنتين , ليس بإقامة الجبهة الديمقراطيّة فحسب بل بإقامة الجبهة الديمقراطيّة و المدنيّة الواسعة عبر ائتلاف مرن لجميع قوى الحاثة و التقدّم , و العمل على تحييد ما يمكن تحييده من الأطراف المرددة بهدف عزل القوى المعادية للثورة , و إن كان تحقيق هذه المهمّة قد علاف تقدّما نسبيّا بالتوصّل الى تشكيل " جبهة الانقاذ " في الملابسات التي ذكرنا , غير أنّ التكتلات السياسيّة ذاتها التي تكوّنت منها هذه الجبهة نراها اليوم تعود لفقدان بوصلتها الأولى لتغرس رؤوسها من جديد في رمال تفاصيل الحسابات الانتخابيّة المنفردة , لتعيد بالتالي إنتاج تفككها و احتمال هزيمة انتخابيّة ثانية . و مع ذلك فإنّ الأمل لازال قائما رغم تعدد و خطورة المناورات الداخليّة و الخارجيّة المهددة جديّا و المعرقلة لمساعي بناء الجبهة الواسعة ؟؟؟
*
*
6.هل ستطبق تونس تجربة المغرب في التكوين الديني و"المصالحة الوطنية"؟

الجواب:
لتونس بعض الخصوصيّات التاريخيّة و العقديّة و المذهبية و البشريّة يجب التطرّق لها بالتوضيح , قبل محاولة التقرير و الفصل في شأن مقولة / صيغة " المصالحة الوطنيّة " . فمن الناحية التاريخيّة و بالتحديد ابتداء من التاريخ المعاصر لما يعرف بدولة الاستقلال . فقد اختارت تونس ما يمكن أن نسمّيه بـ " الإدارة العموميّة للشأن الديني " , متأثّرة في ذلك بما جاءت به الثورة الفرنسيّة من إخضاع للكنيسة لسلطة الدولة و تحويل " رجال الدين " إلى موظفين عموميين . فلم يعد بذلك للمنزلة الدينيّة جسما مستقلاّ, و قامت مؤسسات التعليم الحديث بمدّ الإدارة الدينيّة بالقائمين عليها من الأئمّة و مفتي الجمهوريّة و الذين يرجعون بالتعيين و النظر إلى إدارة الشؤون الدينيّة كواحدة من الصالح المركزيّة المتفرّعة عن الوزارة ذات النظر . و لم تغيّر التحويرات اللاحقة جوهر هذه الهيكلة و لا من مضمون السياسة الدينيّة للدولة. أمّا من الناحية العقائديّة و المذهبيّة , فإنّ تونس تعرف تجانسا مذهبيّا نادرا يقوم على سيادة المذهب المالكيّ السنيّ , مع تقاليد من التعايش مع العادات الضاربة في القدم , و من التسامح مع المسيحيّة و اليهوديّة الذي ترسّخ منذ القرن التاسع عشر بتعاقب الاتفاقيّات و القوانين في شأن ضمان حقوق الأقليّات الدينيّة و حريّة ممارسة شعائرها الخاصة , و التكفّل بمنحها تمثيليّة تعبّر عنها لدى الجهات الرسميّة . و عن ضعفت هذه الأواصر في بعض اللحظات التاريخيّة بعلاقة مع اليهود و تطورات القضيّة الفلسطينيّة في ألمشرق لكنّها لم تبلغ في كلذ الأحوال مستوى القطيعة أو الوضع الكارثيّ .
و بالنسبة للجانب المتعلّق ب بتركيبة السكان العرقيّة ـ الثقافيّة , ففهي تتصف بشدّة التمازج و الاختلاط بين المكوّنين الرئيسيين العرب و البربر , إلى ذلك الحد الذي يصعب فيه التفريق بينهما , دون أن تختفي نهائيّا ملامح الثقافة المحليّة . كما تدعّمت ظاهرة التقارب و التجانس بما عزمت على تحقيقه و هي محقّة و ناجعة " السياسة البورقيبيّة " و من قضاء على نزعة الانتماء القبليّ و العشائريّ , بالتدخّل عن طريق الدعاية و التوعية , و بالعمل على ربط مصالح الأفراد بمؤسسات الدولة عملا و توظيفا و رعاية صحيّة و اجتماعيّة , و أمنا على الأشخاص و الممتلكات , بعيدا عن تأثير القبيلة و توقّيا من الرجوع الى الاحتماء بها. لم تخل هذه السياسة من الانحيازات الجهويّة أو المحاباة الشخصيّة أحيانا , و من الاستغلال الطبقي و التهميش , لكنها في كلّ الأحوال أتت أكلها , خصوصا و أنّها صرّحت عن نفسها في أغلب مراحل تطبيقها بأنّها سياسة ليبيراليّة تحديثيّة و ليست اشتراكيّة ثوريّة .
و في هذه النقاط بالتحديد تختلف تونس عن المغرب الأقصى, الذي حافظ على نظام سياسيّ تقليديّ, و هو مجتمع يعرف انقساما عميقا و واضحا بين العرب و البربر. كما أن الملك وليس الدولة و هو الذي يحتكر امتياز الشرعيّة الدينيّة بالرجوع الى " الخرافة المؤسسة " La légende fondatrice و للسلالة العلويّة التي تأسست في نهاية القرن السابع عشر 1672 م , و ذلك بالاستناد إلى دعوى الأصل الشريف بالانتساب لذريّة على ابن أبي طالب . مما يدخل نوعا من التشويش القائديّ , و مردّه هذا التركيب الهجين بين مرجع سلطانيّ يرجّح اتجاه التشيّع و آخر شعبيّ له منحى ضارب في سنّيته ؟؟؟
أمّا في شأن " المصالحة الوطنيّة " فهي قصيّة لا تطرح بحدّة في تونس للمعطيات الهيكليّة المذكورة في ما سبق , و التي لم تنتج ـ رغم محاولات الإخوان للدفع في ذلك الاتجاه عند تولّيهم للحكم ـ , و لم يبلغ الاختلاف إلى مستويات اعتناق مبدأ الإبادة المتبادلة , باستثناء الاغتيالات التي اكتسبت طبيعة سياسيّة صرفة و رغم حضور الخلفيّة الدينيّة كواحدة من أبعادها .
و لذلك فغنّ تخليص التناقضات و النزاعات في تونس و تجده يتّخذ الصبغة السياسيّة الخالصة و التي تجسّدت عمليّا في " الوفاق الوطني " و و الذي بذوره حسم الأمر في ما يتعلّق بهذه البؤرة الساخنة و القاتلة بهذه الطريقة البعيدة عن الاستعداء العقائدي .و و هو أمر ليس بالهيّن , خصوصا عندما نجد أنّ الدستور الجديد يؤكّد على حريّة المعتقد و الضمير , كما يعتبر التكفير تجاوز يقع تحت طائلة القانون الجنائي .
و لمّا كان الأمر في تونس قد انحصر , و بصفة تكاد تكون نهائيّة و في ذائرة الخلاف السياسي و ليس الاقتتال المذهبيّ , فإنّ مقولة " الوفاق الوطني ّ " تكون بذلك قد تجاوزت دعوى " المصالحة الوطنيّة " على اعتبار أنّ الطرف المعني فرضا بها هو ( حزب حركة النهضة الإخواني ) الفصيل الأهم نسبيّا في طيف " الاسلام السياسي " و قد يجد نفسه في صورة المطالبة بها قد وضع نفسه في مأزق منطقيّ , فهو إن تمسك باعتبار نفسه فرعا من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين ـ و هو كذلك فعلا رغم ما يحاول اليوم تفنيده بسبب الضغوط العالميّة المسلّطة عليه ـ , فهو سيفقد بذلك كلّ مشروعيّة للمشاركة في حلّ هو شأن وطنيّ , ليبقى مصيره مرتبطا بهذا الكيان العابر للأقطار و الأوطان الذي ينتمي إليه . أمّا إذا كان يعتبر نفسه طرفا سياسيّا و مدنيّا محليا و وطنيّا , فإنّ فعله السياسي يندرج في سياق ما جرّبه من أداء سياسي فاشل أثناء تولّيه السلطة التنفيذيّة , و ما انخرط فيه طوعا أو تحت الضغوط من التزام بنتائج الحوار الوطني . أما الجماعات السلفيّة الأخرى فهي ليست معنيّة ذاتيّا وموضوعيّا بأيّ شكل من أشكال التوافق و لأنها تضع نفسها و عن قناعة منها خارج الدستور و القانون و كلّ ما تعتبره مستخلصات لـ " البدعة العلمانيّة " و و هي قليلة من الناحية العدديّة و معزولة اجتماعيّا , و يبدو أنّها آخذة طريقها إلى الانقراض مع ما تتطوّر به الأوضاع الإقليميّة و العالميّة نحو تجفيف منابع تمويلها و إسنادها .


_______________
انتظرونا والمفكر التونسي ، اليساري الأديب نور الدين الخبثاني عند ناصية السؤال "7.هل بعودة تونس الى قانون العزل السياسي الملغى ، سيعرضها إلى أزمات سياسية تحيدها عن التوصل الى صياغة قانون انتخابي عادل ومتوافق مع كل الأحزاب؟" - الحلقة الرابعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: لم نكمل إزالة التهديد لكننا غيرنا مسار الحرب


.. عاجل | وسائل إعلام إسرائيلية: مقتل إسرائيلية وإصابة آخرين في




.. حرائق وأضرار في كريات شمونة والجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مس


.. ماذا تريد إسرائيل من ساحة غزة؟




.. لماذا مخيم جباليا؟