الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في كتاب (العراق ..نبوءات الأمل) للدكتور مهدي الحافظ

نبيل عبد الأمير الربيعي
كاتب. وباحث

(Nabeel Abd Al- Ameer Alrubaiy)

2014 / 4 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


قراءة في كتاب (العراق ..نبوءات الأمل) للدكتور مهدي الحافظ

نبيل عبد الأمير الربيعي

الخيارات المتنوعة التي يطرحها د. مهدي الحافظ في كتابه الموسوم ( العراق نبوءات الأمل) الصادر عن دار ميزوبوتاميا للطباعة والنشر عام2013 , يحتوي الكتاب على 384 صفحة بالحجم الكبير , الكتاب يعتبر الكتاب الثاني للدكتور الحافظ بعد كتابه الأول (الآن الغد, معالجات عراقية في الاقتصاد والسياسة) , يضم الكتاب مجموعة من المقالات المتنوعة , فقد تناول الدكتور الحافظ بعض الطروحات التي لا تتعلق فقط بمشكلات الماضي والحاضر لما يمر به العراق من مخاطر في الوقت الراهن والتي كلفت الشعب العراقي تضحيات وأثمان كبيرة , أيضاً يتناول خيارات المستقبل في ضوء التركة الثقيلة التي تنوء بها البلاد في جميع المجالات , كذلك التطورات الحاصلة في عالم اليوم بمقاييس مذهلة , فصنيعة الحكم ما زالت عليلة وتعاني من معضلات كثيرة يمكن الأدعاء بالديمقراطية كافياً لتغطية العديد من المتاعب في الاقتصاد والحياة الاجتماعية والثقافية والخدمات العامة والوحدة الوطنية والمصالحة الحقيقية بين الفئات الاجتماعية فضلاً عن السياسة الخارجية .
تناول الدكتور الحافظ في كتابه الأفكار الاقتصادية الجديدة التي تناولها في اجتماعات وزارة التخطيط عندما كان وزيراً للتخطيط والتعاون الإنمائي في العراقي , أشار الحافظ في ص13 على " تأكيد الرغبة في أحترام حقوق الناخبين الأحرار الممثلين للرأي العام العراقي وتأمين الوحدة الحقه والشاملة " للمجتمع العراقي , لتصفية تركات الماضي على صعيد الاقتصاد والتعليم والثقافة والأحوال الاجتماعية والصحية المزرية . فالإصلاح الاقتصادي الشامل لا يمكن لهما التحقيق في مناخ يعوزه الاستقرار السياسي والتلاحم الاجتماعي والمصالحة الوطنية , بل يتطلبان تصفية مظاهر الصراع الطائفي والأثني ونشر التسامح الديني والتعددي وأحترام حقوق الإنسان , وتمكين المرأة من ممارسة حقوقها , لكن نلاحظ إن الدستور قد حاز بامتياز على قدر كبير من الكلام سلباً وإيجاباً.
أشار الدكتور الحافظ في كتابه ص14حول الدستور الذي صيغ في" أوضاع غير طبيعية وفي جو من المساومات بين الكتل النافذة , وجاءت محبطة للآمال على أغلب الصعّد والقطاعات.. فالعراق وتجربته الجديدة بحاجة إلى دليل دستوري متقدم وعصري جامعاً للمفاهيم الحديثة في كتابة الدساتير " لو تابعنا واقع الحال لأنتخاب أعضاء مجلس النواب للدورة السابقة لتبين لنا أن أعضاء البرلمان الحاليين لم يحصل بعضهم إلا على (17) صوتاً , لكن قائمة الفائزين سبب صعود هؤلاء النواب, لكن في الانتخابات الحالية والتي بدأت حملتها الانتخابية نعوّل على القانون الجديد لاحتساب أصوات الناخبين وفق قانون سانتليغو المعدل , والرغبة في صعود بعض القوى الصغيرة لتأخذ دورها في مجلس النواب وتشريع القوانين المهمة منها قانون النفط والغاز وقانون الأحزاب , والابتعاد عن المساومات السياسية للتصويت على موازنة عام 2014.
يؤكد الدكتور الحافظ في ص17 على نظرية التوازن ومبدأ تكافؤ الفرص والمواطنة "فقد عشنا تجارب غنية ووجدنا خلالها حق المواطنة هو الأساس ومعيار الكفاءة والخبرة والتحصيل المعرفي هو المعيار المعتمد دوماً , واليوم نرى أن المطالبة بـ"التوازن" مطالبة غير مشروعة طالما إنها تعتمد التوازن الطائفي ليس إلا " وهذا المعيار أصبح اليوم نهجاً لقتل روح المواطنة وتكافؤ الفرص بين المواطنين والأخذ بالمعايير المهنية في التنسيب الوظيفي . لكن معيار التوازن الطائفي أحال العراق إلى التناحرات والتصادمات لذلك أصبحت غالبية القوى السياسية تفرز النهج الطائفي والأثني وتبتعد عن روح العصر والتطور الإنساني بوجه عام .
أشار د. الحافظ على أن "الدستور النافذ لا يوفر الإطار القانوني الصائب للبلاد , إذ خرجت صياغته في ظروف سياسية حافلة بالتوتر والصراع وأسفرت عملية إعداده عن خليط واسع من التناقضات والصياغات المتعارضة ولعل أحدها هو إناطة حل مجلس النواب بقرار من المجلس ذاته وليس غيره , وهي سابقة خطيرة في الأعراف والقواعد السياسية ولا سيما في البلدان النامية " , يؤكد الدكتور علي عبد الامير علاوي في كتابه الموسوم (احتلال العراق :ربح الحرب وخسارة السلام) ص623 "إن وثيقة دستورية ذات أهمية بالغة قد حتم وصفها من أناس تعودوا على عقد الصفقات وراء الأبواب المغلقة . إنهم غالباً ما تعثروا وهم يقومون بوضع صياغات موحية وتخدم كذلك المصالح الذاتية . وكان هنالك على الدوام طرف أجنبي غير منتخب وله مصلحة . وكان وجوده ضرورياً مع أنه لا يحتمل وهو يحوم في الخلفية وغالباً في المقدمة", من هذا نفهم أن الدستور وضع وفق صفقات ما من قبل سياسيين متنفذين مما حصل هو توزيع المناصب على أساس طائفي واثني وهو أمر مرفوض طبعاً , وأُبعدت العناصر الكفوءة عن مؤسسات الدولة .
أشار الدكتور الحافظ في ص 23 إلى أن "الحكم الرشيد , أو الديمقراطي الحقيقي , يستند إلى جملة من التدابير والتقاليد والمؤسسات التي تحدد كيفية صنع القرارت في الدولة " وهذا يتحقق بسهولة من خلال أجراء أصلاح اقتصادي متكامل للقطاع الخاص وسائر الفئات الاجتماعية منها صلاح الوعي الوطني العام وخلق الأسس لتعايش سليم وبناء جميع مكونات الشعب العراقي على أساس المواطنة وحقوق الإنسان , ثم طرح الحافظ مسألة حذف الأصفار من العملة العراقية مع العلم أن السياسة النقدية مرابطة بالسياسة الاقتصادية , لكن العراق يعيش في أزمة نقدية تبرز بأزمة المصارف وسياستها القديمة التي يطغي عليها الروتين الوظيفي في التعامل مع الزبائن ,كما يؤكد الحافظ في ص27 "عندنا ما يقارب سبعة مصارف حكومية وما يقرب من 42 مصرفاً خاصاً (أهلي) فالبحث في هذه المشكلة بمعزل عن مشكلة المصارف مشكلة كبيرة .. والحياة المصرفية في العراق ما زالت تعتمد على الدولة حيث أن مصرفين كبيرين يملكان حوالي 90% من الودائع المصرفية وما عدا ذلك فان 10% تعود للمصارف الأهلية " مع العلم أن المعضلة بعدم امتلاك البنك المركزي لخطة واضحة لتبديل العملة , وهنالك صلة وثيقة بين التضخم والعملة ,فمن الضروري أن نمتلك المفاتيح الواضحة لكل حالة اقتصادية لننهض بالواقع المصرفي والقضاء على البطالة والاهتمام بالسياسة التجارية وفرض التعريفة الكمركية للتخلص من الاقتصاد المفتوح وتجنب الفشل.
يتفق الحافظ مع ما طرح من مبدأ توزيع عائدات النفط من قبل د. عادل عبد المهدي إلى نفس الغرض إذ يؤكد الحافظ إلى أنه "موقف حميد وجدير بالاهتمام",موضوع توزيع نسبة مئوية من عائدات النفط التي طرحت من قبل د. عادل عبد المهدي يذكر جملة من الاعتبارات منها :" أن توفر له القاعدة الإدارية المطلوبة .. ويمكن أن تصرف حصص المواطنين بطريقتين ,أما مباشرة من الدولة إلى المواطن أو خلال صندوق استثمار يقوم بتوظيف أموال المواطنين ومن ثم توزيع أرباحها عليهم نهاية كل عام كما هو الحال في ولاية (آلاسكام الاميركية) . لكن المؤسسة المصرفية العراقية المعوّل عليها في صرف مستحقات المواطنين , ليست مؤهلة نوعياً أو عددياً لمثل هذه المهمة , لكن هذا المبدأ في توزيع الثروات على المواطنين سوف يرفع المستوى المعيشي للشعب العراقي وخاصة الطبقات الفقيرة منه" ويعتقد د. عادل عبد المهدي أن المشروع يتطلب " أجراء إحصاء سكاني إضافة إلى تهيئة البنى التحتية اللازمة ومنها المصارف والاتصالات والرقابة ومعالجة حالة الضرائب".
يطرح د. الحافظ في ص35 مقال بعنوان (ما حكاية الاحتياط النقدي) الذي يمتلكه العراق بحوالي (60) مليار دولار المحمي بقرار من الرئيس الامريكي والمحفوظ في حساب مصرفي الامريكي مع العلم أن احتياطي العراق النقدي فترة السبعينات يقدر بـ(40) مليار دولار استخدم هذا الاحتياطي في تغطية الاحتياجات العسكرية ومستلزمات الحرب مما مهد لأن يشجع الفساد والتلاعب بأموال الدولة , لكن بعد عام 2003 أعاد البنك المركزي الاحتياط للعملة العراقية . يؤكد الحافظ"أن الطريقة المنتقاة للتصرف بالاحتياطي النقدي تتوقف قبل كل شيء على الحاجات الاقتصادية المحلية" , كما يؤكد الدكتور الحافظ " ليس هنالك قانون اقتصادي أو قاعدة اقتصادية معتمدة في العالم يقيد التصرف المناسب بالاحتياطي النقدي ,فهي مسألة اجتهادية" لكن كل الخيارات ممكنة قد تنتج لاستخدام الاحتياطي وفق قاعدة معينة لتغطية العجز في الموازنة بدل القروض البالغة 4,5 مليار دولار في الصندوق النقد الدولي و ( 2 ) مليونين من البنك الدولي .
يطرح الدكتور الحافظ في مقال (دلالات الرؤية الاقتصادية المنشودة) قد أشار إلى أن العراق ص39" معروف جيداً مبتغاه الملحوظ بالموارد الطبيعية وخاصة النفط ... واليوم نحن مطالبون بأن ننهض على هذه الأسس.. ولعل أهم هذه التحديات هو كون الاقتصاد ما زال ضعيفاً من الناحية الموضوعية والقطاعية " لكن واقع حال العراق ما بعد الحصار وسنوات التغيير قد تتغير وتتراجع في المجال الزراعي والصناعي والتجاري وبنسب كبيرة ومن غير الممكن الخروج من هذا الواقع المتخلف ما لم نأخذ بفرصة الأخذ بنظام السوق الحرة " وهو التفاعل مع الاقتصاد العالمي والإفادة من ثمراته بصورة عقلانية مدروسة" وهذا ما يؤكدة الحافظ في ص40 , إضافة إلى تأكيده على التحرر من الأتكال على النفط وتطوير القطاع الخاص ووضع برامج لتقليص البطالة ومكافحة الفقر , ومن المبادئ الأساسية للرؤية الاقتصادية التوزيع العادل للثروات وحكم القانون والمساواة بين المواطنين , ثم معالجة آفة الفساد المستشري بين قطاعات الدولة كي يتم أصلاح مرافق الدولة.
أما في ص57 يشير الدكتور الحافظ إلى المقارنة في انتخاب الرئيس النيابي , إذ تحدد المحاصصة الطائفية بناء الدولة والمسؤوليات العامة " اليوم هنالك من يعترض على رغبتي بالتشريع للمقعد الشاغر هذا للأسباب ذاتها إذ يرى أن هذا المقعد هو من الحصة الطائفية لتنظيم سياسي سني بأعتبار أن الرئيس السابق كان سنياً وعضواً في ذلك التنظيم وهكذا جرت التوافقات الطائفية بين الفائزين في الانتخابات السابقة" لذلك المحاصصة الطائفية سبب تعثر بناء الدولة لكن الدكتور الحافظ يعقب على منصب نائب الرئيس النيابي في ص58 " إن ترشيحي لهذا المقعد هو جزء من استحقاقات المواطنة العراقية التي لا تفرق بين طائفة وأخرى وندعو لبناء دولة موحدة وذات هوية وطنية واحدة" ,أما مقال الحافظ "تناقضات الصراع الداخلي والرؤية الاقتصادية المنشودة" وما واجهه العراق من تركة ثقيلة ومتعددة الأبعاد في جميع الميادين منها الآثار الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة للحروب السابقة وعواقب العقوبات الدولية والحصار الخارجي وسوء الإدارة العامة للدولة , يؤكد الدكتور الحافظ حول واقع الاقتصاد العراقي ص63 " لا جدل في الحاجة إلى تحويل الاقتصاد العراقي من اقتصاد مغلق مركزي آنذاك إلى اقتصاد مفتوح ومتنوع وقائم على الإفادة من آليات السوق ودور أكبر للقطاع الخاص" لكن واقع العراق الحالي ما زال يعاني من نزاعات داخلية وصراعات سياسية وتناحر طائفي ,إضافة إلى التدخلات من دول الجوار , وكان الخطأ الأكبر الذي اقترفه الحاكم المدني برايمر بحل مؤسسات الدولة من وزارتي الدفاع والداخلية مما خلق فراغاً أمنياً خطيراً مما انعكس على تعثر الأصلاحات الهيكلية وبناء الدولة والمؤسسات على أساس يكفل بناء دولة وطنية سليمة القوام والأمكانات والكفاءات , واعتماد مجلس وطني للخدمة المدنية والعسكرية يضع الكفاءات والمهنية والأخلاص للشعب كمعيار بديل عن الجهوية بعيداً عن الحزبية الضيقة والطائفية السياسية.
يطرح الدكتور الحافظ مجموعة تدابير من الواجب تنفيذها لحماية الوحدة الوطنية ففي ص86 يدعو إلى " رعاية المصالح الوطنية بجميع مفرداتها رعاية حقيقية وأصدار قرارات قاطعة لتوكيد هذا الأمر الحيوي وإعاقة سوء استخدام (اجتثاث البعث) وتصفية آثاره بصورة منصفة وقانونية , وحل معضلة اللاجئين والمهجرين والمعتقلين لأسباب غير قانونية , والاهتمام بظاهرة (الصحوات) وحماية أفرادها من أي سوء وتمكينهم من الاندماج بالهيكل الأمني الوطني " لكن من المآخذ على الفكرة الأخيرة وما يخص الصحوات إن الأغلبية العظمى منهم كانوا مع الأرهاب وبصفوفهم ثم تواطؤ البعض منهم مع العناصر الأرهابية بعد مجيئهم واندماجهم بالهيكل الأمني الوطني .
من خلال طروحات د. الحافظ نجد إن الواقع العراقي السياسي مرير وما زالت صيغة الحكم عليلة وتعاني من معضلات كثيرة , فلا يمكن الادعاء بالديمقراطية وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص واحترام المواطنة وتشكيل مؤسسات الحكم السليمة , ونحن نعيش اعتبارات طائفية عشائرية وأثنية متفاقمة تزداد يوم بعد يوم بسبب ترسيخها من قبل السياسيين في مجالات الحياة السياسية والاجتماعية , إضافة للابتعاد عن أعطاء المرأة كامل الحقوق في جميع المجالات كي تكون فاعلة , لكن مع هذه السلبيات وما نمر به من صراعات متعددة علينا أن لا نتراجع لنهج تعزيز الوحدة الوطنية الحقة وتجاوز الصعوبات من أجل عراق متعافى عراق ديمقراطي فدرالي موحد بعيداً عن النزاعات الطائفية والأثنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف