الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاطمة

حسن يوسف عبد العزيز

2014 / 4 / 10
الادب والفن


لم افهم شيئا مما يحدث. فجأة أصبح كل شئ في المنزل يكسوه اللون الأسود،أمي لبست تلك العباءة السوداء القديمة وعقدت الشال الأسود حول رأسها كانت تبكي كثيرا، لا ادري لماذا يبكي الجميع، اسمع مصطلحات تتردد في البيت منذ فترة سرطان، كيماوي،موت، كفن، دفن، قبر.كنت العب مع الأطفال القادمين مع أمهاتهم اللائي كن نسخة كربونية من أمي، لم اعر كل ما يجري حولي أي اهتمام.في اليوم الثالث انفض الجميع وصار بيتنا خاليا إلا من ثلاثتنا أنا وأبي وأمي.
يجلس أبي على تلك المصطبة الطينية يمسك المصحف وتتعلق السبحة الطويلة بأصابعه، أبي لا يعرف القراءة والكتابة لكنه يتمتم بتلك السور القصيرة التي يحفظها دائما والمصحف بين يديه، كان هناك شئ افتقده.ذهب الأطفال الذين كانوا يملئون البيت ضجيجا مع أمهاتهم وظللت أتطلع إلى وجه أمي الحزين ودموعها المحبوسة في
عينيها والى أبي. بلا أي مشاعر على وجهه.سألت نفسي لماذا لم تظهر فاطمة طوال تلك الأيام.هل ذهبت
كعادتها للمبيت عند جدتي في بيتها- احسدها دائما لأنهم يسمحون لها بذلك-.
سألت أمي بصوت واطي "فين فاطمة يامه"
سكتت للحظات وأخذتني في حضنها وهي تبكي "فاطمة عند ربنا يا حبيبي"
كنت اعرف إن ربنا هذا يسكن السماء بعيدا، ما الذي جعله يأخذ أختي عنده
عاودت توجيه السؤال إلى أمي "وبتعمل ايه عند ربنا"
"ربنا عاوز كده يا حبيبي اسكت حرام عليك" ردت امي
هناك شئ لا افهمه ظلت فاطمة تتعذب أياما كثيرة كانت تصرخ طوال الليل وتبكي بلا توقف كنت أسال أمي دائما لماذا تصرخ هكذا فتجيبني بصوت متحشرج ربنا يشفيها ادعيلها
فاطمة المعجونة بماء العفاريت، لم انم في حضن أمي كما نمت في حضنها، كيف تصمت هكذا وأين ذهب فمها الذي لا يتوقف عن الكلام والغناء.
الله اخذ فاطمة لم ادري لماذا، أين ذهبت دعواتي وصلوات أبي ودموع أمي طوال تلك الليالي ذهبت إلى أبي وزعقت بصوت عال مكررا ربنا وحش ربنا وحش، كل ما أتذكره عما حدث أن يده الكبيرة المتشققة من طين الأرض التصقت بوجهي الصغير فألقتني على الأرض ظللت أتدحرج كالكرة حتى أصبحت خارج المنزل.
كانت عيني موجهتان دائما نحو السماء بحثا عن فاطمة .عن عينيها العسليتين.عن شعرها المنسدل على جبهتها وعن هذا الوحش الذي أخذها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل