الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضد التيار! ضدكم جميعاً!

سمير طاهر

2014 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


إن كنت أريد معارضة بحرينية ترفض، علناً وسراً، التدخل الايراني الطائفي في شؤون البحرين الداخلية،
إن كنت أريد معارضة سورية ترفض، علناً وسراً، أي تدخل أمريكي أو خليجي في شؤون سوريا الداخلية، بما فيه الدعم الأمريكي والخليجي للمعارضة السورية، بل وترفض أي مساعدة خارجية للاطاحة بالنظام السوري، أي ترفض الخيانة الوطنية من حيث المبدأ،
إن كنت أريد معارضة عراقية ترفض التدخل السعودي في الشؤون الداخلية والهادف ليس الى "نصرة السنة" وإنما الى حرق العراقيين بنار الطائفية،
إن كنت أريد حزباً عراقياً واحداً على الأقل، بل سياسياً عراقياً واحداً على الأقل، يقر بجريمة الخيانة العظمى التي اقترفتها كل التنظيمات السياسية العراقية عام 2003 عندما غلّبت الثأر السياسي على الوطنية وتواطأت مع الأمريكان على احتلال وطنها، ويعترف بحقيقة أن كل الفوضى السياسية والاقتصادية القائمة حالياً في العراق (والتي يسمونها هناك العملية السياسية) مصنوعة ومحمية أمريكياً، ويطالب بالاستقلال السياسي والاقتصادي الجذريّين ومحاسبة اللصوص والفاسدين وعناصر الاجرام الطائفي،
إن كنت أريد من السياسيين والمثقفين في العالم العربي مفهوماً واحداً موحداً للعدالة، ومثله للطائفية، وللقمع، وللحرية، وللديمقراطية، وللأمن، وللقانون، مهما اختلفت هوية الجاني وهوية الضحية، ومهما اختلف العنصر القومي والمذهب والبلد،
إن كنت أرفض تغطية الميول الحقيقية والأسباب الأصلية للانحيازات السياسية، بمعسول الكلام وتنميقاته وتعميماته،
إن كان عقلي لا يقبل اجتماع فكرة المطالب المدنية الحضارية مع العنف المسلح، ولا يقتنع بدفاع شخصيات ليبرالية عن شرعية الحرب الأهلية (حتى وإن أطلقوا عليها ثورة تحررية) وأرفض أسلوب الكفاح المسلح (بسبب كلفه الانسانية التي لا تقدر بالكَمّ، وتخريبه العميق للمجتمع وللوطن) إلا في حالة التعرض لاحتلال، مباشراً كان أو بالوكالة،
إن كنت لا أثق بأي وعود ديمقراطية يطلقها دعاة حرب، ولا أصدق بالأشخاص العُنْفيين حين يتحدثون عن أهداف مدنية،
إن كان معيار المصداقية عندي لكل سياسي داع الى التقدم الاجتماعي هو ميله الى ضم قوته الى قوى الآخرين، زائداً ميله الى التواضع، واجتماع هذين الميلين في سعيه الى تكوين جبهة شعبية عريضة حتى لو كان هو عضواً عادياً فيها، بدلاً من النرجسية والاصرار البليد (المحكوم بالفشل سلفاً بسبب بلادته) على الزعامة والتفرد،
إن كنت أنا كذلك، فمؤكد إنني ضد كل التيار السائد، ومؤكد إنني وأمثالي مكروهون من جميع عناصر هذا التيار، من المحيط الى الخليج! مثلما هو مؤكد أيضاً أن حظ هذه المقالة من النشر (دون تعديل) هو جد قليل.
إنه تيار من الرداءة والتردي، لم يجرف الجماهير وحسب وإنما جرف معه شخصيات كنا نظنها بمنأى عنه. زعماء سياسيون لا يخجلون من إيقاع أنفسهم في مفارقات مثيرة للسخرية عندما يدينون ثورة في أحد البلدان العربية بدعوى أنها ثورة طائفية بينما يمجدون ثورة مماثلة في بلد عربي آخر بدعوى أنها ثورة شعبية (لأن الأخيرة توافق انتماءهم الطائفي). مفكرون علمانيون وضعوا خزينهم العلمي على الرف وراحوا يجمّلون لنا مشروع التحالف مع التنظيمات الاسلامية المسلحة، بدعوى أن هذه التنظيمات ليست سواء في حصصها من الظلام (رغم أن اختلاف هذه التنظيمات فيما بينها عائد الى اختلاف مصادر تمويلها ليس إلا). شعراء كفروا بلغة المحبة الانسانية وراحوا يسطرون بلاغة الحقد الطائفي والعنصري والرؤية الأحادية المنغلقة. كتاب وفنانون تحولوا الى مبررين للاجرام، إجرام الأنظمة القمعية أو إجرام المعارضة المسلحة. أما في التفاصيل فتجد أكواماً من السخف: ما بين الهتك اللغوي للأعراض والسخرية من شكل جسدي أو عاهة لدى الخصم السياسي والتعريض بتفاصيل لا أهمية لها والشتائم البذيئة الفجة وهلم جراً.
لست أدري ما أصاب قومي، هكذا مرة واحدة. التمويلات البليونية القادمة من الخليج لا تكفي وحدها لتفسير هذا الانحدار الفكري الشامل. فهذه التمويلات، حتى وهي تشمل شراء أقلام بل وقطاعات واسعة من الاعلام المقروء والفضائي، متوجهة الى جمهور من مستوى ثقافي وفكري معين، والسؤال هو ماذا عن المستوى الأعلى من ذلك؟ كيف حصل أن سار المثقفون وراء الجماهير بدلاً من العكس؟
أكثرنا آمنا بالثورات العربية حين اندلعت، بل انتشينا بها. وأنا واحد من الناس الذين دافعوا عن هذه الثورات في بداياتها. لكن عندما دخلت أموال الخليج في العملية، ودخلت قوات الخليج العسكرية هنا وتنظيماته الجهادية هناك، واستغلت القوى الدولية والاقليمية هذه التطورات لخدمة مصالحها بعيدة المدى، وارتفعت التكلفة الانسانية والمجتمعية للأحداث، وتناثرت قوى الثورة وتصارعت فيما بينها، عندها بات على المثقفين أن يأخذوا مهمة البحث العميق في الحالة الجديدة وتحذير السياسيين (أو الثوار إن شئت) مما يراد بهم وبالثورة وبشعوبنا. ما حصل هو إنه لا السياسيون ولا المثقفون أظهروا قوة وممانعة في وجه التيار الكاسح للحقد المذهبي، الديني منه وحتى العلماني. لم يقفوا على الحياد ولم يجرؤوا على التوقف، ناهيك عن الانسحاب، فهذه الخيارات ما تزال تخضع للقاموس الثوري السبعيني بوصفها خيارات انتهازية أو جبانة. هل مواصلة الخوض في الوحل هو إذن خيار أفضل؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا جاء في تصريحات ماكرون وجينبينغ بعد لقاءهما في باريس؟


.. كيف سيغير الذكاء الاصطناعي طرق خوض الحروب وكيف تستفيد الجيوش




.. مفاجأة.. الحرب العالمية الثالثة بدأت من دون أن ندري | #خط_وا


.. بعد موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار.. كيف سيكون الرد ا




.. مؤتمر صحفي للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري| #عاج