الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى الأستاذ غسان صابور – و إلى الحوار المتمدن من خلاله

نضال الربضي

2014 / 4 / 10
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


إلى الأستاذ غسان صابور – و إلى الحوار المتمدن من خلاله

أستاذ غسان، تحية طيبة لشخصك الكريم،

وددت ُ لو أنك تفتح باب التعليقات على مقالاتك، فهي في مجملها تلمس الكثير مما يتحرك ُ في قلوبنا، بسكينة ٍ و سلام ٍ أحيانا ً و بعنف ٍ أليم ٍ مُتألم أحيانا ً أخرى، و لأنك لا تفعل – مع كل احترامنا لخيارك – نجد أن مخاطبتك َ يجب أن تكون بمقال ٍ منشور، و من هنا تأتي هذه السطور.

في البداية أخي الكريم أشكرك من كل قلبي أنك على الرغم من كل ما حدث في وطنك الحبيب إليك و إلينا سوريا العظيمة رائدة الحضارة الأوغاريتية الأولى، استطعت َ أن تُبعد عن قلبك و نفسك الحقد و الطائفية و العنصرية، و هكذا هم من يحملون أوطانهم في قلوبهم، أو بالأحرى من يحملهم الوطن ُ في قلبه.

أشكرك أيضا ً لأنك توجه دعواتك الإنسانية و أنت تعلم تمام العلم، كما أعلم أنا أنها تقع على آذان ٍ تُرسل منها الواحدة ُ الصوت َ للأخرى فترسله بدورها إلى الهواء بعيدا ً من حيث أتى، لا تدخل ُ إلى القلوب، و لا تستسيغُها العقول، و مع ذلك ما زلت تدعو، كل الأحترام و التقدير لك َ.

أخي غسان، إن الكثير من مفكرينا العرب اليوم هم مفكرون َ "غير عرب"، بمعنى أنهم حينما انفتحوا على الحضارة الغربية و وعوا مدى قوتها، و درسوا فكرها، و منهجها، و آليات التطبيق فيها، نسخوا كل هذا و أخرجوه من ظرفه و مجتمعه و بيئته و أتوا به إلينا، مُعتقدين أن ما نجح "هناك"، سينجح ُ "هنا عندنا"، و أن ما صلُح َ به أمر "تلك" الأمم، سيصلح ُ به أمر ُ "هذه" الأمة، فجاء ما يقدمونه منفصلا ً عن بيئتنا، منفصلا ً عن مجتمعنا، كأنهم ممثلون في مسلسل ٍ تلفزيوني، نتسمر أمامه للمشاهدة و نندمج ُ معه، و ننتظره، لكنه حين ينتهي، نعود ُ لحياتنا مرة ً أخرى.

قد قلت ُ مرارا ً و رددت ُ تكرارا ً أن البحث العلمي له رواده، و أماكن نشره، و جمهوره، فمثلا ً كتاب الدكتور سامي التاريخي في ترتيب سور القرآن هو بالفعل إنجاز ٌ ضخم جداً، و جهده مشكور ٌ و محمود، لكن ما عدا ذلك فمقالاته تحريضية، و مثل ذلك يقال عن كتاب الدكتور حسن في الفكر السلفي، و مثل ذلك عن مقالاته، و أرى أن كليهما قد أخطأ الطريق، فأصبح العلم الذي يجب أن يكون المنارة َ في الظلام، ظلاما ً هو الآخر.

إن أغرب الغريب و أعجب العجيب، أن المقالات الخاصة بالدكتورين لا هي بالعلمية حتى نتعلم منها، و لا هي مما يستحق النقد حتى ننقدها، و روادها هم الفئة العاشقة للمناكفة، و المناهده، و المهاترة، و نسأل هنا الدكتورين: يا سادة يا كرام، و بعد كل ما يحدث على صفحاتكم، ألم يحن الوقت لتجدوا لكم بضاعة ً أنظف؟ بضاعة ً أرقى؟ بضاعة ً أسمى تبيعونها، أم أنكم تحبون بضاعة "كل شئ بدينار"؟

أخي غسان، أوطاننا تموت، و هذا يقول محمد فعل، و ذاك يقول الكنيسة فعلت، و لقد اختصروا عمرنا و شبابنا و أحلامنا و إنسانيتنا في نصوص ٍ يحاربونها و يعتقدون َ عوارها و يكرهونها، فأصبحت هاجسهم، و آمنوا فيها إيمانا ً أشد َّ من إيمان المؤمنين أنفسهم، فالمؤمن ما زال يتصارع ُ مع رغباتِه المُضادة للنصوص بينما هم تسكنهم تلك النصوص ُ التي يكرهونها سكنا ً أشبه بالمس. و إني أجد في هذا إهانة ً شديدة ً جدا ً، فنحن بشر، لكنهم لا يخاطبوننا كبشر.

لم أكن أريد أن أكتب هذا الكلام، لكن يا سيدي لم تعد أوطاننا تتحمل، و هم بكل ما هم عليه من مواهب و ملكات تفكير، لا يميزون أن هذا الذي يكتبونه ستتناقله أجيال ٌ لا تميز "الخمسة من الطمسة" و سيصبح إنجيلها و قرآنها الثانين، و سيصبح كلامهم يتردد على النت يوما ً بعد يوم، حتى ليصبحن َّ كل منهم ابن تيمية العصر الجديد، و التكفيري الجديد، و الباعث الجديد على العنف الذي يقولان أنهما يحاربانه.

لقد قصدت ُ أن يكوني مقالي اليوم على شكل رد ٍّ لا على شكل مقال، و إلا كنت ُ قد أوضحت ُ نقاطا ً كثيرة عن الظرف الموضوعي لنشوء النقد الغربي، و تاريخه، و آلياته و علاقته بالمجتمعات الغربية، و فائدته لها. لكن ليس هذا هدفي اليوم، هدفي أن أخاطبك َ و إدارة الحوار من خلالك، و القارئات و القراء الكرام.

شكرا ً لك أستاذ غسان أنك تكتب، و أنك ما زلت لم تفقد البوصلة، و شكرا ً لسعة صدرك في القراءة. تحياتي المخلصة لك و للقراء جميعهن َّ و جميعهم.

معا ً نحو الحب، معا ً نحو الإنسان!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاستاذ نضال الربضي
امال طعمه ( 2014 / 4 / 10 - 07:57 )
صباح الخير لقد اوجزت ما نريد قوله حقا كتابات غير معنية حقا بواقعنا قدر ما هي تؤجج الحقد الطائفي مجتمعاتنا لها صبغة خاصة ما يكتبه الاستاذ حسن محسن رمضان يأخذه المسلم المتشدد على اساس انه ورقة كسبانة في حربه مع المسيحية !وقس على ذلك بالنسبة لكتابات الاستاذ سامي الديب مع احترامي لهما فالمشكلة وكأنها فقط حرب دينية بين دينين من الافضل؟؟بالنسبة لبعض القراء وبعيدا عن الاستاذين الذين ذكرت هناك ايضا اخرين كتاباتهم مجرد سخرية فقط او تنفيس ! مع احترامي لهم،هل هذا هو التنوير وهل نريد سحق دين ما فقط او الاستهزاء بمشاعر مؤمنين ايا كانوا لنعظم القيم الجميلة التي كادت ان تختفي بدلا من ان نبين او بالاحرى نهول عيوب الاخرين فقط..


تحياتي


2 - إلى الأستاذة آمال طعمه،
نضال الربضي ( 2014 / 4 / 10 - 09:40 )
تحية طيبة سيدتي،

هناك تناقضات كثيرة فيما يفعلانه أبرزها أنهما يدعوان للتعلم من التاريخ و تبيان خطأ العقليات و المناهج في الفكر الديني،،،

،،،، بينما هنا يهملان أن التاريخ نفسه يعج عجا ً شديدا ً بمثل هذا الأسلوب النقدي الذي أدى فيما مضى لحروب و صدامات، فينتقدان الفكر و منهجه و يتبعان نفس الفكر و المنهج الذي ينقدانه،،،

،،،، و يغيب عنهما أن مؤججي الحروب و الصراعات الطائفية كانوا يقولون بالضبط ما يقولانه هما الآن: الحقيقة، الحق، الكشف،،،

فرق ٌ شاسع بين ما يكتبه الدكتوران و بين نقد الغربين الأكاديمي، فما يفعلانه لا يندرج أبدا ً تحت النقد الأكاديمي بأي شكل. يمكنك متابعة مناظرات اليوتيوب بين أكاديمين من أمثال بارت إيرمان مثلا ً و الذي هو أشد ناقدي العقيدة المسيحية علميا ً لكنك لا تملكين إلا الاحترام لهذا العملاق، لأنه فعلا ً: عالم، و يتسم بشخصية واثقة، مُحببة، غير عدوانية، صلبة.

هذا ما نتوقعه من كتابنا الأفاضل و هذا ما يعجزون عنه لغاية اللحظة للأسف. ينتقدون البدواة و هم ما زالوا أسراها، يؤججون الصارعات و يقولون: تنوير.

نواياهم غير طيبة و القلوب طافحة بالغل.

دمت ِ بود.


3 - الصديق العزيز نضال
قاسم حسن محاجنة ( 2014 / 4 / 10 - 16:26 )
تحياتي لك ومن خلالك للزميلة أمال
وانتهز هذه الفرصة لأنقل التحية والتقدير للعزيز علينا الاستاذ غسان
وأود أن الفت الانتباه الى أن السادة الافاضل يحصلون على مبتغاهم من خلال كتابة مقالات مستفزة ، ساذجة وسطحية ، لأنها تؤدي الى توسيع الشرخ وتعيد تدوير الكتابات كل مرة من جديد .
لكن علينا جميعا ككتاب الا ننجر للعب في ملعبهم وان نحافظ على نزاهتنا العلمية وانتمائنا الانساني العابرلكل خلافات
لكم جميعا تقديري وتحياتي


4 - إلى الأستاذ قاسم محاجنة
نضال الربضي ( 2014 / 4 / 11 - 09:30 )
تحية طيبة أخي قاسم،

لقد أعجبني قولك -انتمائنا الانساني العابر لكل خلافات- فهذا هو أصل ما ندعو إليه، لأن رسالتنا هي جمع المُفترقين، في حضن الإنسانية.

تقبل المودة و الاحترام،


5 - إلى الأستاذ جوزيف بطرس (قناة فيسبوك)
نضال الربضي ( 2014 / 4 / 11 - 09:37 )
تحية طيبة أخي جوزيف،

لا أريد المفاضلة بين المسيحية و الإسلام فهذا هو أول الطريق إلى ما نحن فيه الآن،.

يجب علينا جميعاً أن نركز على ممارسات خاطئة لا على أديان، و هناك فرق شاسع، فالممارسة الخاطئة تمس الجميع، و التغلب عليها منفعة للجميع، و أثناء محاربتها يحتفظ الجميع بقناعاتهم الدينية دون أن يمس أحدهم الآخر.

فالموضوع ليس من لديه -قناعات- دينية أفضل، لكن هو موضوع مجموعات متطرفة تستخدم القوة، و ما عدا ذلك لا يجب أن يدخل في حسابات تفاعلاتنا الإنسانية.

أحيانا ً أكتب في نقد الفكر الديني، لكن كتاباتي تكون بحثا ً في أصول المفاهيم، و لا تتعرض للمؤمنين بأشخاصهم، و يستطيع أي مؤمن أن يقرأها و يختلف معي، لكنه سيجد مني دوماً الاحترام لشخصه حتى و أنا أنقد إيمانه، و لقد توصلت لقناعة أن جذر القناعات مشترك، لكن مظاهر تعبيرها مختلفة.

دمت بود.


6 - العزيز تضال الربضي المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 12 / 17 - 18:53 )
محبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة و ســــــــــــــــــــــــــــــــــــلام
فاتني ان اطلع على هذه المعزوفة الانسانية في حينها ...لكن كان لنا من العمر حتى تتكحل بها العيون
فقد احسنت و اجدت و اشرت و اوضحت
فشكرا لكم ايها الكريم
دمتم بتمامها

اخر الافلام

.. مرشحون لخلافة نصرالله | الأخبار


.. -مقتل حسن نصر الله لن يوقف مشروع الحزب وسيستمرفي المواجهة -




.. الشارع الإيراني يعيش صدمة اغتيال حسن نصر الله


.. لبنان: مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلي




.. المنطقة لن تذهب إلى تصعيد شامل بعد مقتل حسن نصر الله