الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يتوحد العراقيون أمام جلاديهم ؟

احمد عبدول

2014 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


من المفارقات الكبرى التي ينفرد بها الشعب العراقي ومنذ زمن بعيد ,انه شعب يمتاز دون سائر الشعوب الاخرى بانقسامه إزاء الحكام الظلمة وانشطاره أمام الزعماء الخونة حيث يتم النظر الى الحكام والزعماء والقادة من زوايا ضيقة غالبا ما تكون زوايا حزبية أو مذهبيه طائفية , وهذه هي مشكلة العراقيين على امتداد تاريخهم السياسي القديم والمعاصر وارى ان هكذا مشكلة تعد جذر سائر المشاكل العراقية الاخرى حيث ينجم ويتولد عن هكذا مشكلة سلسلة من المعوقات التي تقف حائلا بوجه بناء مستقبل واعد للأجيال العراقية المتعاقبة , بمعنى أخر ان هوية الحاكم الطائفية ,هي أهم وابرز واخطر ما يلقي بتبعاته وتداعياته على طبيعة الشخصية العراقية التي تلبستها تلك المزية حتى صارت جزء لا يتجزأ من تاريخها وثقافتها ونوازعها , ولعل هذا ما حدا بالعلامة الراحل (علي الوردي ) ان ينوي في اخر أيامه ,التفرغ لمشروع كتاب يعالج فيه مشكلة الطائفية السياسية في العراق ولا شك انه لو قيض له إكمال هكذا مشروع حساس ,لكان قد بين لنا الكثير من الخفايا والزوايا والجوانب التي تتعلق بتأثير تلك المزية على طبيعة الشخصية العراقية على امتداد قرون من الزمن , إن تلك المزية تعد الأكثر تأثيرا على طبيعة الشخصية العراقية , مما أطلق عليه الوردي في خمسينيات القرن المنصرم بازدواجية الشخصية العراقية وهو المصطلح الذي انتشر آنذاك واتضح في ما بعد انه مصطلح نفسي لا علاقة له بما أشار إليه الوردي حيث كان الأصح ان يستبدل الوردي مفهوم ازدواجية الشخصية بمفهوم التناشز الاجتماعي الذي يعني عدم تطابق القول والفكرة مع السلوك وهو ما يشترك فيه الشعب العراقي مع سائر شعوب الأرض كما يشير الى ذلك الدكتور (قاسم حسين صالح )في مقالته الموسومة ( ازدواجية الشخصية العراقية )ان أهم واخطر ما يميز الشخصية العراقية هي افتراقها الحاد أمام طغاة وقتلة ومجرمين ساموا الشعب سوء الخسف وأذاقوه شر مذاق , وهو ما يرتبط ارتباطا مباشرا بالنظر الى هوية هؤلاء الطغاة الطائفية السياسية ,ولا شك ان الشخصية العراقية التي لا يجمعها هم الوطن والمواطنة بقدر ما يجمعها الهم القبلي او العشائري أو الطائفي كانت وما تزال تقيم نظرتها وتحدد مواقفها من هؤلاء الطغاة والقتلة والمجرمين حسب موقعها وقربها ومنفعتها وانتمائها لهذا الحاكم او ذاك وتلك لعمري مفارقة كبرى لا تحسب لأبناء الشعب العراقي حيث تصطف سائر الشعوب في جبهة واحدة موحدة أمام قتلتها وجلاديها الا في حالات استثنائية قليلة لا تقارن بما جرى ويجري داخل العراق , و لعل تلك المفارقة الكبرى قد ظهرت جلية واضحة , عشية سقوط هبل البعث وسط ساحة الفردوس في التاسع من نيسان عام 2003 , حيث انقسم العراقيون الى ملل ونحل إزاء هذا الحدث الجلل الذي كان يفترض ان يوحدهم أمام سقوط رمز الشر والهمجية والعنصرية فعلى صعيد الأحزاب العراقية كان التاسع من نيسان في نظر البعض منها (الحزب الإسلامي ) على سبيل المثال لا الحصر , يوما اسودا لاحتلال عاصمة الرشيد أما في نظر أحزاب اخرى فقد كان التاسع من نيسان يوما للإنعتاق والحرية والتحرر كذالك على الصعيد الشعبي والجماهيري فقد كان الانقسام ذاته إزاء السقوط المدوي ,عندما افترق العراقيون بين مرحب وبين منكر وبين متردد وبين من فقد أدنى تصور إزاء ما حدث وسط ساحة الفردوس وان كنا لا ننكر ان الغالبية من أبناء الشعب العراقي كانت فرحة بفعل التغير لكن هذا لا يعني ان المشهد , كان موحدا إزاء هكذا فعل وبهكذا حجم لو وقع في أي بلد من بلدان العالم لكانت الجماهير قد خرجت وحدة واحدة ورصا مصفوفا وهي تهتف مؤيدة مجلجلة مهلهلة لرحيل آلة القتل وسلطان الجور ان الشعب العراقي وحتى كتابة تلك الأسطر ما يزال يعاني من ذالك الانقسام والتشظي ,الذي يعد جذر المشكل العراقي العام وما نجم عنه لاحقا من احتقانات ,على الصعيد السياسي ولاجتماعي والاقتصادي .
أما ما يروج له البعض من ان الشعب العراقي هو شعب موحد متكاتف متآلف متجانس وان كل ما نعاني منه اليوم إنما جاء على خلفية سياسة الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر وما حمله معه من اجندة المحتل الأميركي , فانه كلام مرسل غير دقيق وحقيق وواقعي فالعراقيون منقسمون حيال من يحكمهم منذ ان دحى الله الأرض وقدر فيها أرزاقها وهذا ما بات جليا واضحا لكل من تصفح تاريخ العراقيين على امتداد أكثر من خمسة ألاف عام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خامنئي و الرئيس الإيراني .. من يسيطر فعليا على الدولة؟ | الأ


.. مناظرة بايدن-ترامب .. ما الدروس المستخلصة ؟ • فرانس 24 / FRA




.. #فرنسا...إلى أين؟ | #سوشال_سكاي


.. المناظرة الأولى بين بايدن وترامب.. الديمقراطيون الخاسر الأكب




.. خامنئي يدعو الإيرانيين لمشاركة أكبر بالانتخابات | #غرفة_الأخ