الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عادي!

امال طعمه

2014 / 4 / 10
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


عادي ..
سألتني صديقتي قبل أيام كيف هو الشعور ..حينما يكون لك سلفة(زوجة اخ الزوج)؟ فهي لم يكن لها من قبل مثلي سلفات !!فها هو شقيق زوجها يقبل على الزواج وسيصبح لها سلفة!
لأستغرب السؤال، وأستنتج أن هناك نوعا من التخوف والأفكار المسبقة ..ماذا كان جوابي لها؟! عادي..عادي
وأخبرتني أن ذلك ما قالته أيضا أختها عن الأمر ..عادي! ولما يكون الأمر غير عادي وما هو أصلا العادي؟؟
اصبح الأنسان متوجسا من ما سيأتي شاعرا بأن الأمور البسيطة العادية قد تحمل له عذابا مخبأ ، لا ندري ربما بالنسبة لها ربما تعودها على نمط وقالب اجتماعي معين لفترة طويلة جعلها ربما تشعر بريبة من التغيير.. العادي!ا هي موروث السنين أم أننا نحن تغيرنا..عادي!

أصبحت كل الأمور الغير عادية عادية والأمور العادية غير عادية ..أصبحت كل المشاعر عادية!
أفكر بجوابي لها "عادي" كم مرة صرنا نستخدم تلك الكلمة للإشارة الى شعورنا وأمورنا !.
حياتنا مجرد ماكينة تدور لترتاح بعضا من الوقت وتبدأ بالدوران مرة أخرى كل صباح من أجل ماذا ؟ لاشيء.
أصبحت اهتماماتنا محصورة بدائرة ضيقة رغم أننا منفتحين على العالم بصورة أكبر ! ورغم كل المظاهر التي تقرب الأخرين وتجعل التواصل أسهل ما تزال دائرة الإهتمام تضيق أكثر فأكثر ..إنه الوقت ..تسارع رتم الحياة..أشياء ما كانت قبل عشرين سنة أو أقل مثلا أصبحت تمثل دورا رئيسيا في حياتنا ..فتغيرت الأمور وتلخبطت..صار المستهجن قديما .. الأن شيئا عادي !

عادي أن نسمع كل يوم عن ضحايا انفجارات وارهاب وحروب ومجاعات وغيرها ..عادي أن نشاهد مشاهد الدمار والقتل ..بل الغير عادي أن نشاهد شيئا مفرحا ..حتى أن الفرح عندما يزورنا يكون منكها بطعم الحزن أو غير مكتمل! نشعر ببعض الفرح ،المفروض أن نكون فرحين حقا ،لاشيء يبكينا ومع ذلك بعض الدموع تتساقط فرحا! حتى في الفرح نبكي!
نسأل عن السبب؟ فيكون الجواب ..لاشيء ..عادي!

في وقت الفرح النادر ..نفتش عن مشاعرنا ..لنلقى نوعا من الحياد.. من البرود ..ليس هنالك مشاعر متأججه ولا احساس داخلي بالفرح ولا اهتمام حقيقي نتسائل عن عدم اكتراثنا حقا وعن عدم احساسنا بالبهجة ؟! فنخترع جوابا لأنفسنا ..عادي، كل شيء أصبح عادي!
نفتش عن مظاهر تسعدنا أو هكذا نظن، في الماضي كانت فكرة أن يكون في بيت ما هاتف أرضي تبعث على الانبساط!! أتذكر في وقت ما كان يحتاج الأمر وقتا طويلا للحصول على خط هاتف أرضي!! الأن لدينا هواتف أرضية وخلوية وأحاديث عبر الشاشات وغيره، لكن كل ذلك لا يبعث على الإنبساط او الفرح ..ما كنا نشعر به من سرور خلال أشياء بسيطة قد زال! من فعل النضوج...الكبر.. أم من فعل القدر! ام كثرة الاشياء والخيارات! أم أنها التكنولوجيا التي وضعت كل الأمور في خانة الحياد ..... العادي! هل يجب أن نعود أطفالا لنشعر بالبهجة ؟! لكن حتى أطفال اليوم لا يشعرون ببهجة أشياء كنا نرقص ونغني إن حصلنا عليها وهاهم يستقبلون ما هو أفخم منها بشعور.. عادي !

رغم كل مظاهر البهرجة والترف التي أصبحت تلازم بعض الأفراح والأعراس نفتقد فيها البهجة!
نفتقد الشعور القديم ..ببهجة العرس والعروس والأغاني والعادات التي كانت ترافق أفراحنا وأعراسنا ..أصبحت طقوسنا فيها مجرد مظهرا مبرمجا ومنظما من قبل ! فلا يحتوي المشهد على تلقائية الفرح وعفوية المشاركة! .. كل شيء أصبح مبرمجا ..المشهد جميل ..فستان العروس روعة ليس مثل الفساتين زمان ! العريس أيضا! كل المدعوين حلوين.. كل شيء أُعد للعرس جميل .. لكن في الداخل لا يوجد بهجة! بعض من السرور ربما وبعض من الإنبهار بالمشهد ولكن لم تعد هنالك بهجة! لأن كل شيء أصبح ..عادي!


ربما أبالغ فمشاهد الأعراس وغيرها جميلة وكل شيء منسق ومزوق ..فأين المشكلة؟ ربما المشكلة فينا!مالذي نريده لإحياء تلك البهجة التي كانت!هل هي من داخلنا أم من الأخرين؟
ربما لأن مشاعرنا تغيرت ..وأصبح أمامنا خيارات كثيرة..ونريد دائما الأحدث ..الأفخم..الأفضل..وكأننا بذلك سنغير حقيقة شعورنا ، وسنشتري بعضا من السعادة ببعض مظاهر جميلة لا تدوم طويلا! فتصبح السعادة والفرح مرهونين بما نقتني وبما نفعل وبما يقولونه الأخرين عنا! حتى أننا لا ندرك قيمة الأشياء الحقيقية ونعتبرها مسلمات!

تعودنا على رؤية الأخطاء ووضع الأعذار لفاعليها ومبررات لها، بل أننا صرنا نساهم في عملها !صارت حياتنا مليئة بكم هائل من الأعذار والمبررات والأخطاء التي حولت مسارنا الى اتجاه أخر فكأننا نعيش في عالمين عالم داخلي نسعى أن نعيش فيه كما نريد! وعالم خارجي نسايره ظانين أننا في الجانب الصحيح!
فصار الصحيح لربما شيئا نادرا وأصبح الخطأ هو المقياس! عادي!
الطيبة والتسامح أصبحتا من القيم المرفوضة فعلا على أرض الواقع ! فمن يتسم بهذه الصفات اليوم يقال عنه أهبل! القيم الجميلة أصبحت هبلا، واللؤم والخبث أصبحا مطلوبين هذه الأيام بل أن الإنسان يستغرب وجود أشخاص مازالوا على طيبتهم في هذا الزمن الغير عادي ..عادي!

كل ما نراه من حولنا يساهم في تلك الحيادية الغريبة ..كل شيء أصبح عادي !

لا أدري هل هو الزمن؟ هل هو نحن؟ أم كثرة الأشياء؟ أم محاولة مجاراتنا لسرعة الحياة وتغير مظاهرها بشكل كبير؟! هو من جعلنا حياديين غير اكتراثيين ..مجرد الحصول على الشيء في الماضي كان يبعث على السرور الأن نحصل على أشياء كثيرة و لانهتم بأن نفرح لها ..صار اهتمامنا أن نحصل دوما على المزيد والجديد ..نلهث وراء كل حديث فقط لمجاراة نمط حياة أو الأخرين ..لايترك ذلك أثرا على قلوبنا من الداخل لا يطبع فينا سوى شعور زائف بالاطمئنان أننا منسجمين مع محيطنا ! لانترك وقتا لأنفسنا لنسألها حقا ماذا تريد وهل ماحصلت عليه هو حقا ماتريده!

نبتعد شيئا فشيئا عن حقيقتنا في سبيل مظاهر متغيرة لا تبقى و لاتترك أثرا حقيقيا في النفس .. لذلك تبقى مشاعرنا ملخبطة وننظر الى كل شيء أنه عادي!


إنه زمن غير عادي!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عادى_إنه الفتور أحيانا
حازم (عاشق للحرية) ( 2014 / 4 / 10 - 12:21 )
تحياتى يا آمال

موضوع ظريف فعلا, مسألة الفتور
(أشياء كتير(ليس كل شئ فهناك اشياء انا على وشك اصاب بالجنون بسببها) اصبحت نتعامل (معها عــادي ,و فيها إيه!) )

الأسباب متعددة:
-العمر و السن شخصيا: انا مثلا لم الحق بفترة السبعينات و الستينات , انا من مواليد الثمانينات لكن استشعر ان فترة التسعينات كانت جميلة جدا اجمل من الألفينات(2000 و ما بعدها)
ومن معلوماتى الغير مباشرة استشعر الثمانينات احلى منهم و من قبلها السبعينات احلى و الستينات احلى (زمن الروك اند روول!؟)
كلما تقدم العمر كلما نفقد طعم الدنيا

-احوال المجتمع و الدنيا حولنا
احوال إجتماعية و سياسية بايخة و سخيفة (فكر رجعى و دين أصولى يزحف زحف سخيف بطئ لكن ملحوظ و يأكل اى شئ جميل, بيروقراطية عالمية تريدك هكذا,و تحمّلى بأه,انتى و شطارتك)

-التكنلوجيا
التكنولوجيا جميييلة ومفيدة و مريحة,لكن فعلا ليس لها الطعم القوى الدسم بتاع الماضى قبلها

الأفراح و الزفاف:
لم يعد الهدف منه فعلا انسان و انسانة فرحانين بحبهم و ارتباطهم ببعض,بل الأمر صار روتين إجبارى لا اكثر(عافية كدة, و تشعرى ان الفرحة فيه مُفتعلة!)

الفتور صار_أحيانا_رفيق العمر الحقيقى

!!؟


2 - الزميلة أمال تحياتي
قاسم حسن محاجنة ( 2014 / 4 / 10 - 13:59 )
طولتي الغيبة
فكرة جيدة ومطبوخة أحسن
هذا ليس حيادية في المشاعر ، أنها ظاهرة تسمى
المشاعر المُسطحة .
لا شيء يثير المشاعر
ربما بفعل -الهموم- الجاثمة علينا
حتى المناظر الحزينة والمؤلمة لم تعد تثير مشاعرنا
في الأدب يسمونه تبلد شعوري. وكتبت قديما مقالا نشرته في صحيفة محلية بعنوان -السعادة المؤجلة - . هذا هو حالنا
لك امنياتي بالفرح الدائم


3 - الى حازم العاشق
امال طعمه ( 2014 / 4 / 14 - 08:32 )
صباح الخير يا حازم
معلش كنت مشغولة الايام الماضية
بالنسبة لفترة الثمانينات كانت فترة هادئة راكدة لكن رايقة وفي التسعينات كانت بداية الصخب اما الالفين فهي بدون نكهة
بالنسبة للتكنولوجيا فالكثير من المشاهد طغت على الصورة القديمة الان الاهتمام بما يجد من وسائل اتصال حديثة مثلا والمشكلة ان الاتصال الحقيقي بين البشر قل...
احتفالات الزواج ليست لتتويج الحب بل هي نوع من الروتين ..هذا ان وجد حب اصلا؟؟
لم تعد هنالك تلك النكهة الجميلة الخاصة ببعض الاشياء ..


4 - الاستاذ قاسم حسن محاجنة المحترم
امال طعمه ( 2014 / 4 / 14 - 08:45 )
اسفة لعدم الرد مبكرا بسبب انشغالي بأمور عائلية
من طول الغيبة الطبخة لم تستو مضبوط ! بالنسبة لما اشرت اليه عن المشاعر المسطحة والتبلد الشعوري انت ادرى طبعا،ما حاولت ايصاله هو عن الفتور ربما الذي اصاب حياتنا واختفاء البهجة التي كنا نحسها من قبل وتغيرات اصابت حياتنا فسهلت بعض الامور لكنها اثرت علينا من الداخل نحن نريد ان نفرح لكن لا نفرح حقا او نبتهج ! لذا لا اظن ان تلك الرغبات الكامنة تصب في خانة التبلد بشكل عام ربما بالنسبة لمشاهد الحزن والقتل المتكررة ،وحتى هذه اعتقد لها تأثير على احساس الملل والفتور وبعض من الحزن الذي اصابنا
بالنسبة للمقال الذي تحدثت عنه حبذا لو اعدت نشره حتى يتسنى لنا قراءته اذا كان بالامكان

تحياتي لك

وامنياتي للجميع بشعور... غير عادي


5 - المفروض ان يكون شعورنا غير عادي
فؤاده العراقيه ( 2014 / 4 / 22 - 11:18 )
فعلا انه زمن غير عادي عندما يكون فيه كل شيء عادي بعد ان تاهت مفاهيمنا وضاعت كلما مر بنا الزمن الذي فيه من المفروض ان يحدث التطور والجديد الذي يناسب تلك السنوات
الذي يحدث هو توغلنا وانغماسنا في الشكليات فقط متناسين الجوهر الأساس لكل منّا , وهذا اكيد بتأثير الحكومات التي هي بالأساس تكون مأجورة ,ولم يأتي من فراغ
فالمفروض والمطلوب ان نندهش لكل ما مظهر غير عادي ونفكر كما انتِ فاعلة بالسبب الذي جعلنا ننظر للشياء الغير عادية على انها عادية والتي جعلت من شعورنا وأحاسيسنا في ان تتبلد امام المظاهر الغير عادية
اجمل التحايا لفكركِ


6 - الاستاذة فؤادة العراقية المحترمة
امال طعمه ( 2014 / 4 / 23 - 06:44 )
نعم لقد تناسينا الجوهر وتمسكنا بالقشور وتبلدت مشاعرنا تجاه ما هو حقيقي فعلا
اشكرك على كلماتك واطيب التحايا لك

اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا