الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كنا فعلا شعبا واحدا قبيل التاسع من نيسان 2003 ؟؟

علي طالب جواد

2014 / 4 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


في اليوم التاسع من نيسان 2014ذكرى سقوط صدام، كالعادة ابواق الباطل كانت اعلى من العقلاء المنصفين الذين في الغالب يركنون إلى السكوت و سحب الحسرات و هز الرؤوس إستهجانا و ضرب الكفين أسفا، و الطرف الآخر راح يترحم و يخون و يصب سيل اللعنات و الإتهامات و الأخطر يبث السموم في عقول الأجيال الجديدة كعادتهم في تمجيد المجرمين تدريجيا حتى يصبحوا ايقونات للإحتذاء و الاسف عليها في ما يمكن ان يكون محاولة لتأسيس عودة محتملة كآيديولوجيا لا بديل عنها

إنتشرت امس التاسع من نيسان 2014 في مواقع التواصل الإجتماعي مقولة هي اقل ما يكن وصفها بالتحريف الصريح للتاريخ فهي إما متقصدة لتشويه التاريخ و مدح نظام الحكم الدكتاتوري و إما إن ناشرها ليس له بعد نظر و لا يرى ابعد من انفه و لم يطلع على التاريخ لا ولم يقرأ منه شيئا ....

" قبل 9 - 4 كنا شعبا واحدا " قالوا ....

و تلقفها الشباب من هنا و هناك و راحوا ينشروها في كل مكان دون وعي بل هي حركت في نوازعهم ذاك الحنين الزائف إلى ماض لم يكونوا جزءا منه إلا بأجسادهم الطرية و بالصور " الفيسبوكية " التي لا يعرف مصدرها تقول انعام كجه جي في رواية طشاري:


" يقرؤون البريد المحمل بالذخيرة العاطفية و يعيدون توجيه الشحنة إلى عناوين الأصدقاء و المعارف.. مئات العناوين في كل رسالة .... أصابع أخطبوطية لا تكل من النقر و الإرسال ...
(يلتحقون دون ان يدرون) ... بجوقة الباكين على وطن تشوه بماء النار و فقد ملامحه ... (انه) نهر الحنين الذي سيغرقنا و نحن أحياء "

على الرغم من الفائدة الكبيرة التي تحصلنا عليها من مواقع التواصل الإجتماعي و كمية المعلومات الهائلة التي تأتي إليك دون ان تطلبها راحت هذه المواقع و بالتوازي مع ما تعطي من معلومات راحت تنشر الجهل و الأكاذيب و التخاريف و الكراهية ... و المشكلة ليست بالمواقع نفسها إلا انها مشكلة مسؤولوا بعض الصفحات الغير مسؤولة حقيقة و مشكلة المستخدم الذي ارتاح لها لانها لا تكلفه عناء البحث و الإستقصاء ... يكسب المعلومة الناقصة فيتشدق بها دون حاجة إلى مطالعة بحث أو كتاب أو حتى إستخدام نفس هذا الصندوق السحري بنقرتين او ثلاثة ليكتشف زيف اكثر اخبار التواصل الإجتماعي ناهيك عما تحمله بعض هذه الاخبار من نواقض تكفي لتكذيبها.

و في عودة إلى " قبل 9 - 4 كنا شعبا واحدا "

لم نكن شعبا واحدا قط ... و إلا لما حدث ما حدث بعد هذا التأريخ .... عانى العراق من العقدة الطائفية على امتداد الزمن و لا مجال للخوض في سرد الامثلة و الاقاصيص، و بمطالعة بسيطة او مراجعة للتأريخ العراقي يتبين لهذا المطالع المنصف ان العقدة ليست جديدة و يمكن ان يستنبط ذلك من آراء افراد الشعب بالطوائف و الاديان الاخرى ... راجع كتاب الاديان و الطوائف في العراق تأليف رشيد الخيون ستجد كيف وصفت كل الديانات و المذاهب بعضها البعض و كيف تعامل ابناء الدين و المذهب المعين مع ابناء الدين و المذهب الاخر ... بكل الاشكال من النجاسة إلى حرمة إلقاء السلام إلى الكفر، الطائفية تظهر و تخبوا بنسب متفاوتة مع الزمن لانها متعمقة في الشخصية العراقية كما و لم تظهر بوادر للحل إلا لربما في فترة النهضة إذا صح لنا ان نطلق هذا المصطلح على فترة الخمسينات و الستينات و بداية السبعينات عندما ظهرت كوكبة من الآباء الموؤسسين الذين حاولوا ان يحملوا العراق إلى مصاف الدول المتطورة فراحوا يدرسون كل ابعاد المجتمع و في كل مجالات العلم و الادب و السياسة و نجحوا في التأسيس و في التشخيص للمشكلة العرافية كجزء من الحل و أوضح صورة لذلك هو ما نجده في مؤلقات الدكتور علي الوردي ...
المراجع لمؤلفات الدكتور علي الوردي و خاصة في كتابه دراسة في طبيعة المجتمع العراقي الذي حاول ان يلخص فيه مشكلة هذا المجتمع بصدد إيجاد الحل، يقول الدكتور علي الوردي في ذلك الكتاب الذي صدرت طبعته الاولى 1965 :

" إن الشعب العراقي منشق على نفسه و فيه من الصراع القبلي و الطائفي و القومي أكثر مما في أي شعب عربي آخر. بإستثناء لبنان، و ليس هناك من طريقة لعلاج هذا الإنشقاق أجدى من تطبيق النظام الديمقراطي فيه حيث يتاح لكل فئة منه أن تشارك في الحكم حسب نسبتها العددية
ينبغي لاهل العراق ان يعتبروا من تجاربهم الماضية و هذا هو اوان الإعتبار ... فهل من يسمع؟؟!! "

حارب الكثيرون افكار علي الوردي اما لكون البعض اعتبرها قاسية و اراد ان يتجاهل المشكلة و يغض النظر عنها و إما أنه فعلا لا يرى المشكلة و لا يعيها و هذه الكارثة إذ كيف سنتمكن من ان نحل مشكلة لا نراها؟

اما البعث فقد حارب هذه النهضة للآباء المؤسسون في المجتمع العراقي لانه يعلم ان بتطور المجتمع و حريته لن يتمكن من تثبيت عرشه، راح يقود حربا ضد الشعب و ضد تقدمه و تطوره و كان اخطر تلك الطرق هي انهاكه في الحروب و العقوبات و الحصار و جعل دخل الفرد العراقي لا يتجاوز الخمس دولارات في احسن احواله فأعاد المجتمع إلى المستوى الأول في هرم ماسلو

فأين الحل برأيكم ؟؟ و قبل ذلك من يضع الحل؟؟

لا يحق لاحد ان يضع الحل غير رجال العلم و عندما اقول رجال العلم اعني الأكاديميين و الباحثين حملة الرخص أولئك الذين يمتلكون ادوات البحث و الدراسة و وضع اسس الحل إذا نعود مرة أخرى للدكتور علي الوردي وهو الرائد في هذا المجال بل الوحيد الذي استطاع ان يقدم دراسة شاملة للمجتمع العراقي، يقول في نفس الكتاب المذكور اعلاه:

" لا أنكر أن تحقيق النظام الديمقراطي في الوقت الحاضر سوف لا يخلو من العنف و الصخب خلوا تاما، فالشعب العراقي ليس في مقدوره ان ينقلب بين عشية و ضحاها إلى شعب ديمقراطي رصين كالشعوب التي سبقته في مضمار الديمقراطية إنه يحتاج إلى زمن يمارس فيه النظام الديمقراطي مرة بعد مرة و هو في كل مرة سيكون اكثر كفاءة فيه و أعتياديا عليه مما في المرة السابقة "

و يتعلم ان هذا الكلام في العام 1965 و الذي شهد بوادر النهضة و كان المجتمع جاهز للتعلم و كان هناك رجال يحملون عبئ المسؤولية الملقاة على عاتقهم في الدولة و المجتمع و ليس عن مجتمعنا اليوم الذي انهكته و قهرته و كسرته الحروب و النوائب و الفقر و الجهل الذي دفع به حكم البعث و كل الحكومات العربية الاخرى لتسهيل حكم الشعب.... بالتالي خذ عواقب علي الوردي في التحول الديموقراطي و ضاعفها لتحص على ما يجري اليوم في الساحة العراقي ....

مرة أخرى عد إلى الحل الذي يطرحه الدكتور علي الوردي هل ترى فيه تطابقا على الواقع العراقي اليوم؟؟

هل يرى القارئ العزيز ان الشعب العراقي سيتوجه إلى صناديق الاقتراع في انتخابات 2014 حاملا نفس الرؤيا التي حملها في إنتخابات الدورة الأولى ؟؟

شخصيا انا لا ارى ذلك ... بل على العكس ارى ان الشعب يزداد ويا مع مرور الوقت ... نعم ليس هناك ماهو اعب ما مر و يمر على العراق ... و لكن ألا تشعروا بالتغير في الوعي الجماهيري ولو بصورة طفيفة؟؟

شخصيا ارى ذلك بوضوح، هناك الكثير من العراقيين يحملون مسؤلية بلدهم و مجتمعهم دون ان ينتظروا شيئا سوى رؤيته يسير على جادة الطريق يعملون من اجل هذا التغير و عملهم خطير و صعب و شائك و تكال عليهم الإتهامات من كل جانب و صوب و لكن حلاوة التغير البسيطة التي يروها حتى ولو كانت في الشخص الواحد كافية لتدفعهم إلى الإستمرار دون كلل أو تعب، عملهم يثمر كل يوم و بلا شك سنصل في آخر المطاف إلى الجادة.


رحمك الله علي الوردي ...... جعلوك تتقلب في قبرك عندما زعموا انا كنا شعبا واحدا قبل 2003، راحت جهودك و اساساتك التي بنيتها في دراسة المشكلة هباءا حين هجرها ابنائك و قرروا ان يطلقوا تحليلاتهم الشخصية بمقارنة صورة من عقلهم الطفولي قبل 2003 بصورة ما وعوا عليه بعد 2003
و رحمك الله برنارد شو عندما قلت ان نصف المعرفة اخطر من الجهل ....

لما كان بعض الشباب فعلا لا يرون مشكلة في المجتمع قبل 2003 فهم و بعد عشر سنوات من الدمار ابعد ما يكونوا عن الحل

توفي علي الوردي عام 1995 اي قبل سبع سنوات من الحرب ... دون ان يلقى من يحمل عنه شعلته في مشروعه العراقي دون من يكمل الرؤيا التي وضعها و الأساسات التي بناها.

في الختام رجاء من اجل العراق و شعبه و تاريخه من لم يطلع على التاريخ و من لم يرَ الصورة الكاملة و من لا يستطع ان يناقش عما ينشر و من يعتقد انه مدفوع بعاطفة او دين او مذهب او قومية لنشر فكرة ما....
ليصمت


علي طالب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو