الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قتلة تروتسكي في صفوف الثورة السورية

خالد قنوت

2014 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الحادثة المعروفة لمقتل أحد أهم مفكري و استراتيجيي الثورة الروسية البلشفية تروتسكي تثير حتى اليوم الكثير من التساؤلات و التحليلات فإذا كان لينين هو الروح الدافعة لأكبر ثورة بشرية في التاريخ المعاصر فإن تروتسكي كان عقلها المدبر و مخططها الاستراتيجي و خصم ستالين و الستالينية, اللدود.
في سرد سريع للحادثة, فقد أعتبر ستالين الزعيم الجديد للاتحاد السوفيتي بعد وفاة لينين, تروتسكي أحد ألد أعداء الثورة البلشفية بعد أن كان تروتسكي أحد أهم قادتها و وزير خارجية الاتحاد السوفيتي ثم قائد الجيش الأحمر الذي قضى على المناشفة و جيشه الأبيض المدعوم من بريطانيا و الذي ظل يطوف بالقطار على جبهات القتال لمدة ثلاث سنوات داعماً جنوده و محرضاً لهم للقتال و الصمود.
بعد رحلة النفي و الملاحقات و محاولات الاغتيال, حل به المقام في بيت محصن في المكسيك بعد أن شكل ستالين محاكم التطهير و حكم على تروتسكي بالاعدام لاتهامه ستالين بدس السم للينين و نقد استبداده و تسلطه و انحرافاته.
اغتيل تروتسكي على يد صديقه الاسباني رامون مركاندر سنة 1940 , الذي انتقل إلى نيويورك سنة 1939 و كان يحمل جواز سفر كندي, تعرف على إحدى الناشطات القريبات من تروتسكي و استطاع أن يكسب ثقة و استحسان تروتسكي له لكونه مخلصاً لعقيدته و أفكاره. في 20 آب 1940 وصل رامون إلى بيت تروتسكي لمناقشة مقالة له و لكن و بغفلة من تروتسكي أخرج بلطة و ضربه على رأسه اخترقت جمجمته بسبع سنتيمترات, أمسك به تروتسكي و صرخ مما أدى لاعتقال راموند و وفاة تروتسكي لاحقاً. برر مركاندر جريمته بأنها أرتكبت بمثابة انتقام من تروتسكي لانحرافه عن عقيدته الأولية المتمثلة بستالين.
اعتبر الشيوعي الاسباني رامون مركاندر بطل الاتحاد السوفيتي و قلده ستالين وسام لينين و ميدالية النجمة الحمراء.
هذه الحادثة لم تتوقف عند الاغتيال السياسي الذي يعتبر بكل المقاييس الانسانية جريمة نكراء, بل كان محور نقاشها هو شخصية رامون مركاندر و تحليل هذه العقلية الاقصائية التصفوية لكل من يختلف فكرياً حتى و إن كانا بنفس الحزب أو التنظيم السياسي.
في إسقاط على واقعنا الحالي في سورية و بعد ثلاثة سنوات تمر بها سورية نتيجة قيام أعظم فعل ثوري قام به السوريين بتاريخهم, عام 2011 في طلب الحرية و الكرامة و إسقاط نظام الاستبداد الأسدي و اجهزته الأمنية, لا يمكن لأي متابع سياسي لما وصلنا إليه بين صفوف الثوار و من يدعمون الثورة إلا و يتأسف على مآلات وصلنا إليها من تشرزم و تباينات و اختلافات فكرية و عقائدية و منهجية, حتى صار خطاب التخوين و التشكيك سلاح الجميع و بأضعف الايمان لغة التسخيف و التحقير.
عند كل زاوية يمكن أن نرى رامون السوري على استعداد دائم و تأهب ليس لاقصاء الآخر المختلف و إنما تصفيته لو استطاع سياسياً و قد يصل بالبعض جسدياً كما يحدث على أرض الواقع بين من يفترض أنهم في خندق واحد في معركة اسقاط النظام, مقدمين خدماتهم المجانية للنظام في حربه على الشعب السوري و ملاقين له في منتصف الطريق في تقصد القضاء على الثوار و الناشطين.
رامون السوري قد يكون اسلامياً يكفر كل من لا يطالب بدولة اسلامية و عليه يقام الحد و من كان قد حمل السلاح و من دخل سورية بحجة حمايته للشعب أعتبر بعد أن تمكن من الأرض, أن كلمة شعب مخالفة لشريعته و كفراً موصوفاً, فكيف بمن يتحدث بالديمقراطية و الحرية و العلمانية و غيرها.
رامون السوري قد يكون يسارياً يدعي حرية التفكير و الديمقراطية و لكنه لن يتوانى عن اخراج بلطته و ضرب أي فكر لا يوافق عقيدته رافضاً أي تعاون أو تنسيق مع الآخرين في معركة مصيرية مازال سيد القتل و الموت يتربع على عرشه.
رامون سورياً كان مسلماً, سنياً, شيعياً, علوياً, درزياً أم مسيحياً أم كردياً أم ارمنياً, يحمل سلاحه الأكثر حدة و دمويةً على الآخر السوري أكثر مما لأعدائه الحقيقيين.
رامون السوري قد يكون في نفس التكوين السياسي و لكنه لا يتقبل حراً ينتقد من أجل الأفضل منعاً لقيام مشاريع الستالينية المتأصلة في ضمير اليساريين السوريين, فعبادة الفرد لم تستأصلها منه ثورة عظيمة قامت على إسقاط أي استبداد.
السؤال المطروح الآن, هل وصل السوريين في هذه اللحظة لحالة من النضوج تهيؤهم للانخراط بتجارب قيام احزاب سياسية, بعد عقود المصادرة السياسية و بعد ثلاث سنوات ثورة لم تتبلور وطنياً بشكل بشكل استمراراً لأهدافها الأولى؟.
هل من أولى مهام أي تجارب حزبية على اختلاف فكرها و عقيدتها أن تبني هياكلها التنظيمية بشكل يمنع ظهور الستالينية أو الحجاجية من جديد؟ أم عليها التركيز على بناء شباب سوري غير متعصب لفكر أو عقيدة و أنما للوطن و لحرية الانسان الفرد و حق الاختلاف؟ أم على أي حزب أن يمنع أصحاب نطريات التصفية و محاكم التطهير من التغلغل و الانتشار بين صفوفها؟
أسئلة اساسية لكل السوريين الذين يحلمون و يطمحون لقيام أحزاب سياسية و عليهم توجيهها لأنفسهم و الاجابة عليها قبل البدء بمشوار المليون ميل مع حقهم الكامل بالمحاولة و لكن شرط أن لا يعيدوا تجريب المجرب أم أن السياسة كالحب لا يقتنع أصحابها إلا بتجاربهم الشخصية؟
أعتقد, أن سورية و السوريين في اشد الحاجة لقيام تجارب تعيدها لممارسة السياسة استكمالاً لمسيرة خمسينات القرن الماضي التي اغتصبها حزب البعث و لكني أشدد على أن لا تقوم هذه التجارب على اساس قيام الأسد أو ستالين من جديد و أن تسقط من صفوفها أي رامون آخر يبرر استعمال البلطات على الرؤوس بدل حوار العقول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب أوكرانيا.. معركة خاركيف وتقهقر الجيش الأوكراني |#غرفة_ال


.. حماس تفتح جبهة جباليا مع توسيع الجيش الإسرائيلي لعمليته في ر




.. قوات فاغنر على الحدود المالية الموريتانية . |#غرفة_الأخبار


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - القسام: قصفنا 8 دبابات ميركافا في




.. غزة.. ماذا بعد؟| خلافات بين المستويين العسكري والسياسي واتها