الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بؤس الاخوان, بؤس مصر, بؤسنا

حازم صاغيّة

2002 / 11 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

الأربعاء 27 نوفمبر 2002 06:59

 

مأمون الهضيبي يصعب أن يعد (الاخوان المسلمين) المصريين بالمستقبل. أن يحملهم اليه. أن يضعهم فيه. جماعات العنف وصولاً الى بن لادن هي التي أنعشت الإخوان: أنعشتهم بمعنى متواضع إذ جعلتهم يعرّفون أنفسهم بالقياس الى شيء معاصر. جعلتهم يقولون: نحن لسنا جماعات عنف. لولا الأخيرة لبقوا يخوضون حربهم ضد عبدالناصر. ضد النقراشي. وربما ضد الوجود البريطاني, العسكري والتبشيري, في الاسماعيلية.

فالإخوان, على عكس الجماعات, لا يطعنون في الأجساد. يطعنون في الجثث. إنهم أوفياء للماضي. أعناقهم ملويّة الى الوراء. يكررون كلامه. يخوضون معاركه. قياداتهم المسنّة رموز حية على أن حربهم مع الجاهلية على قدم وساق. كوكاكولا, في نظرهم, وكيلها أبو لهب.

الحاضر, ناهيك عن المستقبل, عدو للاخوان ممن لم يحدّثوا أنفسهم لأنهم, أولاً, لا يملكون الأداة التي يفهمون بها الحداثة. ولأنهم, ثانياً, لم يتجرأوا على موروثاتهم العتيقة التي انحازوا اليها دائماً على حساب الواقع. تقول ذلك نظرياتهم الجامدة في الشريعة والمرأة وحرية التعبير وشراكة الأقباط في المواطنية على قدم المساواة. تقول ان اجتهادهم صفر. ان أفكارهم فقيرة والعالم غني. بسيطة وهو معقّد. عجزهم النظري عن تجاوز حسن البنا, وكان هو نفسه ارتداداً الى ما قبل محمد عبده, يقول ذلك.

لكن قصة الاخوان المحزنة تتالت فصولها في نطاق أعرض. وهذا ما يجعلها مأسوية تشبه قصة منطقة بكاملها. وها هم يبدون كلهم مشبوهين وتبدو المنطقة كلها مشبوهة!

فأول وأعرق حزب اسلامي في العالم الاسلامي لا يزال, منذ 1928, يجرجر جسمه الثقيل وعقله المعطوب. ومنذ 1928 هو مرةً ضحية ومرةً جلاد, إلا انه دائماً ينفي بعضه الآخر: بين تبشيرية حسن البنا وارهابية (الجهاز الخاص) الذي انشأه وفقد السيطرة عليه. بين توزير حسن الباقوري وإعدام عبدالقادر عودة. بين تكفير سيد قطب لمن لا يقولون قوله واعلان حسن الهضيبي ورفاق سجنه ان الاخوان (دعاة لا قضاة). بين عبدالسلام فرج والخروج على الشرعية في جانب وخوض الانتخابات على لوائح (الوفد) و(العمل) واستجداء الشرعية في جانب آخر.

هذا المسار كان يشي بأن الاخوان حاولوا دوماً توحيد ما لا يتحد. حاولوا دمج مصالح وأفكار وأجيال متعارضة, متوهّمين ان الولاء للسلف الصالح كافٍ لتبديد تعارضها. والبائس أنهم توهّموا دوماً أنهم واحد, والسلطة عاملتهم على أن جميع الاسلاميين واحد: فلولا الطعن في الجثث ما كان للطعن في الأجساد أن ينشأ.

لكن المسار إياه نمّ ايضاً عن اغلاق بوابة السياسة في وجه الاخوان, كما في وجه غيرهم. عن أن تمزقاتهم مفتوحة على العنف وحده وممنوع عليها الإفضاء الى سياسة تُمسك بها دولة هي الأخرى واحدة جداً.

فالثابت ان الذي كان يخرج خروجاً جذرياً من عباءة الاخوان كان يجد (البطولة) في انتظاره ولو اصطبغت غالباً بـ(الشهادة). يصح هذا في (الجهاز) وفي قطب وفي فرج. اما الذي كان يخرج خروجاً تجديدياً, على نسبية التجديد, فكانت السلطة تسد طريقه وتتركه يموت بلا أية درامية في وحشة الصحراء. وحزب الوسط الذي لم يصر حزباً نموذج بليغ. أما رموز الأجيال الثاني والثالث والرابع ممن صدمتهم تولية الهضيبي, ولم يهضموا بعد تولية مشهور, فتتآكلهم الحيرة: هل يبقون داخل العباءة وهم يشاهدون رجب طيب أردوغان في تركيا, أم يخرجون الى الوحشة ويموتون؟

فحين تكون الحياة السياسية نصف مؤممة, على ما هي الحال, تتسع الساحة للأحزاب الكهلة وحدها ولكهول الأحزاب خصوصاً. وهذا يصح في التنظيمات المصرية كلها. وإذ تكون السياسة هكذا يزدهر الذين يزدهرون على التطرف, فيما يمضي مأمون الهضيبي حارساً لمعبد يتداعى حجراً حجراً. يردد ما كان والده يقوله في الأربعينات والخسمينات, ويجد في العالم العربي المتألق فكرياً(!) أبناء كثيرين يحجّون الى معبده مرددين كلامه وكلام أبيه, وكلام جدّه كذلك.

الحياة اللندنية

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضباط إسرائيليون لا يريدون مواصلة الخدمة العسكرية


.. سقوط صاروخ على قاعدة في كريات شمونة




.. مشاهد لغارة إسرائيلية على بعلبك في البقاع شرقي لبنان‌


.. صحيفة إيرانية : التيار المتطرف في إيران يخشى وجود لاريجاني




.. بعد صدور الحكم النهائي .. 30 يوما أمام الرئيس الأميركي الساب