الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجماهير أحتضنت ثورة 14 تموز

عصمت موجد الشعلان
(Asmat Shalan)

2005 / 7 / 14
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في ساعات الصباح الأولى، وبعد إعلان البيان الأول لثورة 14 تموز من الإذاعة، أنطلقت جماهير بغداد بإتجاه قصر الرحاب، هاتفة بحياة قادة الثورة وسقوط الملكية، كما أنطلقت مظاهرات مماثلة في مراكز الألوية وبعض الأقضية والنواحي معربة عن فرحتها وتأييدها للثوار، أصابت المظاهرات العارمة مسؤولي النظام الملكي وحماته بالذهول والدوار مما أحبط خططهم وخطط أسيادهم الأنجليز والأمريكان والأردن من التصدي للثورة.
ساد الإرتياح في أوساط الجماهير بعد التخلص من كابوس النظام الملكي العميل، حتى المجرمون توقفوا عن أجرامهم أكباراً وتلاحماً مع الثورة، فلم تسجل حوادث سطو أو قتل خلال الأشهر الأولى من قيامها، وسمح للسجناء العاديين زيارة عوائلهم لمدة يوم أو يومين بالشهر ومن ثم يعودون للسجن طواعية.
للدلالة على زخم التأييد الشعبي لثورة 14 تموز، نروى للقارئ الكريم رواية حقيقية، كنت مستمعاً لبطلها وشاهداً على بعض مجرياتها:
في عصر 13 تموز 1958، حزم نائب التزكبه حقائبه، وضعها الخدم في سيارته الأمريكية الصنع، ودع أفراد العائلة والقبيلة رب الأسرة وشيخ القبيلة، أنطلقت السيارة باتجاه بغداد ليقوم النائب بتوديع سيده الملك كما يقول، حط رحاله في فندق يطل على شارع أبي نؤاس، نهض النائب فجر 14 تموز لأداء صلاة الفجر، أتصل هاتفياً بنائبين آخرين لإيقاضهما والأتفاق على ساعة الإنطلاق إلى مطار بغداد الدولي (مطار المثنى حالياً) كان ذلك حوالي الساعة الخامسة صباحاً، أتصل هاتفياً مرة ثانية بصديقيه في حدود الساعة السادسة فوجد الهاتف معطلاً (أختفاء الحرارة)، عزى عطل الهاتف إلى خلل تقنى، أنطلقت سيارته بأتجاه المطار مع حارسيه المسلحين بالرشاشات وسائقه، لاحظوا وجود جنود في ساحة حافظ القاضي وعلى مدخل جسر الملك فيصل (جسر الأحرار حالياً)، أجتازوا الجسر فوجدوا جنوداً وضباطاً يحرسون الإذاعة المطلة على ساحة الصالحية، أعتقد النائب بأن تواجد الجنود والضباط في الساحات ومداخل الجسور هو لحماية موكب صاحب الجلالة الملك فيصل الثاني المغادر لتركيا، واصلت السيارة مسيرها بأتجاه المطار، وفي مدخل ساحة المطار شاهدوا شرطي يلوح للنائب محذراً أياه من الدخول إلى المطار طالباً منه مواصلة السير للأمام ( كل من دخل المطار من المودعين سواء كانوا نوابا أو وزراءً أعتقلوا)، الشرطي من قبيلة النائب، فتح سائق السيارة المذياع فأستمع النائب ومرافقيه إلى البيانات والمارشات العسكرية التي تعلن عن قيام الثورة، عادت السيارة إلى الرصافة عن طرق جسر الصرافية، أمر النائب سائقه بالتوجه إلى الفرات الأوسط حيث يسكن ويقيم، عبرت السيارة مرة ثانية جسر الملك فيصل بأتجاه جسر الخر، أجتازوا محطة السكه الحديدية، شاهدوا مظاهرة ضخمة متجهة نحو قصر الرحاب، أمر النائب مرافقيه وسائقه بنزع العقال واليشماغ والهتاف مع الجماهير بسقوط النظام الملكي والهتاف بحياة قادة الثورة بعد أن حوصروا بمظاهرة أخرى من الخلف، سبحان الله!! النائب الفائز بالتزكية والمحسوب على حزب نوري السعيد (حزب الإتحاد الدستوري) يهتف بسقوط الملك خوفاً من غضب الجماهير، اجتازوا جسر الخر فوصلوا مركز لواء الحله، شاهدوا تجمع الناس إستعداداً للتظاهر، سلكوا شوارع جانبيه ترابيه، وأخيراعاد النائب ومرافقيه إلى مقر سكناهم حوالي الساعدة الحادية عشر والنصف صباحاً تاركا حقائبه في الفندق، مرت عليه أيام عصيبة حيث أنتابه القلق والمرض، ولكنه أستعاد قواه ونشاطه وذاكرته بعد مرور شهر من قيام الثورة.
هذه هي ثورة تموز، هذه هي ثورة الجماهير فلولاها لما أنتصرت ولما أتخذت قرارات جريئة كالخروج من حلف بغداد والإتحاد العربي الهاشمي ومنطقة الأسترليني وأطلاق سراح السجناء والموقوفين السياسيين وإجازة الصحف والمنظمات والجمعيات وإصدار قانون الإصلاح الزراعي وقانون رقم 80 الذي يجرد الشركات النفطية من مناطق الأمتياز، لا نريد أن نكرر منجزات الثورة، لقد كتب عنها الكثير.
أتسع تأييد الحزب الشيوعي العراقي بين أفراد القوات المسلحة والعمال والفلاحين والشباب والطلبة والنساء، سير الحزب المظاهرة المليونية في واحد أيار عيد العمال العالمي عام 1959 التي طالبت الزعيم بإشراك الحزب الشيوعي في الحكم، أثار كل ذلك خوف الزعيم على سلطته، عزز هذا الخوف كذب ونفاق البرجوازية وأحزابها كالحزب الوطني التقدمي والأحزاب القومية والأقطاع وأبواق الدعاية المضادة للثورة و المنطلقة من إذاعات الجهورية العربية المتحدة.
بدأ هجوم أجهزة السلطة (الشرطة والأمن) وبمساعدة أعضاء الأحزاب البرجوازية والسراكيل والأقطاع وأعضاء الأحزاب القومية لتصفية الحساب مع الحزب الشيوعي العراقي ومع نفس الجماهير التي احتضنت الثورة وباركتها، تعرض نشطاء المنظمات والجمعيات والحزب الشيوعي للإعتقال والضرب والتعذيب والسحل وفق خطة مرسومة وهي تقليم جماهير الحزب الشيوعي و سحب المنظمات من يديه، يتبع ذلك ملاحقة قيادته، حقق أعداء ثورة تموز وقيادتها هدفهم مما سهل إنقلاب 8 شباط عام 1963 الفاشي، فمع كل مساوئ نظام عبد الكريم قاسم الدكتاتوري خرجت نفس الجماهير تذود عن الثورة وقادتها بالعصي والحجارة مقابل دبابات الإنقلابيين، زج الفاشست آلاف العمال والفلاحين والشباب والطلبة والنساء في المعتقلات والسجون، أرتكب الإنقلابيون مجزرة رهيبة بحق خيرة المناضلين من الشعب العراقي.
تكلم هي الجماهير، جماهير الشعب العراقي التي سميت بأسم الرعاع والغوغاء والدهماء وأسماء أخرى بسبب تجاوزات أرتكبتها لا يمكن أنكارها كضرب وقتل وسحل عدد من رموز النظام الملكي، لقد كانت المظاهرات عفوية تلقائية فمن الصعب السيطرة عليها وتوجيهها الوجهة الصحيحة.
متى تنهض جماهير مؤسسات المجتمع وتأخذ زمام أمنها بيدها ومحاسبة المفسدين وأعداء الديمقراطية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس: تلقينا رد إسرائيل على موقفنا حول وقف إطلاق النار وسندر


.. كارثة غزة بالأرقام.. ورفع الأنقاض سيستغرق 14 عاما | #سوشال_س




.. قوات النيتو تنفذ مناورات عسكرية متعددة الجنسيات في سلوفاكيا


.. طلاب جامعة كاليفورنيا الأمريكية يقيمون مخيم اعتصام داخل حرم




.. رئيس سابق للموساد: حماس متمسكة بمطالبها ومواقفها ?نها تحررت