الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب والديمقراطية, وديمقراطية الارهاب

سامان كريم

2014 / 4 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



الديمقراطية عبر تطورها التاريخي وفي سياق التاريخ, تغيرت احوالها من ناحية الشكل والمحتوى. الضربة الاولى التي وقعت عليها وقعت على الديمقراطية الليبرالية نتيجة التطورات الحاصلة في توازن القوى بين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية. والنتيجة الثانية كانت في الحقبة التاريخية التي تلت المرحلة الاولى حيث تطورت النضالات العمالية والجماهيرية حول "حق التصويت للجميع"، وكان في البداية حول حق التصويت للرجال. حيث كان "حق الاقتراع" حقا حصريا لللوردات وذوي المراتب الاجتماعية وذوي الدخل المرتفع واصحاب المهارات العلمية او الفنية البارزة, وبعد نضال طويل ومرير من جانب والتطورات اللاحقة على الراسمالية كنظام اجتماعي عالمي يتعدى حدود "الوطني" اصبح "حق التصويت لجميع الرجال"، حقا قانوني في كل البلدان الديمقراطية الصاعدة وبعد ذلك بزمن طويل دخل حق التصويت للمراة حيز التنفيذ، نتيجة للثورة الاشتراكية في روسيا والنضالات العمالية والجماهيرية والحركة المساواتية للمراة... هذه الحقائق كلها مثبتة تاريخيا.

في خضم هذه التحولات الاجتماعية الكبيرة على البنية الاجتماعية والسياسية, تمكن البرجوازية من هضم هذه التحولات وهضمها بمناخ يتوافق مع ضمان بقاء الطبقة البرجوازية في السلطة السياسية ودمجها لصالح نمو الرأسمال. الديمقراطية كانت منذ البداية هي منظمومة فكرية وسياسية واجتماعية وادارية للطبقة الحاكمة لادارة سيادة طبقتها على العمال, كما هو حالها في المرحلة الراهنة ايضا. لكن خلال التاريخ اي خلال الصراع الطبقي الضاري بين الطبقة العاملة والقوى البرجوازية وتاثيرات الثورة العمالية في روسيا... تمكنت البرجوازية من إفراغ محتوى المساواة والحرية التي ناضلت ولا تزال الطبقة العاملة والحركات الراديكالية الاخرى تناضل لأقرارها, وذلك بقنونة تلك المطالب وشرعنتها في دساتيرها وقوانينها المختلفة, لإبعادها عن محتواها الطبقي والمضاد للراسمال وسلطته. بمعنى اخر ان البرجوازية انتهك عرضها وشرفها وسلطتها ومقدساتها كعادتها دائما من اجل بقائها وضمان ملكيتها الخاصة. من ناحية الموضوعية ان الحريات السياسية كافة وحتى حق "الاقتراع العام" من الناحية التاريخية ليس من مزايا الديمقراطية, بمعنى اخر ان الديمقراطية في مهدها وفي فترة ولادتها لا تشمل هذه الحريات اطلاقا. انها حركات مختلفة عن الديمقراطية, ومتناقضة معها من حيث المحتوى, وكما ذكرت اعلاه, تمكنت الديمقراطية من افراغ محتواها وخلطها بالديمقراطية كانها من فلذات اكبادها وتدافع عنها اليوم تحت ما يسمى "بالحقوق الانسان" الخالية من المحتوى.

في المرحلة الراهنة التي وصلت فيها الراسمالية الى نفاذ كافة طاقاتها الفكرية والروحية ولم يبقى في جعبتها غير الكذب والنفاق من الناحية الفكرية والسياسية, لم يبقى امامها سوى تمسكها اي الطبقة البرجوازية الحاكمة والمعارضة بالارهاب والقتل والدمار والحروب... ان برنامجها السياسي لادارة المجتمع احتضر بالكامل. في العراق اليوم تفشى الارهاب في كل حد وصوب, ايام العراق كلها دامية, كلها نزيف من الدم, وانتاج للأيتام واعادة انتاج الويلات والماساة والخوف. في هذه الايام تجري الدعاية الانتخابية, بين قوائم وكتل وتيارات واحزاب ووجوه مختلفة. ليس بامكان الانسان اي ينزف دما ويذهب الى مراكز الاقتراع للتصويت، الانسان الجريح ليس بامكانه ان يصوت, وهكذا الحال في ليبيا او البحرين او اليمن, او ربما في سوريا بعد أشهر. ليس مهما من هو الارهابي او الحركة القائدة لتيار وحركة ارهابية او منظمة ارهابية على غرار القاعدة والجبهة الاسلامية واحرار الشام والعزام والقدس والنصرة وداعش والاخوان... التسميات ليس مهمة يضاف الى ذلك تشابك الارهاب مع غير الارهاب. ان من يدير الحروب الارهابية هو ارهابي حتى اذا كان ايديولوجيته وفكره ديمقراطي او حزبه ديمقراطي على غرار حزب اوباما او على غرار توني بلير الكلب النابح للراسمال العالمي وبالتحديد الامريكي. ان امريكا بصفتها قائد او رائد للديمقراطية في العالم, ارهابيا حتى نخاعها, لانها تدير الارهاب او تدير اللعبة السياسة الارهابية, في سوريا بشكل مباشر وفي العراق بصورة غير مباشرة وفي ليبيا بصورة مباشرة وهكذا.

ان امريكا والغرب سواء كحكومات أو كاحزاب حاكمة او كمفكري المعاهد الاستراتيجية القريبة من مؤسسات القرار ارهابيين بمعنى الكلمة. يبنون ويشكلون الحركات والمنظمات الارهابية وفق اعترافاتهم وليس وفق اي حقيقة اخرى, وبعد ذلك وحين تتناقض او تتقاطع مصالحهم مع تلك الجماعات يحوكون الحجة لضربهم او لضرب البلد المعني, وكانت الحرب على افغانستان نموذجا فقط. في مرحلتنا المعاصرة ليس بالامكان قطع دابر الارهاب واجتثاثه دون قطع دابر البرجوازية واسقاطها. ليس بامكان البرجوازية ان تعيش بدون الحروب, اما الحروب بالوكالة هي التي سادت واصبحت موديل العصر. والوكالة هي من نصيب الارهابين, ليس هناك فرق بين الارهابي كمنظمة اوجماعة او دولة بعينها الامر سيان. ان من يقول ان البرجوازية تهدف الى الاستقرار والسلم، او من يقول ان البرجوازية واستثمار البرجوازي يتطلب الامن هو واهم, او من يقول ان الغرب وبالتحديد الحكومة الامريكية ضد الارهاب فهو أما مخادع او مأجور بقلمه او لديه مصلحة ما سواء كان قنوات اخبارية او صحف او كاتب فهو ارهابي وشريك في الارهاب. ارهاب اليوم او الارهاب في المرحلة الراهنة تطور وتموضع في سياق او اطار الاستثمار الراسمالي المربح للغاية خصوصا في ظل التطور التنكنولوجي الهائل في ميادين الفضاء والاتصالات والمعلومات او تبادل المعلومات. الارهاب بحد ذاته يشكل بعداً اضافيا للاستثمار, من ورائه تجني الارباح بمئات المليارات, خصوصا ان التكنولوجيا الامنية او "صناعة الامن" المحصورة بين دول قليلة: أسرائيل وامريكا وعدد من البلدان الاوروبية.

علاوة عى ذلك في خضم الصراع الضاري بين القوى العالمية الكبرى وخصوصا امريكا وحلفائها من اوروبا في جانب ووروسيا والصين وحلفائهما في جانب اخر.... لتقسيم العالم مجددا, على حساب الامبراطورية الامريكية... اصبح الارهاب وسيلة فعالة في هذه المعركة لتركيع الخصم وفي سياق استراتيجية الحرب بالوكالة. يضاف الى كل ذلك ان الاتجاه العام لنمو الراسمال في هذه المرحلة لا يمر عبر التشغيل اي عبر توظيف العمال, بل بالعكس يمر عبر طرد العمال والتقشف, لتخفيف الازمة العالمية للراسمال من جانب والتطورات الكبيرة في ميدان تصنيع وسائل الانتاج واستخراج الطاقة من بطون الارض والطاقة المتجددة, والاستقادة القصوى من الطاقة الشمسية... ناهيك عن اتجاه اخر للراسمال حيث يتجه بخطوات متسارعة نحو الميدان المالي وبورصات المال والمضاربات المالية على رغم الازمة الخانقة... هذه الاتجاهات كلها تفرض بالضرورة على الراسمال العالمي وهيئاتها العالمية (البنك وصندوق النقد الدوليين, الغات, نادي باريس....) ان تغسل يدها من حل مشاكل التلوث مثلا او الحد من الفقر او على الاقل حل مشاكل الذين يقعون تحت خط الفقر اي ليس لديهم "دولارا واحدا في اليوم".

والفقر هو ام الارهاب وليس الفقر وحده طبعا بل خصخصة قطاعات التعليم والصحة والخدمات وخصوصا انعدام ضمان البطالة في اكثرية البلدان في العالم التي ادت وستؤدي الى افقار وجبات كبيرة اخرى... يتطلب تسلية من نوع اخر تسلية بمصير المجتمع البشري برمته تسلية بالارهاب... لابعاد الجماهير وخصوصا الطبقة العاملة من نضالاتها وامالها وتطلعاتها وافكارها التي ستزيح البرجوازية. اي بناء عدو وهمي لذاتها وهو صديقها ومنتجها على غرار"اصدقاء سورية" وهي اصدقاء متكونة من امريكا وبريطانيا والسعودية وفرنسا وقطر وتركيا.... هذا ناهيك عن ان كافة الحركات الارهابية هي اسلامية وذو ذهنية وعقلية مذهبية وطائفية وهي تفكيكية، اي تفكيك المجتمع وتكفيك المواطنة ان توجد, ومن ثم اعادة صياغتها وفق مقتضيات الراسمال العالمي... بهذا المعنى حركة لضرب "امة-الدولة" او "الدولة القومية" ايضا من منظور محتواها وليس شكلها اي تبقى الدولة ولكن بدون مقومات موضوعية, افراغ محتواها وتحويلها الى جباية الضرائب وحرس للراسمال كما في امريكا. من هذه الزاوية ان الارهاب هو سلاح قوي ومؤثر لاستراتيجية الراسمال في العالم بقيادة امريكا. قطع دابر الارهاب وتحرير المجتمع البشري بكامله مرهون باقتدار الطبقة العاملة وثورتها وانتصارها على البرجوازية كطبقة على سيادتها. سلب السيادة من البرجوازية هو أنجع طريق لدفن الارهاب. ١-;-٢-;-.٤-;-.٢-;-٠-;-١-;-٤-;-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية #سوشال_سكاي


.. بايدن: إسرائيل قدمت مقترحا من 3 مراحل للتوصل لوقف إطلاق النا




.. سعيد زياد: لولا صمود المقاومة لما خرج بايدن ليعلن المقترح ال


.. آثار دمار وحرق الجيش الإسرائيلي مسجد الصحابة في رفح




.. استطلاع داخلي في الجيش الإسرائيلي يظهر رفض نصف ضباطه العودة