الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجنسية: أسود!!

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 4 / 14
حقوق الانسان


في اليمن من السهل أن تجد التقبل المُقنع لأصحاب البشرة السوداء.."المُقنع" لأنه يخفي تحته الكثير من المقت الاحتقار بل و حتى الشعور بقذارة الآخر..أنه ذلك التقبل الظاهري الذي يحمل في طياته الكثير و الكثير من العنصرية الغير معترفٍ بها..إما خجلاً منها أو رغبةً في ارتداء قناع أبيض اللون كما الخُلق لا يليق بنا..فما يليق بنا هو الأسود و لا شيء سواه.

الجنسية في اليمن أمرٌ عبثي..فلن تشعر بقيمتها لو كنت مواطناً بلا منصبٍ سياسي أو حكومي أو قبليٍ ما..و تنخفض تلك القيمة أيضاً بناءاً على لون بشرتك..فإن كنت أسود البشرة و تنتمي لفئة المهمشين فأنت لا يمكن أبداً وصفك باليمني..فصفات تلك الجنسية أو لنقل الحد الأدنى من شروطها لا تنطبق عليك..و بالرغم من أن أغلب المواطنين اليمنيين هم سُمر البشرة إلا أن أسودها تُسقط عنه الجنسية معنوياً و أدبياً و لكنه يحملها في جيبه اعتباطاً كنوعٍ من أنواع أوراق العبور في هذا الزقاق الحكومي أو ذك.

و لو تحدثنا عن الوطنية فلا أعتقد أنهم يملكونها أيضاً..فإن كنا نحن لا نملكها بل و أصاب معظمنا نوعٌ من الشلل تجاه مركزها في العقل كما الروح بسبب "بعض" القمع الظلم الاجتماعي الديني و الفكري الذي نتعرض له يومياً فيها فكيف سيمتلكها من ولد و نشأ في أرضٍ يتفنن ساكنوه في خلق الأساليب التي عن طريقها يسلبونه كل ما يملك و أعز ما يملك..ابتداءاً بكرامته و مروراً بإنسانيته و إنتهاءاً بأبسط حقوقه و هو أن يكون له الحق في أن "يكون".

و لهذا نجد أن في حالات القمع الإنساني لليمنيين من أصحاب البشرة الداكنة السلطة ممثلةً بأجهزة الأمن لا تكترث لقضاياهم..بل أن الشعور الطاغي هو الإدانة!!..الإدانة لهم حتى عندما يُقتلون بأيدينا و يُقمعون بها..فبين وقتٍ لآخر تطالعنا المواقع الإخبارية اليمنية بجرائم قتل المهمشين دون حتى أن يكون في ذلك الخطاب الإعلامي الحد الأدنى من الإدانة أو الشجب العنيف و الذي نجدهما نوعاً ما في صياغة ذات الأخبار و التي تتعلق بغيرهم من "اليمنيين".

قبل أكثر من عامٍ تقريباً قتلت "تلك" المهمشة بتبادلٍ لإطلاق النار بين قبيلتين في مدينةٍ يمنية..اخترقتها الرصاصة لتريحها من عبء اللون كما الدونية و لكن لم يكترث أحد..لا المنظمات الحقوقية و لا الناشطون الذين يتفننون دوماً في الصراخ مطالبين بالمساواة بينهم و بين من هو "أعلى" منهم منزلةً و لا حتى الإعلام الذي تناقل صورها بمنطق "كل شيءٍ هادئ على الجبهة الغربية"!!..و لكني أعتقد أن الرب وحيداً اكترث و وحده سيكترث و وحده على ما يبدو سيظل يفعل.

من المثير للسخرية كيف أن أغلب أفراد هذا الشعب لا يملون من تكرار و بكل فخرٍ أحمق قول الرسول الكريم:"أتاكم أهل اليمن أرق أفئدة وألين قلوباً..الإيمان يمان و الحكمة يمانية"..و لكنهم لا يتوانون لحظة عن نهش بعضهم البعض كما الضباع تجاه بقايا الفريسة التي أُلقيت أمامهم!!..ذلك النهش نجده واضحاً ليس من خلال مواقف الإدانة بل من خلال مواقف الصمت و الإجماع على عدم الاكتراث بما يعانيه المهمشون يومياً.

قبل نصف شهر تقريباً قامت فتاةٌ من قبيلةٍ ما بالهروب مع مهمشٍ أسود البشرة و تزوجا بعيداً عن رفض المجتمع لهذه العلاقة رغم أنها دينياً لا يعيبها أي شيء..و من المفارقات أن المجتمع الفاضل قام بمهاجمة تلك الفتاة بسبب تصرفها هذا رغم أنه ذات المجتمع الذي كان يصرخ كما شيعي في حسينية ما عن حق هدى السعودية في الهروب من أهلها لكي ترتبط بيمني..إنه ذات المجتمع المنافق الذي تظاهر آلاف الأفراد منه من أجل حق تلك الفتاة السعودية في الارتباط بمن تحب بغض النظر عن الفارق الطبقي..إنه ذات المجتمع العنصري الذي مارس الصمت بإجماعٍ غريب عندما كانت الفتاة يمنية و الحضن المستقبل لها حضنٌ أسود..إنه ذات المجتمع الذي صمت عندما قام أفراد منه بهدم بيوت المهمشين الذين ينتمي لهم ذلك المهمش الذي ما هو إلا نسخةٌ أخرى من عرفات و لعلها أطهر..إنه ذات المجتمع الذي لم يُحرك ساكناً و لو بمقالٍ صحفي واحد يدين به ما حدث للمهمشين بسبب ذلك الحب الذي ادعى مواطنو هذا البلد يوماً ما أنهم به يؤمنون.

إنه مجتمع طبقي منافق مهما حاول إنكار ذلك..لا يكترث لأي أمر إلا لو كانت مصلحته تصب في الإدانة أو الشجب أو الاستنكار أو حتى الاستنصار..أما إذا كانت تلك المواقف لن تدر عليه أي نفع فإنه يمارس تجاهها الصمت كما تمارسه فتاة يعاشرها زوجها رغمٌ عنها..الرسول الكريم محمد و الذي يدعي اليمنيون أنه معلمهم و قدوتهم قال يوماً:"إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ..وَ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ..وَ نَبِيُّكُمْ وَاحِدٌ..لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ..وَ لا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ..وَ لا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ..وَ لا لأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلا بِالتَّقْوَى"..فهل ألقى اليمنيون الرسول كما وصاياه في أقرب مكبٍ للنفايات أم أنه كالعادة فتاة هواهم التي تُستخدم فقط عندما يريدون أن يقضوا منها وطراً أو مدحا!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون:


.. موجز أخبار السابعة مساءً - النمسا تعلن إلغاء قرار تجميد تموي




.. النمسا تقرر الإفراج عن تمويل لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفل


.. طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يعيش حالة رعب ا?ثناء قصف الاحتل




.. النمسا تقرر الإفراج عن أموال -الأونروا- التي تم تعليقها سابق