الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أرشيف طبيبة 6....-الطريق المرسوم-.

حنان فوزي المسعودي

2014 / 4 / 14
سيرة ذاتية


من ارشيف طبيبة 6 ........"الطريق المرسوم"  

قالت صديقتي....."  حصل مصادفة  انني انهيت الدراسة الاعدادية وبمعدل عال جدا...كان كافيا لقبولي في كلية الطب رغم انها لم تكن من اهتماماتي...ولكن ضغوط الاهل والمجتمع اجبرتني عليها....وفعلا..دخلت الى كلية الطب...وكنت في كل مرحلة اتجاوزها يتعاظم لدي شعوري بالغربة والنأي عن هذا المجال...ثم كان ان انهيت الكلية...واصبح لزاما علي ان امارس هذه المهنة....ولكني ياصديقتي....ببساطة لا احبها....فأنا ومنذ صغري اهوى الرسم والتصميم...ولكن من المستهجن في مجتمعنا ان انهي دراسة الطب ثم ابقى حبيسة البيت....مارست عملي كطبيبة اذن...وهنا دخلت دون ان اشعر في معمعة اختيار اجباري اخر وهو الاختصاص...فليس من المنطقي ان يبقى طبيب بدون شهادة عليا ويكتفي بشهادة الممارسة الاولية...فكان ان اخترت احدى الاختصاصات الطبية وبدأت بتحضير الماجستير  ثم الدكتوراة وهاقد مرت اثنتي عشرة سنة على اكمالي للدراسة الاعدادية...وانا اليوم طبيبة اخصائية..ولكن كل ما اتمناه هو ان يعود الزمن الى الوراء...واحقق حلمي الحقيقي..وادرس الرسم"...
ثم سألتني بحيرة...."هل تظنين اني سأتمكن من التراجع الان وهل اترك عملي الطبي واصبح رسامة مثلا".... اخبرتها ان بإمكانها تنمية تلك الهواية بالانتماء الى احدى المعاهد او الدورات الفنية..ولكنها اجابتني بيأس انها... "تمقت عملها".....وكل ماترغب به هو ممارسة عمل تحبه.....فكم يشق عليها ان تستيقظ كل صباح..تتناول فطورها ثم تذهب لممارسة عمل تكرهه ..ببساطة.... وقالت...."سيظنون إنني مجنونة ربما...لو استقلت الأن...وانتسبت الى كلية الفنون الجميلة مثلا وسيتحدث عني القاصي والداني...كأني انسانة شاذة وغريبة الاطوار"...
تأملت كلامها...وانا افكر ..معها حق..في كل ماقالته.. ففي بلادنا لانمتلك حرية الاختيار..ذلك الحق الذي يكفله المجتمع المتحضر لكل انسان..ولكننا لانستطيع سوى السير وفق طرق رسمت لنا مسبقا...وسار فيها العشرات بل المئات قبلنا.... اول عقبة تضعها شعوبنا في طريق النجاح...هو فخ "السادس الاعدادي"....فهو الميزان والصراط حقا....وهو الذي سيحدد ماتكونه خلال الاربعين عاما القادمة من حياتك...فكم من شخص ولد مهندسا او طبيبا بالفطرة ولكن منعه المعدل من ممارسة مايجيد...وكم من رسام او عازف...يمارس اليوم على مضض مهنة الطب او الهندسة..... لم تتمكن صديقتي من التراجع عندما كان عمرها ثمانية عشر عاما....فقد سارت في طريق التفوق العلمي ووجب عليها اكماله...كما لم تتمكن من التراجع عندما انهت كلية الطب...فقد قضت ست سنوات في الدراسة وعليها ان تستمر....ولم تتمكن من التراجع قبل تحصيل الاختصاص... ولا الان...بعد ان اصبحت طبيبة اخصائية....لن تتراجع...ولن تتمكن حتى لو حاولت....
نحن شعوب الطرق المرسومة مسبقا...والخطوات الفاشلة نحو الامام.... فلو خطونا عشر خطوات في طريق خاطئ طوله الف خطوة...سنفضل الاستمرار...على التراجع منذ بداية المشوار وتجربة طريق افضل...   ليس من المستغرب ان نرى رجلا غربيا تجاوز الخمسين وهو يدرس التمريض فجأة.. او ام اربعينية...قررت ذات يوم دراسة القانون.... وسينجحون فيه لانه ببساطة شغفهم وهوايتهم.
ولا يقتصر فقر الأختيار في بلدي على الدراسة ففي كل المجالات....سواء اكانت دراسة ام مهنة ام زواج فاشل..... "نحن شعوب التقدم نحو الفشل وليس التراجع نحو النجاح"...... ومازلنا نتساءل.....لماذا.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل