الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في التغيير

سنان أحمد حقّي

2014 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


في التغيير

يتكلّم كثيرٌ من السياسيين والناس عن التغيير وضرورة التغيير بل وحتميّة التغيير ، وكلها مفردات لها جذور فكريّة وفلسفيّة محدّدة لا يجب أن تُطلق جزافا.
فالتغيير السياسي والإجتماعي والإقتصادي مجتمعين أو مترابطين مع بعضهم البعض ولا يمكن أن نتوقّع تغييرا سياسيا دون تغييرٍ إقتصاديّ باعتبار الإقتصاد هو البناء التحتي للتغييرات الإجتماعيّة ، نعم يمكن أن تؤدّي بعض الإجراءات السياسيّة إلى فسح المجال والفرصة المناسبة من أجل تغييرات لا حقة في جميع المجالات ولكن أضمن طريق هو طريق إحداث تغييرات إقتصاديّة وإجتماعيّة تهيّئ الظروف للتغيير السياسي.
من جانب آخر فإن غالبية المطّلعين على الأدب الماركسي والفلسفة التي تبحث في هذا المجال وهي الفلسفة التي أنتجت مثل هذه المفردات ، كلهم يعلمون أن المنطق الدايلكتيكي وهو علم الفلسفة المتعلقة بهذا الشأن والذي إستعانت به هذه النظريات يشترط عدة شروط للوصول إلى توقيت دقيق وسليم للتغيير باعتباره إجتماعيا بالدرجة الأولى .
والتغيير الحقيقي يستلزم أول ما يستلزم تنمية المجتمع إقتصاديا لكي تتهيّأ الفرصة للتحولات السياسيّة وكل هذا يستلزم معرفة نمط الإنتاج الحالي في المجتمع أي قاعدته الإنتاجيّة ، إن كنا نستهدف تحقيق إنجاز وتغيير حقيقي.
التغيير بحد ذاته هو نقطة تحوّل غير إعتياديّة أي تحوّل نوعي في مسار التاريخ والتاريخ الإجتماعي الإقتصادي ولا يحدث بقرار منفرد أو برغبة شخصيّة بل بتراكم العمل التنموي أو ما يُصطلح عليه هذه الأيام بالتنمية المستدامة (Sustainable (
حيث يُتاح المجال إلى تراكم التحولات الإجتماعيّة الإقتصاديّة والتي يمكن أن تؤدّي إلى تحولات نوعية بحسب قوانين الديالكتيك المعروفة
إن المناداة على الناخبين لا تؤدّي إلى التغيير باعتباره نقطة تحوّل نوعيّة إجتماعيا لأن ذلك يتناقض مع المنطق الدايلكتيكي الذي قدّمنا له آنفا وللأسف نجد أن أساتذةً كبارا يفعلون هذا اليوم تاركين وراءهم أغزر الدراسات النظريّة والتجارب العمليّة حول التحولات النوعيّة إجتماعيا والتي كانت الماركسيّة من روّاد ذلك الإتجاه وتخصصت بالمعالجات المتعلقة بها.
لهذا فإن الطريق إلى التغيير الحقيقي والفعال والسريع يجب أن يبدأ بالتنمية وتعزيز الخطى التنمويّة وهذا كما هو معلوم يتطلب أيضا إستقرارا سياسيا واقتصاديا مقبولا لا يتّفق مع الأحوال السياسيّة الجارية وقد افلتت فرصة مهمة في هذا المجال عندما تم عمل فترة إنتقالية ولكنها للأسف كانت فترة قصيرة جدا جدا ويتعيّن الآن إنجاز متطلبات المرحلة الإنتقاليّة الموصوفة بأي شكل من الأشكال والتي يقتضي من خلالها إجراء عدد من الإصلاحات الإقتصاديّة وإطلاق الحريات العامة بدون شروط ولا ثوابت حزبيّة أو سياسية بعد إصدار قانون حديث للجمعيات والأحزاب السياسية وإنجاز قانون للإنتخابات وترصين نظام القضاء وضمان التقاضي السليم دون تدخّل الدولة ورفع كافة التعليمات التي تتعارض مع الدستور ، فضلا عن توعية المواطنين بالحياة الديمقراطيّة ومتطلباتها ، والإبتعاد عن المصطلحات الجاهزة كالعلمانيّة والليبرالية وحتى الديمقراطيّة بل أن تكون هناك مفاهيم عمليّة راسخة ومفهومة لدى المواطن لما هو مطلوب يُركن إليها لأن التشديد على المصطلحات الفضفاضة وغير المفهومة من قبل المواطن تزيد من الأوهام وتجعل الأهداف تسبح في فضاء متغيّر ولا يمكن معه الإمساك بها
أدعو جميع المثقفين إلى السعي والتثقيف باتجاه التغيير الحقيقي وليس فقط إيهام المواطنين بالتغيير عن طريق التصويت والدعوى إلى ذلك
أتمنى للجميع حياةً مستقرّة ولشعبنا المضحّي نوال أهدافه والإمساك بها بين يديه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع العقبة ..أي أهمية للأردن والمحيط الإقليمي لسوريا؟


.. طائرة شحن روسية تغادر قاعدة حميميم في سوريا إلى ليبيا




.. هل ينتقل سيناريو سوريا إلى العراق؟ | #ملف_اليوم


.. صور حصرية توضح اعتراض شاحنات المساعدات عند نقطة تفتيش جديدة




.. استئناف العمل بميناء اللاذقية التجاري‏