الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما لا يسود الفصل بين الفكر والسلطة (وحين يصبح النص لازمة سلطوية)

نقولا الزهر

2014 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


حين يستحال النص الفكري إلى أمر سلطوي، وبغض النظر إذا كان هذا النص عقلانياً أو غير عقلاني، واقعياً أو غير واقعي، موضوعياً أو غير موضوعي؛ يتحول إلى إيديولوجيا مفروضة على الناس، فاقدةً لتأثيرها ومفعولها الاجتماعي. وفي مثل هذه الظروف، وتحت تأثير فعل تقديس هذه الإيديولوجية السلطوية تزدهر مفاهيم الهرطقة والزندقة والتكفير والتحريف، ويجري تقسيم المجتمع إلى جماعتين: من كان مع هذه الإيديولوجيا هو من "شعب الله المختار" ومن وقف ضدها هو من" شعب الدرجة الثانية". وفي ظل هذه الإيديولوجيا المقدسة ينفش مثقفو السلطة ريشهم وتنتفخ أوداجهم مسبحين بحمدها ويتوارى إلى الزوايا والكهوف المثقفون الآخرون خوفاً من القمع والبطش. وهذا بدوره يؤدي إلى ازدهار الحركات السرية التي غالباً ما تسلك طريق العنف.
والتاريخ غني بما نحن بصدده. ولنأخذ على سبيل المثال الخليفة العباسي(المأمون).ولقد عرف تاريخياً بأنه خليفة منفتح على العلم والمعرفة والعريب والترجمة.ولقد تبنى فكر المعتزلة العقلاني وآمن بعقيدة (خلق القرآن) ولقد جعلها فكراً رسمياً لعهده،وتوسع في إجراءاته السلطوية ليرغم الفقهاء والأئمة المسلمين على قبولها. وبالفعل فقد أمر المأمون بجمع الكثير من فقهاء عصره ومنهم:
" أبو حسان الزيادي وبشر بن الوليد الكندي وعلي بن مقاتل والفضل بن غانم والذيان بن الهيثم والحسين بن حماد وعبيد الله بن عمر واحمد ابن حنبل وغيرهم وراح يسألهم واحداً واحداً عن رأيه في القرآن وكلف مأموره إسحق بن ابراهيم بسؤالهم.
"فقال لبشر بن الوليد: ما تقول في القرآن؟ فقال البشر: القرآن كلام الله. قال مأمور المأمون المكلف اسحق ابراهيم له: لم أسالك عن هذا..أمخلوق هو؟ فقال البشر الله خالق كل شيء..فقال اسحق هل القرآن شيء؟! قال هو شيء..قال اسحق أمخلوق هو؟! قال بشر: ليس بخالق..قال اسحق لم أسالك عن هذا هل هو مخلوق؟! قال بشر: هو كلام الله وإن أمرنا أمير المؤمنين بشيء سمعنا وأطعنا!!!"
ذكرني هذا الحوار بما يرويه فاديسلاف هافل عن بائعي الخضار والبقاليات في براغ الذين كانت السلطة تلزمهم بأن يضعوا شعار ماركس وإنجلز، الذي روَّسوا به البيان الشيوعي (ياعمال العالم اتحدوا)، في مخازنهم وبقالياتهم. قال له أحد بائعي الخضار:"خسارتي بوضع هذا الشعار في محلي أقل بما لا يقاس من امتناعي عن وضعه".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال