الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضد الحرب .. ومع إسقاط النظام بأيد عراقية

عبد الرزاق الصافي

2002 / 11 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 


كتب الدكتور عزيز الحاج مقالا في «الشرق الاوسط» (2002/10/30) بعنوان «القضية العراقية واليسار الاوروبي»، تطرق فيه الى امور كثيرة رأيت من المناسب مناقشة بعضها. من ذلك قوله ان «الصرخات المتصاعدة ضد الحرب على العراق» مفهومة، وان لم تكن مبررة. فهل يريد من القوى اليسارية ليس في اوروبا فحسب، بل في العالم اجمع، ان تهلل لمشاريع الادارة الاميركية، ولا اقول الامبريالية الاميركية لأنها اصبحت «صيغة قديمة» بنظر البعض لشن الحرب على العراق، وابقاء القوات العسكرية فيه لفترة قد تطول، وتعيين حاكم عسكري يتولى الاشراف على ادارة الامور، تطبيقا لقانون تحرير العراق، الذي سنّه الكونغرس الاميركي قبل اربع سنوات؟ هذه المشاريع التي لا يؤيدها سوى عدد قليل من الدول مثل بريطانيا واسرائيل، والتي للوبي الصهيوني في اميركا وانصاره في البنتاغون اليد الطولى في تخطيطها والدعوة لتنفيذها.
وورد في مقال د. عزيز الحاج ايضا قوله: «وقد كان غريبا ان يشارك يساريون عراقيون في مظاهرة لندن مؤخرا تحت شعار وحيد «ضد ضرب العراق، (مع ان الهدف هو ضرب النظام لا البلد)، ودون رفع شعارات تندد بالنظام وجرائمه وتدعو لازاحته حالا».
وقد اثار استغرابي هذا القول، وانا واحد ممن يعنيهم هذا القول، فقد شاركت في مظاهرة لندن المذكورة، والتي كانت اوسع مظاهرة تشهدها لندن منذ سنوات عديدة، وكان شعار مجموعتنا «لا للحرب، لا للدكتاتورية».
وكانت المظاهرة قد نظمت من قبل الائتلاف المناهض للحرب الذي يضم طيفا واسعا من المنظمات وقوى يسارية وغير يسارية ترفض الانخراط في تأييد مشاريع الادارة الاميركية و«سياسات واشنطن تجاه عدد من قضايانا لا تزال ظالمة ومدانة» على حد تعبير د. عزيز الحاج ـ واضيف انا، وكذلك تجاه العديد من قضايا الشعوب المحبة للحرية والسلام والتقدم الاجتماعي والديمقراطية، وتعرب غالبية القوى المشاركة في المظاهرة عن معارضتها لها انطلاقا من مصالح الفئات التي تمثلها، وليس فقط من آثار الصراع والنضال ضد الامبريالية الاميركية ايام الحرب الباردة، كما يريد د. عزيز الحاج ان يصور الامر.

ولعل اخطر ما في المقال تشويه موقف من يقفون ضد الحرب التي تعلن الولايات المتحدة الاميركية عن نيتها بشنها على العراق، لتغيير النظام الدكتاتوري الذي تتوق الغالبية الساحقة من ابناء شعبنا الى الخلاص منه، وتصوير الموقف وكأنه «ضد كل مساعدة اجنبية (حتى لو كانت اميركية) لضرب النظام العراقي»، كما يقول الحاج.
وخلاصة ما يمكن قوله بهذا الصدد هو اننا ندرك «ان الوضع العراقي بالغ التعقيد»، وان القضية العراقية قد دوّلت. وان شعبنا وقواه الوطنية، التي عانت كثيرا من ارهاب النظام واجراءاته القمعية الوحشية، التي اضعفت قدرتها على ازاحة كابوس النظام الدكتاتوري، لوحدها بحاجة ماسة الى الدعم الخارجي وفق الشرعية الدولية.
وقلنا، ونكرر القول، ان الطريق الاصح الى الخلاص من كابوس هذا النظام وضمان اقامة نظام ديمقراطي في عراق الغد، هو لقاء قوى المعارضة العراقية واتفاقها على تبني مشروع وطني ديمقراطي للتغيير، وطلب مساعدة المجتمع الدولي ممثلا بالامم المتحدة ـ بما فيها اميركا ـ لدعم نضال المعارضة العراقية ومساعدتها على تحقيق التغيير المنشود، لا ترك الامر للادارة الاميركية لاستدعاء من ترى من قوى المعارضة العراقية وتكليفها لعقد مؤتمر يبحث مهمات ما بعد التغيير، وانفراد الادارة الاميركية في تحديد اسلوب التغيير وموعده وكيفية القيام به، وبالتالي التحكم في ادارة الوضع الجديد بالاستعانة بالقوات العسكرية التي تتولى تحقيق التغيير، وقائدها العام المعين سلفا، والادارة التي يزمع اقامتها، لأمد غير معروف، ولا قدرة للاطراف، المطلوب تعاونها، لمعرفة امد ذلك.
وهذا الذي نقوله ليس من عندياتنا، بل هو ما يطرحه مسؤولون اميركيون.
اننا نعتقد ان فرقا كبيرا يوجد بين ان تتفق اطراف المعارضة العراقية، على مشروع وطني ديمقراطي للتغيير، وتطلب دعما خارجيا لتحقيقه من المجتمع الدولي ممثلا بالامم المتحدة بما فيها اميركا، وبين ان تتولى الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا تحقيق التغيير عن طريق الحرب، وتعطي لاطراف المعارضة دور تهيئة الغطاء لهذه الحرب وتبريرها، رغم ما يمكن ان تحمله من اخطار وما تجلبه من دمار لا يعرف احد مداه، وتسمية الثمن الباهظ الذي يمكن ان يدفعه شعبنا «ببعض الآلام» على حد تعبير د. عزيز الحاج.
ان بامكان الولايات المتحدة الاميركية، ومجلس الامن الدولي الذي تتحكم بقراراته الى حد كبير، ان تمد يد العون للشعب العراقي وقوى المعارضة قبل اللجوء الى الحرب المدمرة وأن تضغط من اجل تطبيق القرار اليتيم المرقم 688، الذي ظل مهملا طويلا ما يزيد على عشر سنوات واجبار النظام الدكتاتوري على تطبيقه. وبالامكان تحريك موضوع محاكمة صدام حسين وطغمته كمجرمي حرب، ومرتكبي جرائم ضد الانسانية، لتحقيق المزيد من عزلة النظام وتشديد محاصرته دبلوماسيا واخلاقيا عن طريق كشف جرائمه امام الرأي العام العالمي، ورفع معنويات قوى المعارضة الداخلية بما فيها من داخل النظام، للتصدي لمهمة اسقاطه بفعالية اكبر وبثقة بالنصر اشد.
اننا عندما نعلن اننا لا نريد ان ننخرط في المشروع الاميركي والحرب التي تعدها الولايات المتحدة الاميركية، ندرك في الوقت ذاته، ان هذا النظام اذا ما سقط لن يذرف احد من ابناء شعبنا دمعة واحدة عليه، جراء ما ارتكبه ضد شعبنا من جرائم، وما سببه لوطننا من دمار وخراب.
وسنواصل النضال من اجل رفع الحصار عن شعبنا، والغاء العقوبات الدولية المفروضة عليه واقامة العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد!

* سياسي وكاتب عراقي مقيم في لندن

الشرق الاوسط









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا تحظى سيارة بيك أب بشعبية كبيرة؟ | عالم السرعة


.. -بقنابل أمريكية تزن 2000 رطل-.. شاهد كيف علق حسام زملط على ت




.. عودة مرتقبة لمقتدى الصدر إلى المشهد السياسي| #الظهيرة


.. تقارير عن خطة لإدارة إسرائيلية مدنية لقطاع غزة لمدة قد تصل إ




.. قذائف تطلق من الطائرات المروحية الإسرائيلية على شمال غزة