الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كافكا وأورويل وزويل وقانون الغابة

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


تحتاج قصة جامعة النيل والدكتور زويل إلى الكتابة الأدبية الفنية، وليس المقالات السياسية والعلمية، كشفت روايات كافكا وأورويل، عن الحقيقة أكثر مما كشفه علماء السياسة والاقتصاد والقانون، لا يكشف الحقيقة إلا الخيال.

انتصرت العدالة البديهية البسيطة هذه المرة، على جبروت زويل ونوبل وباراك أوباما والمحامين المدافعين (عن زويل) وأصحابه من نجوم الإعلام والصحافة والأدب والسياسة، والمهرولين لكل من نال جائزة نوبل أو إعجاب باراك أوباما،

أعلن د. زويل (١٠ يناير ٢٠١٠) أنه مبعوث باراك أوباما لتطوير العلم والتعليم فى مصر، مما فتح له أبواب الرؤساء فى الحكومات المصرية قبل الثورة وبعدها، لكنه أغلق قلوب الشعب المصرى، فنشرت يومها مقالا كتبت فيه: هل يسعى الاستعمار الأمريكى لتطوير العقول فى مصر؟

ثلاث سنوات أتابع القضية كأنها خيال، مثل محاكمة القرن (ضد مبارك) أو القضية فى رواية كافكا، عشتها فى النوم أو فى الطفولة، تتكرر الأحداث على شكل دائرى لتعود لنقطة الصفر، وأعيد النظر إلى تاريخ اليوم: إبريل سنة ٢٠١٤،


يبدو إبريل عام ١٩٤٢، حين كنت طفلة، أشعر بالسعادة لكذبة إبريل، نرسل أنا وإخوتى برقية إلى طنط نعمات: ماما مريضة جدا، احضرى حالا، تأخذ قطار الفجر، تبكى الساعات الأربعة من القاهرة إلى منوف، تنزلق قدمها وهى تهبط السلم وتكاد تسقط تحت عجلات القطار، نشعر بالغبطة وهى تدخل شاحبة تنتفض، لم تكن المسكينة تملك القوة لعقابنا. ليس هناك خبث أكثر من خبث الأطفال وغلظة قلوبهم، يضحكون فى المآتم ويبكون فى الأفراح، ويمارسون جرائمهم على الضعفاء والمساكين من البشر، والقطط الوليدة والعصافير، لم نملك الشجاعة، نحن الأطفال، لنكذب على أى رجل له منصب كبير فى العائلة، أو امرأة قوية الشكيمة، مثل خالتى الأستاذة فهيمة شكرى، كانت تدب فوق الأرض بكعب حذائها الحديدى، رابطة الجأش أمام جبروت جدى شكرى بيه، كانت مديرة بوزارة المعارف وتأخذ راتبا شهريا كبيرا. لا يتخلص الأطفال من الخبث والكذب والقسوة بعد بلوغ الرشد، بل يزدادون قدرة على إخفاء جرائمهم بطبقة من المساحيق البراقة، على شكل كلمات محفوظة أو آيات مدونة فى الكتب المقدسة. تمر مراحل العمر بأسرع مما نتصور، تتغير الألسنة واللغات إلا اللغة الموروثة منذ الطفولة فى الجينات، لم يتطور البشر فوق كوكب الأرض لإلغاء قانون الغابة. تؤكد لنا الحياة أن القوة فوق الحق، نستسلم لها حتى نمرض ونموت، بعض منا يرفض الاستسلام، ربما جنون الإبداع أو جموح الخيال، نصارع الحياة والجينات والموروثات، ليرتفع الحق فوق القوة، قد نفشل ونموت كمدا أو فى السجن، وقد ننجح ويذهب الحق لأصحابه، لكن سرعان ما يتغلب قانون الغابة..

القصة المتكررة فوق كوكب الأرض، تدور الحروب حول قطعة الأرض، أطول صراع عشناه كان على أرض فلسطين، ثمانون عاما، ضاعت الأرض بالقوة المسلحة، تحت اسم عمليات السلام والديمقراطية.


وعشنا (فى مصر) قصة الصراع على أرض جامعة النيل، حاول فرد واحد الاستيلاء على أرض الجامعة لينشئ مدينته باسمه، لو كان مثلنا فردا عاديا لأودعوه السجن، لكنه كان مبعوث الرئيس الأمريكى (رغم زعامته للاستعمار الجديد) وحاصل على جائزة نوبل (رغم رفض أعظم المبدعين لها) أصبحت قوة الفرد الواحد أكبر من قوة الجامعة القومية بأساتذتها وطلابها، وأكبر من قوة القانون المصرى وحكم القضاء والدولة كلها برؤسائها وزرائها على مدى ثلاث سنوات، لكن كفاح الجامعة بطلابها وأساتذتها وصمودهم، أدى إلى صدور قرار رئيس الجمهورية بعودة الأرض لأصحابها، لكنه منح د. زويل مساحة أخرى من أرض الدولة تبلغ مائة وسبعة وتسعين فدانا، يحصل عليها مجانا، لينشئ عليها مدينته باسمه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امر محزن
علي احمد ( 2014 / 4 / 15 - 08:19 )
احمد زويل استحق نوبل وعبقري لكن اخلاقياته لم ترتفع لمستوي عبقريته العلمية لقد كان حريا ان يشعر بالالم والاسي الذي يسببه بالاستيلاء علي جامعة النيل للطلبه والاساتذة لكن انانيته المتغطرسة خلف الادعاء بما سيقدمه للبلد من خلال مدينته كانت وراء هذا التردي الاخلاقي الذي وقع فيه. زويل اخلاقيا لا يختلف عن ذوي المناصب العليا في عالمنا العربي الذين يتصرفون بانانية وغطرسة متجاوزين الاخلاق والقانون بل متحاوزين الحس العام. لقد تابعت القضية وتاسفت ان زويل هذه القامة تتردي في هذا المستنقع.


2 - تحية طيبة
مثنى حميد مجيد ( 2014 / 4 / 15 - 12:32 )
تحية طيبة
كما أتصور أنت أيضاً مرشحة لجائزة نوبل وقد أسعدني إن إمرأة سويدية في ستوكهولم تعرفت بها سألتني عنك مبدية إعجابها بك ومعرفتها بآرائك ونظرياتك ومكانتك الرفيعة . وإذا كانت نساء السويد يُقدرنك ويُعجبن بك فما أكثر الغبن اللاحق بالمرأة في مصر ومنطقتنا ؟.


3 - هذه المرة أحسست أنها الغيرة من جائزة نوبل
رشيد ( 2014 / 4 / 15 - 12:35 )
سيدة نوال إعجابي بك كمفكرة لن يتنيني على انتقادك لانني احسست في هذا المقال غيرة متعلقة بجائزة نوبل ثم ليس كل ما يأتي من امريكا فهو استعمار هذا كلام لا تقوله مفكرة مثلك أنا مغربي و تمنيت لو كان زويل مغربيا و تكلف بالتعليم ، لساندته بكل ما أملك و صراحة إذا كان علم امريكا استعمارا فأرجو أن يستعمر المغرب من جديد و ساكون خائنا لبلادي لأسهل له الدخول .
كفانا من هذا الانزواء و الرفض للآخر لأنه الآخر ، في أمريكا الصالح و الطالح ، أما زويل فهو العنصر الصالح لمصر و أرجو أن ينجح في مهمته أما مشاكل الأرض ، فالمشاريع مثل هذه فيها هذا النوع من المشاكل في كل أنحاء العالم حتى في أمريكا و زويل لا يريد الفشل لمشروعه فهو إنسان عملي و قد يرتكب اخطاء فهو عالم تجريبي لم يقل لكم أنه نبي أو ملاك أما أن يكون المشروع باسمه فهذا من حقه، فأنت تكتبين لتخلدي إسمك في التاريخ وإلا لماذا تضعين إسمك على مؤلفاتك ، يكفي من هذه المثاليات الزائفة يقول المثل المغربي - إما بارد سكة و إما حامي يكوي- أي نحن العرب دائما في التطرف إما ساخن لحد الاحتراق و إما بارد لحد التجمد ، لا نعرف للأمر وسطا.


4 - كافكا
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 4 / 15 - 14:24 )
مصر دائما كانت تتسلم المعونات الأمريكية وكذلك الشأن بالنسبة للدول العربية الفقيرة . وذلك بملايين أو بعشرات الملايين من الدولارات تذهب إلى جيوب المسؤولين الكبار مباشرة . وكل ذلك كان تحت مسميات براقة عديدة مثل التنمية أو لبناء مصالح إجتماعية فيتم تلميع سمعة البلد القوي والغني أو بالأحرى الإستعمار وإن كان بطريقة ناعمة . فتلك المعونات كانت وراءها دوافع وأسباب غير بريئة تهدف إلى جعل أمريكا كملاك نوراني يسعى لخدمة الإنسانية وحقوق الإنسان والديمقراطية وغير ذلك من الشعارات البراقة كحق يراد به باطل . لكن الحقيقة هي أننا نصبح غارقين في تبعية لا ينجو منها إلا الدول التي تحافظ على ماء وجهها وعزة نفوس شعوبها


5 - كافكا
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 4 / 15 - 14:25 )
أما مسألة الأطفال وشغبهم وخبثهم البريء وكذبهم الأبيض فقد كان من باب التسلية واكتشاف العالم والمحيط الذي يعيشون فيه دون فهمه على الطريقة التي تشفي غليل حاجتهم . فكان ذلك أمر لا يخرج عن نطاق التسلية في انتظار تحقيق أحلامهم . وينتهي ذلك لديهم عند سن الرشد بالصدمة أمام واقع لم يكن لهم يد في
بنائه . فتمر بهم رحلة العمر داخل عالم كالغابة يكتشف فيه الإنسان عن طريق الصدمة أن غابة الإنسان شبيهة إلى حد كبير بغابة الوحوش الضارية التي يتفرجون عليها على الفضائيات الخاصة بعالم الحيوان .
ودون أن يعطيهم الكتاب المقدس حلا أو جوابا على أسئلتهم التي بقيت راسخة في أذهانهم منذ طفولتهم وحية في شيخوختهم بلا أي جواب مقنع . ونموت ونذهب إلى القبر بنهاية شبيهة بفلم دراماتيكي


6 - كافكا
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 4 / 15 - 14:27 )
أما تلك الأيام التي مضت كان خلالها طلاب الجامعات مناضلين ومكافحين من أجل قيم عليا ومثل نبيلة
توحد أكثر مما تفرق وكان مستوى الطلبة من العلم يبعث على الإعجاب والإحساس بالسمو والرفعة . لكننا اليوم نواجه أجيالا في الجامعات أجهل من رجل الشارع طلبة بتخصصات لا يفقهون منها شيئا وقد أصبحوا بين عشية وضحاها مجردين من العلم الذي من المفترض أنهم كانوا يدرسونه . وباتوا غارقين حتى أعناقهم في أوهام الغيبيات مطالبين بإرجاع مرسي والإخوان إلى السلطة وأصبحت الجامعات كالأديرة بطلبة مهتمين بلحاهم أكثر من إهتمامهم بأذهانهم مع طالبات منقبات أو ضاربات بالخمار على رؤوسهم كأنهن راهبات في أديرة وليس في جامعات للدراسة والنهل من العلوم . إنها النكسة الشاملة جاءت لطمس العقول وهدر النفوس والإستسلام للذي يدفع أكثر

اخر الافلام

.. توقعات بتسليم واشنطن قنابل نوعية للجيش الإسرائيلي قريبا


.. غالانت: لا نسعى إلى الحرب مع حزب الله لكننا مستعدون لخوضها




.. حشود في مسيرة شعبية بصنعاء للمطالبة بدعم المقاومة الفلسطينية


.. فايز الدويري: الاحتلال فشل استخباراتيا على المستوى الاستراتي




.. ساري عرابي: رؤية سموتريتش هي نتاج مسار استيطاني طويل