الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايقاع والجرس في الشعر العربي 2

شاكر الخياط
كاتب ناقد وشاعر

(Shakir Al Khaiatt)

2014 / 4 / 15
الادب والفن


اذا تناولنا في هذا البحث الأسرار الجمالية للجرس والإيقاع البلاغيّ لأسلوب النداء في التعبير سنجد اننا اقرب الى مفهوم الايقاع والجرس من أي جنس ادبي او بلاغي آخر، وهذا طبعا لا يقتصر على كوننا عرب ونفهم اللغة ومعناها ، بل لان الايقاع والجرس قد يكون لغة عالمية لا تحتاج الى ترجمة، وهذا ما يحصل معنا عند استمتاعنا وتقبلنا لموسيقى الاخرين وغنائياتهم دون معرفة لغتهم، فما بالك ان كنا نحن الكتاب ونحن القرّاء في آن واحد...
وعند تناول مفهوم الجرس والإيقاع البلاغي لأسلوب النداء, سيكون ذلك اوضح الى المتلقي العربي دون غيره او لنقل اقرب من غيره ويظهر ذلك جليا في القرآن الكريم وطريقة قولبة الآيات ووضعها باطار مموسق يتجلى ذلك في شكل القراءات المتعددة التي تظفي على الايقاع والجرس متعة التقبل والانصات ربما حتى من غير العرب، هذا بالنسبة الى المنصت او السامع، لكننا نريد ان نحقق ابعد من هذا بالنسبة للمتلقي القارئ حتى وان كان من غير العرب لكنه يفهم العربية، لقد اتخذ مفهوم الإيقاع عند الباحثين اتجاهات مختلفة, وهم في نفس الوقت مجمعون على ارتباطه بالجمال الفنّي ارتباطاً وثيقاً, وأنّه القاسم المشترك بين الفنون جميعاً, وكان بعضهم يحوم حوله فيقترب حيناً, ويبتعد أحياناً كثيراً, ومن هنا ارتبطت الموسيقى كأداة فنيّة في التعبير بقيم القرآن الكريم ومفاهيمه عن الله والطبيعة والإنسان ارتباطاً جعلها من أهمّ الأدوات ذات التأثير في نفس القارئ أو المتلقي ووجدانه..... وعند محاولة البحث في الوقوف على رصد حركة الظواهر البلاغيّة وربط المسار الفنّي بالمسار النّفسي, والكشف عن المسار الإيقاعي للظواهر الإيقاعيّة وبيان قدرتها على المشاركة في الكشف عن الآفاق الكامنة وراء الظاهرة من التشكيلات والمعاني, ورصد العناصر الإيقاعية لظاهرة النداء في تكوين الظاهرة البلاغيّة, والإشارة إلى الفاعلية الإيقاعيّة لجرس الأصوات الندائية, وبيان دورها في تغذية التشكيل الإيقاعي ونموّه ولا سيما في علوم المعاني والبيان والبديع.
يمكن القول هنا عن سرّ الجمال الفنّي للنداء والسبب الذي أبعد النقاد القدماء عن الإمساك بجوهر الحركة الإيقاعيّة والإشارة إلى حقيقةٍ هامة, وهي أنّ هذه الموسيقى المعجزة التي تكمن وراء النظم القرآني هي التي مكّنت قارئي القرآن من ترتيله وتجويده دون غيره، لعله كان يستطيع ان ينشد الاشعار او الرجزيات انشادا اوغناءا، لكنه لم يألف الترتيل او التجويد بالنسبة للشعر او للكلام حتى...وهذا لوحده باب يطول الحديث فيه....
وهنا لابد لي ان اركز الى عامل مهم جدا ومحط اعتبار كل دارس وهو السلاسة وانسيابية الكلام، والانتقالات بين المفاصل دون هنة تذكر والتي حبكت بشكل رائع ومثير الى درجة التأوه او الاشادة بالنبر او قطرات من دموع ، او مفردة اعجاب ، وهذا يخصنا ربما اكثر دون غيرنا ، وارجو ان يُفهم كلامي هذا بتجرد وليس انحيازا، على انني استعرض هذا الان للدلالة والاستدلال من خلال ما اقول.... ولان اللغة العربية تمتاز بكونها لغة ذات طابع موسيقي نابع من الانسجام الصوتي في الفاظها، اذ ان صيغ الالفاظ فيها عبارة عن اوزان موسيقية ذات نغم ثابت. وعلى الرغم من هذا الطابع الموسيقي العام في الفاظه العربية، فان بعضها يمتاز بجرسه الموسيقي الخاص على مستوى الدلالة الصوتية، لان الجرس كما يقول العارفون بهذا الشأن
" خصيصة ذاتية محسوسة في بناء اللفظة من خلال تباين اجراس حروفها التي بنيت عليها، وتشكل هذه الحروف في ائتلافها وتنافرها نغم الالفاظ وقيمتها الحسية مفردة كانت او منظومة في سياق التعبير الادبي" ومن هنا فقد استقلت بعض الفاظ العربية بصيغتها الخاصة وطبيعة الاصوات التي تشكل بنيتها مما منحها صفة التفرد، وأكسبها ذائقة سمعية تختلف عما سواها من الالفاظ التي تؤدي المعنى نفسه، فكان لها استقلاليتها الصوتية، اما في الصدى المؤثر، واما في البعد الصوتي الخاص واما بتكيف المعنى بزيادة المبنى، واما بإقبال العاطفة، واما بزيادة التوقع فهي حينا تصك السمع، وحينا تهيء النفس، وحينا تضفي صيغة التأثر فزعا من شيء، او توجيها لشيء، او طمعاً في شيء وهكذا. ولما كان القران الكريم يعنى بالجرس والايقاع عنايته بالمعنى ، فقد ضم بين دفتيه مجموعة من الالفاظ ذات الجرس الموسيقي المميز، الذي ينسحب أثره على النص ويسهم في الكشف عن مكنونه الدلالي، وقد جاء ذلك في اطار اهتمام القران باختيار الالفاظ اختيارا يقوم على اساس من تحقيق الموسيقى المتسقة مع جو الآية وجو السياق، بل جو السورة كلها في كثير من الاحيان، وبخاصة تلك السور القصار التي حفل بها العهد المكي لتأكيدها أصول العقيدة الاسلامية من الايمان بالله وتوحيده، وهذا ما اكدت الانتباه اليه آنفا...على انني اعني من هذا وابغي ماهيّة اللغة، والتي كما يعرف المتتبعون والمتخصصون
" أصوات ترمز إلى معان"...
اما رأي العلماء القدماء في علاقة الصوت بالمعنى ورأي النقاد الفرنسيين بشكل خاص حين قالوا:
"....هناك علاقة طبيعية بين الصوت والمعنى، حيث بالغ فريق من الشعراء الفرنسيين المحدثين فزعموا أن " الجرس" هو كل حرف من حروف اللغة له تأثير خاص به كالتأثيرات المختلفة التي ننسبها إلى الألوان المختلفة،" ولاشك أن الاصطلاح يضعف هذه الصلة إلى حد كبير بل يمحوها في كثير من الكلمات.
للحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف