الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في ظاهرة التكرار : النصوص انموذجا

سعدي عباس العبد

2014 / 4 / 15
الادب والفن


تأملات في ظاهرة التكرار : النصوص انموذجا

___________________________

*كلّ شيء في تحول متشابه . الموت يتكرّر في هيئات متباينة برغم من انه لا يختلف عن اسلوبه الوحيد والمتفرد والمطلق . غير انه عند ارتكابه للفعل يتخذ هيئة المفعول به . وبذا فهو متكرّر مختلف . الاختلاف ليس دالته وذاته .. وانما احد مظاهره التي لا تشير الى كليته ..او المطلق . كذلك النصوص فهي ليست الا نص واحد بتويعات متعددة . متباينة بتباين المشتغلين على النص طبقا لزوايا النظر التي تعود اليهم في الرؤية , تتناسل الى رؤيات ..تلك الرؤيات تساوي الاصل .. فالعالم يشتغل على التكرار وإعادت ما انتجه الاصل .. فالفلسفة لم تأتي بنصوص جديد منذ عهد الاغريق ولكنها ابدعت في الصياغة وطرائق العرض والتحليل , اما روح الحكمة او الفلسفة فبقيت تتلفع ذات الجوهر .. حتى نستطيع القول ان سقراط لا يزال يتكرّر باقنعة وبراقع لا تفلح في اخفاء ملامحه التي نجدها في اغلبية الوجوه الفلسفية المعاصرة . وهذا الامر ليس مقتصرا على حقل معرفي ما , فتلك الظاهرة تنسحب على غالبية الحقول المجاورة .. فروح كلكامش الشعرية لا زالت حية ترزق , في ارواح العديد من النصوص المعاصرة .. وهذا يشير الى انّ الموتى لا يزالوا فاعلين في التاريخ وربما اشد تأثيرا منا نحن الاحياء ..فجمال اساطير وخرافات الاوّلين ما انفكت تعيد انتاج مروياتها ذاتها بيد انّ الصياغة اختلفت ولكن الروح بقيت فاعلة . متنامية بابدان وثياب جديدة . ليست جديدة تماما . فالعشبة التي ارّقت وشغلت كلكامش قبل قرون عديدة خلت .. هي ذاتها لم تزل تلقي بظلالها وتأثيراتها على النصوص المعاصرة .. عشبة كلكامش تتكرّر عبر التاريخ او لا زالت تنمو في حدائق وحقول الشعراء وسيزيف لا زال يرتقي مرتفع الوجود ولا زالت ذات الصخرة تحملها الكثير من النصوص الى قمة الجبل او الوجود .. اسطورة سيزيف لم تزل تنتج ذاتها او روحها في مشغل النصوص المعاصرة ..وكذلك شهرزاد وعلي بابا وجميع حكايات الف ليلة وليلة وسائر خرافات الكهوف والصحاري وشعائر وطقوس المعابد .. فالرقص هو ذاته الذي كان يجري في المعابد .. ذاته يحدث الآن ولكن بلون وايقاع وجرس مختلف .. ولكن روح الرقص لن يشوبها تبدّل ..ربما اتخذ الآن بعدا آخر كتعبير عن البهجة في المفهوم الساذج المتداول في العقل الشعبي ..اكثر مما هو تعبير عن شعيرة وطقوس دينية او مايتعلق بهما على نحو ما ..او كتعبير فني يجسد عبر الجسد الراقص صراع الانسان مع قوى الطبيعة الغامضة في مظاهرها المتجلية في حدوث الكوارث ..المراثي السومرية نجد لها مظاهر متجسدة في سلوك النادبات الجنوبيات او احيائهنّ لتلك المراثي المتوارثة شفاهيا عبر التاريخ الشفهي فروح المراثي بقيت لم تتغيير تحمل في تضاعيفها طابع الحزن الناتج عن طبيعة وظروف تلك الحضارة .. يحمل خواص وصفات ذلك الانسان .. فحزنه الناتج في الغالب من قهر الطبيعة او كانت سببا جوهريا في انتاج احزانه عبر ماتحدثه من كوارث كالفيضانات والزلازل والاوبئه والآفات التي كانت تفتك بالحرث والنسل .. فالحزن في تلك الحضارة غيره عن مظاهر الحزن الآن ..لكن روح الحزن المتمثلة في صراع الانسان مع قوى الوجود الغامضة والطبيعة .. بقيت نفس الروح تتجدّد في مظاهر مختلفة , لكن الروح استمرت راسخة في جوهرها وخواصها ..فرعون لا ازال يبعث في كل حقبة عبر مراحل التاريخ .. فرعون الاصل او النسخة الاصلية طمرها غبار الزمن في كهوف النسيان . ولكن روحه اقصد خواص الانسان السادي ما زالت تتناسل الى ارواح عدة من الفرعونات .. تتناسل على نحو ما نشهد عبر الازمنة من تكاثر لطواغيت ..فالروح .. روح الطغاة لن تموت بل تتحذ هيئات وابعاد جديد خلال تكررها المزمن ..وكذلك هي ارواح العظماء لن تموت بقدر ماتأخذ لون آخر فروح الحسين وجدت لها متنفس او ثغرة انسانية في روح جيفار فتسللت عبر تلك الثغرة الروحية بقطع النظر عن الخواص التي تتمتع بها تلك الارواح العظيمة ..فقد كان يجمعها مشترك نبيل لن يتغير على مدى التاريخ . هو طابع الخير المجبولة عليه ارواح العظماء النبلاء.اما فيما يتعلق بافكار الانسان هي ذات الافكار التي كانت تشغل ذهن الانسان عبر التاريخ .. حتى انك تتفاجأ عندما تطالع في كتاب يتحدث عن عصر ما . انها نفس الافكار التي يتناولها او يعالجها الكتاب . كانت تدور بخلدك . فالافكار تكاد تكون متماثلة ليس في التفاصيل بل في العموميات الناتجة عن تشابه العوامل الموضوعية المتجانسة .. فالنصوص التي تُكتب الآن لها مذاق او نكهة تعود لنصوص أٌنتجت في زمن ما , اقصد تشابه الظروف التي انتجت كلا النصين .. فالنص الذي يعالج ازمة او مشكلة الحرية هو نفسه الذي انتج في المراحل العبودية التي تمرّ بها الشعوب المظهدة ..فالحرية لا تتجزء او تختلف في مذاقها ولونها من شعب الى آخر .. فهي مشكلة كونية كالحوع والحبّ والقحط يشترك فيها الانسان في كل زمان ومكان .. فالنص الذي انتج في الحقب التي يسود مناخها القمع والقهر يجد له صدى عند نص آخر بالرغم من تباعد الزمان والمكان وهكذا تتجدّد مظاهر التكرار بقطع النظر عن خواص الروح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صابر الرباعي يكشف كواليس ألبومه الجديد ورؤيته لسوق الغناء ال


.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس




.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-


.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت




.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً