الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن يغلبه زمن

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2014 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


تهدف النظم الحاكمة إلى طمس الذاكرة التاريخية للفرد والشعب، فالتاريخ يعنى تذكر الماضى والاستفادة من الأخطاء السابقة، لا يوجد إبداع دون ذاكرة، ولا يمكن بناء مستقبل أفضل دون نقد الماضى، ويتم قتل الذاكرة بنظم التعليم والتهذيب وتكنولوجيا التعذيب، تحلم الشعوب بعالم يخلو من الظلم والفقر والخداع، تخرج فى الثورات، لا تهاب الموت، تلجأ الحكومات الى القمع لإجهاض الثورة وتأديب الشعب، يفشل القانون (العالمى والمحلى) فى عقاب الأقوياء، رغم التشدق بالعدالة والقانون، محكمة العدل الدولية تتعرض لضغوط أمريكية، وتفشل فى محاكمة أى رئيس أمريكى (أو إسرائيلى) بل يحصل بعضهم على جائزة نوبل للسلام (أوباما وبيجن)، وسجن جوانتانامو تعرض المحققون لضغوط أمريكية، من أجل إيجاد علاقة بين النظام العراقى وتنظيم القاعدة، وتم انتزاعها بأشد وسائل التعذيب، ولفق جوج بوش مبررا لغزو العراق عام، 2003 تشحن الولايات المتحدة الأمريكية سجناءها خارج حدودها، ليحمل عنها جريمة التعذيب بلاد أخرى.
وقد أجبرت كوبا، تحت تهديد السلاح، على قبول سجن جوانتانامو على أرضها، وأجبرت بلاد أخرى، تحت تهديد قطع المعونة أو الإغراء بمعونات جديدة، وفى عام 1991 دخلت مصر الحرب مع أمريكا ضد العراق، مقابل سبعة مليارات دولار أمريكى، ومنذ تلقى أنور السادات المعونة الأمريكية فى السبعينيات، ومصر تتدهور اقتصاديا وثقافيا وأخلاقيا، بالإضافة الى الفتن الطائفية ومحاولة تقسيم البلاد، تتفوق الولايات المتحدة الأمريكية فى اختراع وسائل التعذيب، بسبب تطورها العلمى لتصنيع الأسلحة الفتاكة وتكنولوجيا التجسس والقمع، والتى تعبئها الى البلاد الأخرى مع القروض والمعونات توفق النظام المصرى فى الخداع والتعذيب، وفى خريف عام 1981، أودع (السادات) ألفا وستمائة من المعارضين فى السجون، تحت اسم التحفظ فى مكان أمين، قاومت وزميلاتى فى سجن النساء فقدان ذاكرتنا، تحت وطأة التهديد بالإعدام، أو التلويح بالاعتداء البدنى علينا، أو التلميح بإيذاء أطفالنا فى البيت أو المدرسة، وتم نشر الشائعات فى الصحف، التى تشوه سمعتنا الأخلاقية، ومنها الخيانة والتآمر مع دول أجنبية ضد مصالح الوطن تتكرر هذه الجرائم فى كل عهد مع المعارضين للنظام، ونشهدها اليوم مع بعض شباب الثورة المناضل، وقد نجحت ثورة يناير 2011 ويونيو 2013، فى إسقاط رأسى النظام، مبارك ومرسى، لكن جسد النظام بقى، لم تتغير دعائمه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية، نشهد عملية تغييب الوعى وذاكرة الشعب، وتطل الرءوس التى توارت بعد الثورة، وتنشر الشائعات عن ترشح مبارك لانتخابات الرئاسة المقبلة؟ وهل ينسى الشعب المصرى الأموال التى هربت ولم تعد؟، والأرواح التى زهقت والدماء التى أريقت دون أن يعاقب أحد؟، فقدان الذاكرة التاريخية للفرد والشعب ظاهرة خطيرة، ليس لأنها تخرق المبادئ الانسانية والأخلاقية فقط، ولكن لأنها تضع الأسس لجرائم جديدة فى الحاضر والمستقبل، تفوقت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل فى هذا المجال، بحكم إبادتهما شعوبا أخرى، تحت اسم المبادئ العليا.
قامت دولة الولايات المتحدة على الدماء، ذبح القراصنة البريطانيون الشعب الأمريكى الأصلى، وأعطوهم اسم الهنود الحمر، رغم أنهم لم يكونوا هنودا ولم يكونوا حمرا، واعتبروا قتلهم مشروعا، تحت اسم بناء الأمة الجديدة المختارة من الله، وقامت دولة إسرائيل أيضا على دماء الشعب الفلسطينى تحت اسم الأرض الموعودة لشعب الله المختار، وتستخدم الولايات المتحدة الأموال لتشجيع الجرائم تحت اسم الانسانية والديمقراطية، وتتدفق المعونات الأمريكية، تحت اسم حقوق الانسان، على حكومات تعذب مواطنيها وتنتهك حقوق الانسان، بشرط تحقيقها المصالح الأمريكية والاسرائيلية، تفقد الشعوب الذاكرة بالقمع أو بالخداع، تنصحهم حكوماتهم بالنسيان تحت اسم التسامح، والنظر الى الأمام وليس الى الوراء، وهى فكرة تخدم أصحاب القوة الضاربة.
أما الشعوب المضروبة فهى تطلب المحاكمات العادلة، من أجل عدم تكرار الجرائم، وتتكرر الجرائم، فالقوة هى التى تحكم، ولا يقدم للمحاكمات إلا الضعفاء، أما الأقوياء فلا يتعرضون للمحاكمة، أو يقدمون لمحاكمات صورية، مثل محاكمة القرن، التى تمتد إلى الأبد لينساها الشعب، تجسد الولايات المتحدة القوة الضاربة العظمى، وميزانيتها العسكرية تساوى ميزانيات دول العالم مجتمعة، وقواعدها العسكرية فى كل مكان بما فيها قطر، وامتلاكها أحدث تكنولوجيا الدمار الشامل، وتحذو أسرائيل حذوها باعتبارها المالكة الوحيدة للترسانة النووية العسكرية فى منطقتنا، يؤثر ذلك على الحكومات المتعاقبة فترتعش وتتخبط وتنهزم، لكن الشعب المصرى لا ينهزم، ويواصل النضال الى الأبد، وإذا الشعب خرج فى ثورة، فلن يغلبه زمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لن يغلبه زمن
ناس حدهوم أحمد ( 2014 / 4 / 16 - 16:29 )
نوال السعداوي التي زج بها السادات في السجن ضدا على حرية رأيها التي عبرت عنه بالكلمات وليس بالرصاص . لا زالت أفكارها تتنقل عبر الأثير وعبر الإنترنيت وعبر الكتب وكل وسائل التواصل . ولا زال محبوها وتلامذتها من جيل إلى جيل ينتظرون عطاءاتها وإبداعها الحر . إذن السادات طواه النسيان
والإهمال . لكن نوال الأنثى الجريئة الحرة المدافعة عن كرامة المرأة وكرامة المواطن في كل مكان . لازالت تكتب وتبدع وتحيا وتتربع على منبرها تسمع صوتها وتشحد قلمها دفاعا عن الإنسان . إذن نوال هزمت جلادها وانتصرت على سجانها ويوم ترحل هذه الفنانة العظيمة عن عالمنا بالتأكيد سوف نحزن لفراقها ونبكي لرحيلها لأن الأجيال المقبلة لا زالت في حاجة إليها . أما السادات لم يبك أحد من أجله سوى عائلته . لم يحزن أحد لأجله سوى منافقوه . وقد طواه الزمن دون أن يتحسر أحد عليه . السادات يساوي القمع . ونوال تساوي الحرية والكرامة التي لا زال الشعب المصري يطالب بهما . بقلم نوال ومثيلاتها نساءا ورجالا وبكفاح المصريين سيتحقق المراد لمصر ولسائر شعوب الأمة العربية .


2 - فضائية روســــــيا اليوم
كنعان شماس ( 2014 / 4 / 17 - 23:58 )
عرضت مدير في مخابرات صدام يعترف انهم بموافقة صدام وعلاقتهم الطيبة مع الاخوان المسلمين في سوريا عرضوا خدماتهم على الشيخ ابن لادن مرتيــــــــــــــــن . رفض الشيخ خشية تلويث اسلامه النقي بنظام صدام الكافر . اطلب سالم الجميلي على اليوتيوب وهناك سترى ان القاعدة تستنكف قبول خدمات صدام . ان اتهام صدام بالتعاون مع القاعدة كان صحيحا لكن القاعدة رفضت التعاون معــــــــه

اخر الافلام

.. أبرز القضايا التي تصدرت المناظرة بين بايدن وترامب


.. الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه ترامب يتبادلان الاتهامات بع




.. هل يتنحى بايدن؟ وأبرز البدلاء المحتملين


.. توثيق اشتباكات عنيفة في رفح جنوبي قطاع غزة




.. آيزنكوت: يجب على كل الذين أخفقوا في صد هجوم السابع من أكتوبر