الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حريق وزارة الإعلام

محمد كمال

2014 / 4 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية



تناقلت الصحف المحلية يوم الثلاثاء ٢٥ مارس ٢٠١٤ خبراً مفاده أن حريقاً قد نشب في إحدى مباني وزارة الإعلام ظهر يوم الأثنين وان أفراد الدفاع المدني تمكنوا من إخماد الحريق وان الخسائر كانت مادية صرفة ولم تسجل أية إصابات بشرية، وأفادت إدارة الدفاع المدني بأن سبب الحريق حسب المعلومات الأولية هو تماس كهربائي، خلال الفترة من ٢٥ مارس، يوم نشر الخبر، الى يوم ٢٩ مارس كان هناك صمت مطبق، أربعة ايام تمر دون حس ولا خبر، في الوقت الذي كان من المفترض البديهي أن تخرج وزارة الاعلام، من موقع المسؤولية المباشرة تجاه الدولة والمسؤولية الأدبية تجاه الرأي العام، ببيان رسمي او مؤتمر صحفي لكشف الغموض عن حادث الحريق الذي أثار استغراب الرأي العام وهو ينتظر إيضاحاً لملابسات الحريق، كان من المهم أن تبادر الوزارة بكشف المعلومات والملابسات الأولية المتوفرة إضافة إلى أن أعلى سلطة في الوزارة تتحمل المسؤولية الإدارية وأن هذه الإدارة بصدد تشكيل لجنة مهنية بالتعاون مع الجهات المعنية للتحقيق في الحادث، إن بياناً أو مؤتمراً بهذا المنحى والمحتوى أمر طبيعي وتتوقعه الأوساط الرسمية والشعبية والإعلامية «الصحفية»، ولكن شيئاً من هذه المبادرات الطبيعية والمألوفة في الأجواء الديمقراطية لم يحصل رغم التغريدات الكثيرة والمتباينة والتي في مجملها كانت ناقدة ولم تكن تستسيغ صمت الادارة العليا في وزارة الاعلام، إلى أن فاجأتنا جريدة الايام في عددها ليوم الأحد ٣٠ مارس وعلى الصفحة الاولى بمعلومات ملبدة بدخان الحريق عنوانها «لغز حريق الاعلام دون حل وصمت مطبق من الهيئة...أوساط إعلامية واجتماعية: شركة مشبوهة عملت مع «حزب الله» تسلمت الاستوديو» عنوان مثير للدهشة والحيرة ويحمل في حد ذاته ألغاماً مغلفة بلغز كبير عسير على الهضم والاستيعاب، في ظهر نفس اليوم خرجت سعادة الوزيرة من صمت الوزارة فعقدت مؤتمراً صحفياً تتهم فيه جريدة الايام بشأن ما نشرتها من معلومات غير متوقعة وتبعث على شيء من الريبة حول الحريق وما خرج من ثنايا دخان الحريق، بينما جريدة الايام وهي إحدى روافد السلطة الرابعة في دولة المؤسسات تقوم بدورها الإعلامي بمهنية الصحافة المسؤولة أمام الرأي العام وأمام سلطات الدولة، وهي بهذا السبق الصحفي تكون قد خدمت وزارة الإعلام ذاتها، و بطبيعة الحال أن تمتد هذه الخدمة إلى المجتمع والدولة.
في اليوم التالي للمؤتمر الصحفي لسعادة الوزيرة ردت جريدة الأيام على اتهامات الوزيرة بوثائق مصورة تبين إحداها صورة لخطاب من سعادة الوزيرة إلى مجلس المناقصة والثانية صورة لمدير الشركة المشبوهة وهو في استضافة قناة «المنار» والثالثة صورة لتغريدة من أحد المواطنين تقول: «للعلم الشركة المشبوهة استلمت ٣ ملايين دينار بالاضافة للاستوديو المتكامل»، و من غير المستبعد أن تكون هذه الجريدة من داخل بيت الوزارة أو من جهات وزارية اخرى على علاقة رسمية بحيثيات العقد المبرم مع الشركة المشبوهة.
وهكذا تتوالى تبعات القضية من حادث حريق يتبعه صمت ويعقب الصمت تفجر لغز من العيار الثقيل ومؤتمر صحفي للتعاطي مع هذا السبق الإعلامي «اللغز» بخطاب الدفاع عن الوزارة من قبل سعادة وزيرة الاعلام، وقد ردت جريدة الايام على هذا الخطاب بالكشف عن بعض جوانب اللغز بصور ناطقة، وإذا بحادث الحريق تتفجر من ثنايا دخانه أدخنة أخرى تحمل الغازاً وتفجر ترددات إعلامية وخطابية إلى أن وصلت ترددات الصدى الإعلامي إلى ردهات مجلس النواب واستثارت غريزة الاصطياد لدى النواب، كل حسب قاعدته الفكرية والأيديولوجية وأجندته السياسية، وكان للمجلس جلساته ومواقف النواب والتي في معظمها رأت ضرورة تشكيل لجنة تحقيق، هذه اللجنة التي كان يجب أن تتشكل منذ اليوم الاول دون أدنى معاناة ولا مواجهات إعلامية ومضيعة لوقت النواب في المجلس النيابي وكان يمكن أن يحفظ كثيراً من ماء الوجه.
مع تداعيات حادث الحريق واتساع دائرته إلى قضايا أخرى اكثر جدية وأهمية، فإن لجنة التحقيق في هذه القضية تجد نفسها أمام قضية متشعبة، فهناك الحريق كحادث من حيث مسبباته المباشرة وغير المباشرة والأسباب الجوهرية المرتبطة بالإدارة العليا، والأمر الآخر هو اللغز الذي تشير دلالاته إلى وجود تعاملات بين الوزارة وجهات خارجية في علاقة تعاقدية، وهي في صلب متطلبات وزارة الإعلام في هكذا معاملات وعقود، وحيث أن القضية قد تشعبت إلى قضيتين مختلفتين في طبيعتهما فإن مهمة لجنة التحقيق ستكون معقدة متشابكة، وهنا يتبادر إلى الذهن استفسار حول إمكانية وجود علاقة سببية بين الحريق واللغز، وكيف يمكن لهذه اللجنة أن تبت في قضية الحريق بمهنية علم التحقيق في حوادث الحريق، وفي قضية اللغز بمهنية علم التحقيق في الشؤون الإدارية، فنحن إذاً أمام مجالين مختلفين في قضايا التحقيق، وأمام معضلة الربط، إن وجد، بين القضيتين.
هذه مسائل حساسة ودقيقة وقد تمثل تحدياً صعباً أمام الجهة العليا التي سوف يوكل إليها مهمة الإشراف وإدارة مجريات التحقيق.
ولكن تبقى في الأذهان أسئلة أخرى كثيرة ومنها:
- لِمَ لَمْ يتعرض أحد للقضايا المتعلقة بمجمل اللغز قبل حادث الحريق؟
- هل هناك علاقة سببية بين اللغز والحريق خاصة وأن اللغز الذي كان كامناً في ثنايا إدارة الوزارة لم يتم كشف الغطاء عنه إلاّ بعد حادث الحريق؟
- هل يُعْقَلْ أنه لم يكن بالإمكان الكشف عن اللغز إلاّ بحادث مثل الحريق؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مستشرق إسرائيلي يرفع الكوفية: أنا فلسطيني والقدس لنا | #السؤ


.. رئيسة جامعة كولومبيا.. أكاديمية أميركية من أصول مصرية في عين




.. فخ أميركي جديد لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة؟ | #التاسعة


.. أين مقر حماس الجديد؟ الحركة ورحلة العواصم الثلاث.. القصة الك




.. مستشفى الأمل يعيد تشغيل قسم الطوارئ والولادة وأقسام العمليات